Heart Matters

القلب يغيّر إدراكنا الحسّي!

02 : 00

لماذا تتغير حساسيتنا تجاه الحوافز الحسية الخارجية مع تبدّل خفقان القلب؟

يرصد بحث جديد رابطاً بين الحوافز الخارجية ومعدل ضربات القلب. يقال إن الدماغ والقلب يعملان بطرقٍ معاكسة. يكون الدماغ مركز التفكير المنطقي والموضوعي، بينما يُعتبر القلب مركز العواطف والحدس. لكن ثمة رابط وثيق بين هذين العضوَين ولا يحتكر أي منهما المنطق أو العاطفة.

يتسارع خفقان القلب حين نفكر بمسألة مرعبة أو مثيرة للحماسة مثلاً. في المقابل، يتحسن مزاجنا عند ممارسة الهرولة صباحاً ويبذل القلب والرئتان في هذه اللحظات جهوداً مضاعفة.

أراد باحثون من معهد "ماكس بلانك" للعلوم المعرفية والدماغية البشرية في "لايبزيغ"، ومن "كلية برلين للعقل والدماغ" في ألمانيا، استكشاف هذا الرابط.

إخم0خزكستعان العلماء بـ37 متطوعاً وأجروا ما مجموعه 960 تجربة. في 800 تجربة منها، بثوا صدمة كهربائية خفيفة في الإصبع الأوسط أو السبابة من اليد اليسرى لدى جميع المشاركين. ذكر المتطوعون اللحظة التي شعروا فيها بذلك الحافز وحددوا الإصبع الذي استشعر الصعقة.

أخبر الباحثون المشاركين بأن كل تجربة تشمل حافزاً معيناً، لكن خَلَت التجارب المتبقية (عددها 160) من أي حافز. خلال كل تجربة، استعمل العلماء تقنية تخطيط الدماغ الكهربائي لتسجيل النشاط الكهربائي في الدماغ، وتخطيط القلب الكهربائي لتسجيل النشاط الكهربائي في القلب. فاكتشفوا آليتَين تفسّران برأيهم طريقة تأثير القلب على الإدراك الحسي. تكشف الآلية الأولى كيف تُغيّر مرحلة خفقان القلب تجربة الوعي.

أجرى فريق العلماء نفسه بحثاً سابقاً تبيّن فيه أن الناس يصبحون أقل قدرة على رصد الصدمة الكهربائية الضعيفة وتحديد موقعها أثناء انقباض القلب (أي حين يضخ القلب الدم في أنحاء الجسم)، مقارنةً بما يحصل أثناء انبساط القلب (أي حين يمتلئ القلب بالدم مجدداً).

تربط الدراسة الجديدة بين هذا التغيير في الاستشعار وميزة بارزة في نشاط الدماغ الكهربائي: إنها إشارة P300 المرتبطة بالوعي.

يبدو أن هذه الإشارة تكشف إلى أي حد يكون الحافز الحسي "مفاجئاً". تصبح الإشارة أكبر حجماً حين يكون الحافز غير متوقع، ما يجعله أكثر استحقاقاً للانتباه الواعي.

كذلك، اكتشف الباحثون أن إشارة P300 تضعف أثناء انقباض القلب. ربما يحصل ذلك برأيهم لأن النبض المرافق لارتفاع ضغط الدم الذي يسيطر على الجسم كله حين ينقبض القلب يكون حافزاً متوقعاً ولا يستحق انتباهاً واعياً. يجب ألا يخلط الناس أيضاً بين الحوافز الداخلية والذاتية، مثل ضربات القلب، والحوافز الخارجية. لكن يبدو أن ضعف إشارة P300 في الدماغ أثناء انقباض القلب يتزامن مع تراجع حساسيتنا تجاه الحوافز الحسية التي ترافقها.

تركيز داخلي أم خارجي؟

أما الآلية الثانية التي تربط بين القلب والإدراك الحسي، فيبدو أنها تتوقف على طبيعة تركيز الانتباه: هل هو داخلي أم خارجي؟

تعكس ميزة مختلفة في نشاط الدماغ الكهربائي، اسمها "آثار ضربات القلب المفتعلة"، إلى أي حد ندرك إيقاع قلبنا في تلك اللحظة.

إكتشف الباحثون أن قدرة المتطوعين على رصد الصدمات الكهربائية وتحديد موقعها تراجعت حين كانت آثار ضربات القلب المفتعلة قوية.

توضح المشرفة الرئيسة على الدراسة، إسراء آل: "يحصل ذلك على ما يبدو نتيجة توزيع انتباهنا بين الإشارات البيئية الخارجية وإشارات الجسم الداخلية".

إلى جانب النتائج المثيرة للفضول، قد يؤثر البحث الجديد أيضاً على قطاع الرعاية الصحية. بعد التعرض لنوبة قلبية أو جلطة دماغية، قد يختل التواصل المتبادل بين القلب والدماغ.

يضيف آرنو فيلرينغر الذي شارك في الإشراف على الدراسة: "قد تسهم النتائج الجديدة في تفسير إصابة المرضى بمشاكل قلبية بعد تعرضهم لجلطة دماغية، أو إصابة مرضى القلب بخلل في وظائفهم المعرفية".


MISS 3