رابط بين التعرّض للرصاص في الطفولة والجرائم المستقبلية

02 : 00

أصبحت مخاطر التعرّض للرصاص معروفة، وهي تتراوح بين الإصابة بتشنّجات مريعة والشلل وسط الحيوانات وحصول حالات إجهاض لاإرادي لدى البشر.



الرصاص نوع من السموم العصبية، وهو يرتبط على ما يبدو بمشاكل عقلية واختلالات في النمو، بما في ذلك تراجع معدّل الذكاء. تكشف مراجعة جديدة الآن أن التعرض للرصاص في بداية الحياة قد يزيد السلوكيات الإجرامية في مراحل متقدمة من العمر.

تقول عالِمة الصحة البيئية، ماريا خوسيه تالاييرو، من جامعة «جورج تاون»: «تُعتبر السياسات الرامية إلى منع التعرّض للرصاص بالغة الأهمية. يكشف بحثنا زيادة النزعة إلى تبنّي سلوكيات إجرامية في سن الرشد إذا تعرّض الفرد للرصاص أثناء وجوده في رحم أمه أو خلال مرحلة الطفولة».

رصد الباحثون رابطاً عاماً بين التعرّض للرصاص وظهور خصائص عدائية في مراحل لاحقة من الحياة، بما في ذلك وفرة السجلات الإجرامية. لكن عثر الباحثون على 17 بحثاً يتماشى مع معاييرهم وركزوا على المشاركين بشكلٍ فردي، لذا عجزوا عن إثبات قوة هذا الرابط.

لكن تتماشى هذه النتائج مع دراسات سكانية كشفت أن تخفيف التعرّض للرصاص ساهم في تقليص مستويات الجرائم في الولايات المتحدة خلال القرن العشرين.

تؤكد تالاييرو وفريقها ضرورة استكشاف ما يحصل على المستوى الفردي. لكن على ضوء الآثار البيولوجية المعروفة للرصاص والروابط القائمة على مستوى السكان، يشدد الباحثون على ضرورة التحرك فوراً.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «تشير هذه النتائج كلها إلى وجود رابط قوي بين التعرض للرصاص والسلوكيات العدائية وغير الاجتماعية، علماً أن هذه الخصائص ترتبط بتصرفات إجرامية لاحقة».

يتراكم الرصاص في الجسم مع مرور الوقت، وما من مستوى آمن للتعرض له. يكون الأولاد تحديداً أكثر عرضة للمخاطر. يضيف الباحثون: «لا يمتص الأولاد الرصاص أو يفكّكونه بالطريقة التي يفعلها الراشدون، وهم أكثر عرضة لآثار الرصاص السلبية بسبب قابلية اختراق الحاجز الفاصل بين الدم والدماغ وسرعة نمو أعضائهم».

خلال القرن العشرين، كان البنزين الذي يحتوي على الرصاص ويُستعمل لتزويد السيارات بالوقود السبب الأساسي للتعرّض للرصاص. يعني ذلك أن 170 مليون شخص راشد في الولايات المتحدة وحدها أصبحوا أكثر عرضة للأمراض العقلية، ومشاكل القلب والأوعية الدموية، وأمراض التنكّس العصبي، بسبب تعرّضهم للرصاص في مرحلة الطفولة.

رغم الجهود الرامية إلى تخفيف التعرّض للرصاص في الطفولة، كشفت دراسة جديدة أن نصف مليون طفل أميركي تقريباً يحملون مستويات قابلة للرصد في دمهم.

تتعدّد مصادر التلوّث بالرصاص حتى الآن، منها الصناعات الثقيلة والبنى التحتية المتهالكة مثل أنابيب الرصاص التي سبّبت حالة تسمم كارثية في مياه الشرب في «فلينت»، ميشيغن، في العام 2014.

كذلك، قد يتعرّض الناس للرصاص لأسباب غير متوقعة، منها ألعاب الأطفال التي يتم شراؤها من أسواق غير منظّمة، أو الطلاء القديم، أو وقود الطائرات، أو أوعية الطعام المطلية بالرصاص.

عندما حلل الباحثون المستويات المرتفعة والمخيفة من السم العصبي وسط أولاد بنغلادش في المناطق الريفية، تفاجأوا حين اكتشفوا أن هذا العنصر يُستعمل كمادة مضافة في أشهر توابل المنطقة، الكركم، لتقوية اللون الأصفر في المنتج.

غالباً ما يتعرض أكثر الناس حرماناً للسموم العصبية، لكن تكشف هذه المراجعة الجديدة أن المجتمعات كلها قد تتأثر بالمخاطر التي يتعرض لها من يفتقرون إلى الوسائل اللازمة لحماية أنفسهم.

في النهاية، يستنتج الباحثون: «سيكون تجنّب التعرض للرصاص أساسياً لحماية الصحة العامة وزيادة الأمان في المجتمعات ككل».


MISS 3