جيمس وونغ

بيئة

نحو كوكب أكثر خضاراً

19 أيار 2020

02 : 00

في عالمٍ تطغى عليه شكوك متزايدة في جميع المجالات، يسهل أن نصدّق أي نبأ سار! من الطبيعي إذاً أن يصبّ التركيز في السنوات الأخيرة على الدراسات التي اكتشفت أن زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تُحسّن الحياة النباتية. حتى أن البعض ذهب إلى حد استعمال أثر "تخصيب ثاني أكسيد الكربون" كدليل على أن زيادة النباتات قد تخفف آثار التغير المناخي. ما صحة هذه الاستنتاجات؟

في المقام الأول، لا تدخل الدراسات التي ترتكز عليها هذه الادعاءات في خانة "الأنباء المزيفة"، فهي مُصمّمة بشكلٍ مدروس وغالباً ما تعكس إجماعاً علمياً راسخاً. وبما أن ثاني أكسيد الكربون يُعتبر من مخلفات التركيب الضوئي الأساسية، قد تتحسن هذه العملية عند زيادة كمياته.

استناداً إلى الصور التي تلتقطها الأقمار الاصطناعية، نعرف أيضاً أن سطح الأرض أصبح أكثر خضاراً مما كان عليه منذ عقود، وترتبط هذه النتيجة على الأرجح بزيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون. تذكر الدراسات أن هذا النمو المتزايد قد يتخلص من 25% من الانبعاثات، أي ما يساوي مجموع آثار الكربون في الصين التي تنتج أكبر كمية من الانبعاثات في العالم.

قد يكون جمع الصور عن مساحات النباتات والأشجار على سطح الأرض طريقة بسيطة وفاعلة لتقدير مستوى الكربون الذي تمتصه من الغلاف الجوي، لكنها ليست مقاربة دقيقة بالضرورة. تخزّن النباتات معظم كميات الكربون تحت الأرض ولا تستطيع الأقمار الاصطناعية رصدها.

تستنتج الدراسات التي تثبت ارتفاع مستويات التركيب الضوئي تزامناً مع زيادة كميات ثاني أكسيد الكربون أن تلك المنافع، رغم أهميتها، تبقى قصيرة الأمد. حين لا يعود ثاني أكسيد الكربون عائقاً، تواجه النباتات في نهاية المطاف أكبر عائق بعده، مثل كمية النيتروجين المتاحة (هذا المعدن أساسي لنمو النباتات وغالباً ما تحصل عليه من التربة). بالتالي، لا تعني زيادة كميات ثاني أكسيد الكربون بمستوى قياسي توسّع الغطاء النباتي بدرجة غير مسبوقة، إذ تتعدد العوامل الأخرى التي تعيق نمو النباتات.

يسهل أن نتوقع تأثير الكميات الزائدة من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي على درجات الحرارة العالمية. بحسب كمية الانبعاثات التي نكبحها، من المتوقع أن يزيد متوسط حرارة العالم بين 1.5 و4.5 درجات مئوية فوق المستويات المسجلة قبل الحقبة الصناعية خلال هذا القرن. تنذر النماذج المتاحة بأن هذه الظروف قد تجعل 67% من النباتات تخسر نطاق نموها السليم، ما قد ينعكس بطريقة كارثية على الزراعة العالمية، وستصبح أي مكاسب من تخصيب ثاني أكسيد الكربون حينها غير مجدية.

وفق هذه السيناريوات، قد يتراجع حصاد المحاصيل الثلاثة الأساسية التي تعطينا معظم سعراتنا الحرارية: بنسبة 7.4% للذرة، و6% للقمح، و3.2% للرز. قد تتحقق هذه النتيجة فيما تكثر التوقعات حول زيادة عدد سكان العالم بأكثر من 3 مليارات نسمة. في بعض الأماكن، من المتوقع أن تتفاقم تداعيات الحرارة على المحاصيل تزامناً مع تراجع هطول الأمطار، كما في جنوب شرق أستراليا، فقد تصل نسبة التراجع إلى 70%. لكنّ زيادة الكربون في الغلاف الجوي لا تؤثر على الإنتاجية فحسب، بل على نوعية المحاصيل أيضاً. حتى أن كثافة المغذيات ستتراجع بدورها.

في النهاية، قد تعطي زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون منافع مباشرة على نمو النباتات لفترة، لكن لا بد من تحليل هذه النتائج عبر تقييم سلبيات آثارها غير المباشرة على النباتات والمحاصيل الغذائية التي نتكل عليها جميعاً. تبدو هذه السلبيات هائلة، لذا يصعب أن نعتبر ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون "مفيداً" للنباتات.