مازن مجوز

10% يحصلون على العلاج خارج لبنان

وهب الأعضاء: نقص في العرض زيادة في الطلب

19 أيار 2020

02 : 00

بطاقات لمن يرغب بالتبرّع
"بحب قلك "بشكرك من كل قلبي" على هذا العطاء العظيم الذي غيّر حياتي كلها، وأعادني من الموت، وجعلني مفعماً بالأمل والنشاط والإيمان بالمستقبل، وأبقاني إلى جانب عائلتي وولدي" بهذه الكلمات يتوجه فادي متى إلى من وهبه قلبه منذ حوالى 9 سنوات، واهبٌ لا يزال يجهل أدنى معلومةٍ عنه، رحلةُ فادي التي شهدت 3 محاولات زرع قلب ( من واهب ) على مدى 8 أشهر، تكلّلت بالنجاح في المحاولة الثالثة، وكل تلك المسيرة كانت برعاية ومتابعة الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية وطبيبه المختص.




للراغبين بالوهب والتبرع بعد الوفاة يرجى الإتصال برقم الهيئة الوطنية 05760760 أو 532908 03، أو بإمكانه تعبئة البطاقة اونلاين على موقع الهيئة الالكتروني www.nodlb.org او في جميع فروع مكتبة مالك.

بدأت معاناة متّى منذ حوالى 15 عاماً، إثر تعرضه لزكام ما لبث أن أصاب عضلة القلب وبدأت حالته الصحية تتدهور تدريجياً، وعلى الرغم من خضوعه للعلاج المطلوب، إلا أن وظيفة عضلة القلب ظلت تتراجع بنسبةٍ كبيرة من 45-50% إلى 20% بعد 4 سنوات من العلاج، نسبةٌ جعلته بحكم "الميت" لكنها لم تحرمه من نعمة الأبوة، بعدما رزقه الله بطفلة.



وهب الأعضاء... وهب الحياة



آنذاك كان ابن منطقة الفنار في الثلاثينات من عمره، وبدأ يفكر بمصير عائلته، لكن طبيبه المختص بادر الى الإتصال بالهيئة، ثم عرّفه عليها وقام بتحضير ملفه بالكامل، ليُبلغها متّى أنه بحاجة الى أحدٍ يهبه قلبه، بعدها بقي على لائحة الإنتظار 4 سنوات.

ويضيف: "بعدها عرضت مشكلتي في برنامج نحنا لبعض على قناة LBCI، بالتنسيق مع الهيئة، وناشدت فاعلي الخير، وبعد مضي 5 أشهر كانت المحاولة الاولى التي فشلت بعدما رفضت زوجة الواهب الفكرة، تلاها فشلُ المحاولة الثانية بسبب التعب الذي تعاني منه صمامات القلب (قلب الواهب)".



فادي مع ابنته



الثالثة ثابتة

وبعبارة "إن شاء الله هذه المرة بادرة خير" التي سمعها متى من طبيبه، تبين أن قلب ( الواهب ) مطابق، ومعه الأنسجة والدم والعمر والوزن، واليوم وبعد 9 سنوات يعيش متى حياة شبه طبيعية مع عائلته، متخذاً إجراءات الحيطة والحذر من جائحة كورونا نظراً لضعف جهاز المناعة لديه، متوجهاً بالشكر لواهب ممنوع عليه معرفته "الله بالتأكيد يعرفه، والشكر الكبير أيضاً للهيئة ولطبيبي وجميع أفراد عائلتي الذين دعموني وساندوني في أصعب لحظات حياتي وأقساها " ويعد متى واحداً من أصل 20 مواطنا في لبنان وجدوا متبرعين لهم بأعضاء في الفترة ما بين 2011 و2014، نسبة الوهب تراجعت إلى ما بين 4 – 8 متبرعين في السنوات الخمس الأخيرة، بحسب المنسقة العامة في الهيئة الوطنية فريدة يونان، عازيةً الأسباب إلى عدم الاستقرار المادي، وعدم تبني الدولة البرنامج الذي وضعته الهيئة، والتعاون الخجول من المؤسسات الاستشفائية (وعدم الالتزام بالإعلان عن كل الوفيات الحاصلة في العناية الفائقة والطوارئ، يجعل عملية الوهب مستحيلة)، مشيرةً الى عدم وجود القوانين المتطورة التي تحدد الضوابط القانونية والاخلاقية والاجتماعية لبرنامج وهب وزرع الأعضاء والأنسجة.



لتعيش بقلبي وعيش بقلبك



تضافر الجهود هو الأساس

وتشرح في حديث لـ"نداء الوطن": "زرعُ الأعضاء هو العلاج الافضل لكل مريض يعاني قصوراً مزمناً في وظيفة عضو من الاعضاء الحياتية مثل القلب، الرئة، الكلية...لكن بسبب نقص الاعضاء الموهوبة، هناك 10% فقط من المرضى يحصلون على علاجهم عالمياً"، لافتةً إلى أن الهيئة أنجزت كل البنى التحتية لبرنامج وهب وزرع أعضاء وأنسجة متطور، على غرار برامج الدول الاوروبية، مستدركةً "لكن ينقصنا الدعم القانوني والمادي لتأمين إستمرارية هذه القضية الانسانية بامتياز، لأننا نعلم أننا قادرون بتضافر جهود كل العناصر (الدولة والمؤسسات الاستشفائية والمجتمع) أن نصل الى مستوى الدول المتقدمة في هذا المجال. وإذ تكشف عن أننا على تواصل مستمر مع الدولتين الإسبانية والفرنسية بهدف تطوير برنامجنا من خلال إتفاقيات تعاون بين الهيئة الوطنية وبين المنظمات الوطنية العاملة في هذه البلدان، توضح "أننا نواكب ونشارك في كل المؤتمرات العالمية الخاصة بموضوع وهب وزرع الأعضاء، لتطوير إمكاناتنا، وبغية نشر الانجازات التي حققناها".

وتشدد يونان على أن كل الطوائف الدينية في لبنان تدعم وتشجع فكرة وهب الأعضاء، ولكن الخلل يكمن في عدم تعميم الفكرة بشكل جدي داخل الطوائف ولعامة الناس، مؤكدة أن الهيئة تشرف وتراقب كل مراحل عملية الوهب مع المؤسسات الاستشفائية وعلى مدار الساعة، كما أن الهيئة الوطنية تعمل مع وزارة التربية والتعليم العالي على تدريب المعلمين لإدخال وهب الأعضاء في البرنامج التربوي، وتعمل مع مركز البحوث والانماء لإنجاز المادة التربوية الملائمة لكل فئة عمرية.


مواطن يملأ بطاقة تبرّع



مبادرة جامعية تطوعية

وإنطلاقاً من ضرورة التوعية في هذا المجال الإنساني، أطلق طلاب وطالبات سنة أولى علاقات عامة في كلية الإعلام - الفرع الأول في الجامعة اللبنانية حملة "هب، لتَمنحَ الحياة"، مبادرةٌ تطوعية بأهدافٍ إنسانية، وذلك من ضمن تنفيذ الجزء التطبيقي لمادة (العلاقات العامة والإعلان) بإشراف الدكتور حاتم الزين.

الفكرة التي بدأت في تشرين الثاني من العام الجامعي (2019 - 2020)، تبلورت لتُصبح حملة توعية للتبرع بالأعضاء بالتعاون والتنسيق مع الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء والأنسجة البشرية (NOD)، ويشير الزين إلى أن الفريق تألف من 15 طالباً وطالبة، توزعت مهامهم في إتجاهات عدة، وتهدف المبادرة الى تحقيق هدفين:الأول إنساني والثاني تعليمي، "فثقافة الانسان والإنسانية في هذا المجال تغيرت ونعوّل على هذه المجموعة من الطلاب على لعب دور إيجابي وفعال بالتنسيق مع الهيئة، بعدما لمست جهودهم التي بذلوها في سبيل إنجاح حملتهم، وأنا أحثهم على ديمومة المبادرة وتحقيق استراتيجيتها وقد بدأوا العمل على تطوير عدة أفكار".

واللافت أن الفريق الجامعي نجح في إقناع العديد من المواطنين بالتوقيع على استمارة الوهب الخاصة بالراغبين بوهب الاعضاء، وسُلمت الى الهيئة الوطنية لأنها المسؤولة القانونية عن سجل المتبرعين " لعبنا على سيميائية المعنى ودلالاته في شعار الحملة ( هِب، هَب )، تحقيقاً للغموض البناء (وهب الاعضاء والثاني النجدة ) تاركين الخيال للمتلقي.



بدوره يعلق الطالب نادر شمس" "

إحدى حملات الهيئة الوطنية لوهب وزرع الأعضاء

كما هو معروف أن الحملات التوعوية - الارشادية لا تموت، بل تستمر في كل النواحي، ونحن متفائلون بعد رفع حال "التعبئة العامة" بالحصول على تمويل من جهاتٍ عديدة كوزارة الصحة أو برعايتها لحملاتنا" مضيفاً "أننا بدأنا التخطيط لتوسيع نشاطاتنا لتضم كليات غير كلية الاعلام، ومتطوعين من المجتمع المدني والاهلي، والأهم أن ننجح في تحقيق الوعي الجماعي في المجتمع باعتبار موضوع الوهب من المواضيع الشائكة"، شارحاً "في ظل المخاطر المجتمعية المتأتية من تجارة البشر والشبكات الدولية لتجارة الأعضاء، بات العالم يحتاج الى وعي إجتماعي عالمي، ونأمل أن ننجح في إقامة حصص توعوية داخل المدارس والجامعات حول أهمية هذا الموضوع".

وفي الختام يتوجه متى برسالتين الأولى لمن ينتظر واهب يهبه أحد أعضائه أو أنسجته: "لا تيأسوا، تأملوا بالخير دائماً، على الإنسان أن يتمسك بفسحة الأمل كي يبقى على قيد الحياة، والثانية لمن يفكر بالوهب "أعضاؤنا وأنسجتُنا كلها فانية، وسيأكلها الدود عندما نموت، أوليس الأفضل والحري بنا أن نهبها لأشخاص يكونون بأمسِ الحاجة إليها؟ يكونون بانتظار هذه اللحظة منذ أشهر وربما منذ سنوات، فليفكر كل من يرغب بهذا الوهب العظيم ملياً وبهذه الثقافة الإنسانية، لأنه ينقذ حياة الكثيرين".


MISS 3