عيسى يحيى

إفطار في بعلبك عــلى وقْع صوت القذائف... والسوق حركة بلا بركة

21 أيار 2020

02 : 00

السوق التجاري في بعلبك

"أُعلن العيد في بعلبك"،"إنتصرنا على كورونا"،"حان موعد الإفطار حسب التوقيت المحلي لإطلاق القذائف والرصاص"، وغيرها من الشعارات التي ضجّت بها وسائل التواصل الإجتماعي في بعلبك، نتيجة إشتباكات مسلحة بين عائلتين، إستمرّت لأكثر من ساعتين واستخدمت فيها القذائف الصاروخية والرصاص الذي تساقط على منازل الآمنين.

عشرات الآلاف من الدولارات تناثرت أمس في سماء بعلبك وقبلها الكثير، ثمن أعيرة نارية وقذائف تُستخدم عند كل خلاف، فيما الوطن يقع تحت أزمة الدولار وسعره المتقلّب واختفائه من السوق، والكثير من الناس يبحثون عن ربطة خبز لا يستطيعون الوصول إلى ثمنها، وعن مأوى يقيهم شرّ الرصاص المُتساقط على رؤوسهم وبيوتهم كزخّات المطر، وعن هيبة دولة أعان الله فيها الجيش على ما يتحمّله من مشقّات حيث ناشده المواطنون أمس التدخّل ووقف تلك المعركة التي تكرّرت في أماكن أخرى قبل أيام، حتى أصبح الناس يومياً على موعد مع هذا المسلسل المُخيف والمُرعب، مُطالبين المحافظ ايضاً بالتحرّك وتنفيذ وعوده بضبط الأوضاع الأمنية.

لا يصحّ القول في ما شهدته بعلبك "لا داعي للهلع"، فترويع الناس والأطفال والإختباء في الزوايا عند موعد الإفطار، بدل أن تجتمع العائلة على المائدة بعد نهار صيام طويل مشكلة يجب أن تُحلّ، وعلى الدولة أن تحسم أمرها في ضبط هذا السلاح المتفلّت الذي بات يُشكّل عبئاً ثقيلاً علينا، يقول أحد المواطنين لـ"نداء الوطن"، ويضيف بأن السلاح كان زينة الرجال ولا يزال، ولكنّه في مواجهة العدو وساحات الشرف، لا على بعضنا البعض، والمطلوب اليوم هو ميثاق شرف بين عشائر وعائلات بعلبك لوقف هذا التدهور الحاصل في التعاطي مع المشاكل التي لا يسلم منها أحد، والوعي مطلوب، فالمصيبة عندما تقع ستطال الجميع وستعّزز الأحقاد بين أبناء المنطقة.

متلازمة إطلاق النار وإشعال سماء بعلبك بالقذائف الصاروخية وترويع الناس، مسألة قديمة جديدة لم تقضِ عليها كل الخطط الأمنية التي نُفّذت، والمطلوب أن تُستكمل حين تتوافر الظروف، خصوصاً وأن أوضاع الناس الإقتصادية الصعبة بدأت تُرخي بظلالها على الأمن الإجتماعي وتُهدّده، حيث عادت تنشط عمليات السرقة والتشليح، كان آخرها سلب عدد من رؤوس الأغنام في الجرد وسرقة سيارات، فيما يرتفع الصوت اليوم للمطالبة بالعفو العام لكي تستعيد المنطقة أمنها وأمانها، وتفتح صفحةً جديدة مع الدولة، قائمة على الحقوق والواجبات وكفّ التعقّبات عن المطلوبين.

"كورونياً"، إستعادت منطقة بعلبك الهرمل جزءاً من نشاطها بالتزامن مع عودة فتح المحال والأسواق التجارية منذ صباح الإثنين، إثر قرار الحكومة الأخير المتزامن مع حلول عيد الفطر، حيث يُسابق المواطنون عداد "كورونا" المستمرّ في الإزدياد، ويتهافتون على شراء حاجاتهم وفق المستطاع، ويتنقّلون في السوق من دون أدنى ضوابط الحيطة والحذر والسلامة العامة.

وبالرغم من قول المثل "الرزق عند تزاحم الأقدام"، يعيش سوق بعلبك وفق اصحاب المحال التجارية، حركة بلا بركة، حيث يضجّ بالناس الذين يجولون على المحال ويتفرّجون على البضائع، يُبهتون بارتفاع الأسعار، ثم يعودون أدراجهم خالي الوفاض، والتجّار يتحسّرون على الواقع الذي وصلوا إليه، وحركة المبيع التي انخفضت بنسبة 70 بالمئة مقابل ازدياد الأسعار ثلاثة اضعاف. ويزداد الوضع سوءاً عن السنة الماضية بحسب ع . ج، صاحب أحد المحال الذي قال لـ "نداء الوطن" إنّ سوء الأوضاع الإقتصادية وإنعدام القدرة الشرائية للمواطنين والبطالة التي ضربت أكثرية الشباب والعائلات أدّت إلى تراجع حركة المبيع، فيما معاش الموظفين أصبح لا يساوي شيئاً أمام فرق الدولار والأسعار فانخفضت مستويات شرائهم. وخلال الحديث معه، حصل إطلاق نار على أطراف المدينة ليستطرد بالقول: "إن الأوضاع الأمنية تلعب أيضاً دوراً اساسياً في الدورة الإقتصادية، ونتيجة إطلاق الرصاص هذا سيخلو السوق من الناس بعد أقلّ من نصف ساعة، فهَمّ الناس بالدرجة الأولى اليوم أصبح حياتها والحفاظ عليها، وختم بأن التعويل كان في المراحل السابقة على المطلوبين والتجّار لإنعاش الحركة الإقتصادية أما اليوم "فالكلّ بالهوا سوا".