إناث الضفادع تتظاهر بالموت لتجنّب التزاوج

02 : 00

إستكشف الباحثون عادات التزاوج العدائية لدى بعض الضفادع، واستنتجوا أن الإناث تعمد في معظم الأوقات إلى التظاهر بالموت لتجنب الذكور اللجوجة.

ركّزت الدراسة الجديدة على الضفدع الأوروبي الشائع (رانا تمبوراريا)، ويقول المشرفون عليها إن الاستنتاج الذي توصلوا إليه يتعارض مع الفكرة التقليدية القائلة إن إناث الضفادع تستسلم لرغبات الذكور من دون إبداء أي مقاومة خلال موسم التزاوج.

عندما تتزاوج الضفادع الأوروبية الشائعة، ليس غريباً أن يتجمّع ستة ذكور حول أنثى واحدة ويلتصقوا بها. في موسم التزاوج المزدحم، يبدو أن الوقت لا يسمح لهذه الكائنات بالتعارف.

قد يصبح هذا الجدول متعباً جداً لإناث الضفادع، حتى أنه يطرح خطورة على حياتها أحياناً. عندما يتجمّع عدد من الذكور حولها للتزاوج، تبدو الأنثى في معظم الأوقات عاجزة عن التخلص من الذكور غير المرغوب فيها، وقد يدفعها هذا الصراع إلى الغرق. لحسن الحظ، تملك إناث الضفادع الأوروبية بعض الدفاعات، علماً أن العلماء اكتشفوها بالصدفة.

كانت عالِمة البيئة كارولين ديتريش، وعالِم الزواحف والبرمائيات مارك أوليفر روديل من معهد «لايبنيز» للتطور وعلوم التنوع البيولوجي في ألمانيا، يجريان في الأصل تجارب على هذه الفصيلة لاختبار نزعة الذكور إلى تفضيل حجم معيّن لجسم الإناث.

وضع الباحثون اثنتين من الإناث بأحجام مختلفة داخل وعاء من الماء مع ذكر واحد، ثم سجلوا سلوكيات الضفادع طوال ساعة. لم يرصد العلماء أي نزعة إلى تفضيل حجم معيّن، لكنهم لاحظوا أن الإناث تميل إلى تجنب سلوكيات معينة، فقرروا استكشاف الموضوع.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «لاحظنا أن ثلاث إناث لجأت إلى سلوكيات معينة لتجنب التزاوج، أبرزها «الدوران»، و»صيحات التحرر»، والجمود الناشط (أي التظاهر بالموت)».

في المحصلة، أمسك الذكور بـ54 أنثى لمحاولة التزاوج معها، ولوحظ أن المجموعة التي حاولت تجنّب التزاوج جرّبت تقنيات متنوعة.

إستعملت 83% من مجموع الإناث العالقة تقنية شائعة تقضي بتدوير جسمها أثناء إمساك الذكر بها. يظن الباحثون أن هذه الطريقة تهدف على الأرجح إلى اختبار قوة الذكر وقدرته على التحمّل، أو قد تكون وسيلة لإضعاف الذكور وتسهيل غرقها.

لجأت 48% من إناث الضفادع إلى إطلاق صيحات معينة، وهي استراتيجية خادعة تقضي بتقليد صيحات ذكور الضفادع لخداع الذكر ودفعه إلى إطلاق سراح الأنثى.

في المقابل، قررت 33% من الإناث التظاهر بالموت بكل بساطة لتجنب التزاوج. من الناحية العلمية، لجأت هذه الإناث إلى تقنية الجمود الناشط، ما يعني أن تصبح أطرافها الممدودة متصلبة وألا تتفاعل مع تحركات الذكر.

في النهاية، نجحت 25 أنثى في الإفلات من قبضة الذكور. كانت الإناث الأصغر حجماً أكثر ميلاً إلى الهرب، وزاد احتمال نجاحها كلما تراجع حجم جسمها.

تكشف هذه الدراسة جانباً جديداً عن استراتيجيات التزاوج وسط الضفادع الشائعة وأجناس أخرى تستعمل مقاربات مشابهة.

يوضح الباحثون: «قد يكون الجمود الناشط خياراً أفضل من المقاومة ومحاولة الهرب، لأن أي حركة ضمن مجموعة كبيرة من الضفادع تجذب تلقائياً انتباه عدد إضافي من الذكور المجاورة، ما يزيد احتمال تجمّع الذكور حول الأنثى للتزاوج».

يعترف الباحثون بأن تجاربهم قد لا تعكس طبيعة تلك السلوكيات في الحياة البرية. لكن قد يصبح العلماء أكثر قدرة على حماية الطبيعة والحيوانات إذا استكشفوا الاستراتيجيات التي تلجأ إليها الضفادع في حالات مماثلة. إنه هدف أساسي في ظل زيادة أجناس البرمائيات التي أصبحت مُهددة.

إذا كانت إناث الضفادع أكثر ميلاً إلى التظاهر بالموت في البيئات غير المألوفة مثلاً، يستطيع علماء البيئة أن يتخذوا خطوات مستهدفة لمنع تقسيم الموائل وإيصال إناث الضفادع إلى مساحات آمنة ومألوفة.

يأمل الباحثون في أن تُمهّد هذه الدراسة وأبحاث أخرى لاحقة لتحسين طرق حماية هذه الكائنات الاسفنجية المثيرة للفضول.

نُشرت نتائج البحث في مجلة «الجمعية الملكية للعلوم المفتوحة».


MISS 3