سيلفانا أبي رميا

من الوثائقيات والعلاج الدرامي إلى أفلام الخيال

زينة دكاش: أكتب فيلمي الجديد بمشاركة سجناء سابقين

19 تشرين الأول 2023

02 : 05

زينة دكاش

لم يكن الأثر الذي تركته الممثلة والمؤلفة والمعالجة النفسية والأستاذة الجامعية زينة دكّاش صغيراً حين قرّرت بشكلٍ فجائي الإنتقال من عالم الكوميديا الساخرة إلى الدراما والعلاج بها. إذ نجحت ابنة العقيبة الكسروانية في دخول السجون والإختلاط بالمساجين وتغيير الصورة البشعة التي اعتدناها كما وتطبيق قوانين بقيت لعقود حبراً على ورق.اليوم، تُكمل دكاش سلسلة نجاحاتها بقفزة نوعية جديدة إلى عالم أفلام الخيال، حيث كشفت في حديث لـ»نداء الوطن» تحضيرها لفيلم ضخم محوره الإعدام، ينطلق تصويره قريباً بمشاركة سجناء سابقين وأسماء تمثيلية مرموقة من العالم العربي.



ما قصة الفيلم الجديد الذي تعملين عليه؟

أقوم حالياً بكتابة فيلم خيالي جديد، وقد انطلقت بالنصّ منذ حوالى الثمانية أشهر بعدما وقع اختيار شركة الإنتاج عليّ لكتابة العمل الجديد الذي سأعكس فيه للناس تجاربي التي اكتسبتها داخل السجون على مدى 14 عاماً. العمل المنتظر ضخم وسيُعرض على أكبر المنصات الشهيرة والمعروفة جداً. أمّا أحداثه فتدور في كنف عائلة واحدة خلال حقبة التسعينيات في لبنان وما رافق حقبة ما بعد الحرب الأهلية من بحثٍ عن المفقودين، حيث نُفّذ عدد كبير من عمليات الإعدام. فبين عامَي 1994 و1998 شهدنا ما يفوق الـ14 حالة إعدام.

أخبرينا عن التفاصيل التي يمكنك كشفها عن هذا العمل؟

لا يمكنني الإفصاح عن الكثير، لكن أستطيع القول إنّ الفيلم مقتبس عن قصة مشهورة جداً وهو نسخة جديدة لواحد من أشهر الأفلام العالمية. كما سيكون من إنتاج شركة Front Row التي قامت بإنتاج فيلم «أصحاب ولا أعزّ». ووفقاً للخطة والمواعيد التي وضعناها، وفي حال لم نواجه أي عراقيل وبقي الوضع في البلد مستتباً، من المفترض أن ينطلق تصوير الفيلم مطلع العام 2024 في بيروت ومناطق أخرى. كذلك سيتكوّن فريق التمثيل من ممثّلين معروفين بعالمنا العربي بالإضافة إلى بعض السجناء السابقين.





ما الذي يميز عملك الجديد هذا عمّا سبقه؟

هذه المرة الأولى التي أقوم فيها بكتابة نصّ فيلم خيالي، بعدما اعتدت وعُرفت بالنوع الوثائقي، خصوصاً الأفلام الوثائقية الثلاثة التي أنجزتها أخيراً والتي جالت عروضها العالم، كما نال كلّ منها ما لا يقلّ عن 8 جوائز من مهرجانات عالمية مرموقة، وهي: «يوميات شهرزاد»، «السجناء الزرق» و12 لبناني غاضب». وما يميّز هذا الفيلم هو أنني أقوم بكتابته بمشاركة شباب خرجوا حديثاً من سجن رومية.

لماذا ابتعدت عن الأضواء وخصوصاً عن الشاشة الصغيرة؟

إبتعدت عن الشاشة الصغيرة حيث تركت برنامج «بس مات وطن» قبل توقّفه بسنتَين، ولم يكن قراري هذا لسبب معيّن. كنت أعشق الكوميديا والتمثيل لكن فكرة التلفزيون والشاشة الصغيرة باتت مع الوقت غير مرضية بالنسبة لي خصوصاً مع الأزمات التي مرّ بها لبنان والتي صعبت عليّ أداء مشاهد الاستهزاء والسخرية ولو من باب الفكاهة. ناهيك عن أنّ ثورة المنصات الرقمية أثرت بشكل كبير على التلفزيون وعدد مشاهديه الذي شهد تراجعاً ملحوظاً. لذلك، تفرّغت لعملي كمعالجة نفسانية ومدرّبة تحفيزية لموظّفي الشركات، كما انخرطت أكثر في أعمال المسرح داخل السجون ومستشفيات الأمراض النفسية والعلاج الدرامي.

بين الدراما والكوميديا أيهما تختارين ولماذا؟

الكوميديا عشقي الأول وتأخذ الحيّز الأكبر من إهتماماتي وموهبتي، لكن ذلك لا يعني أنني لا أفكر وأتحمّس لخوض أعمال وأدوار دراميّة.

ماذا في رصيدك اليوم؟

في رصيدي اليوم حوالى الـ6 مسرحيات و3 أفلام وثائقية، عدا عن الأعمال التي ساهمت في تعديل بعض القوانين اللبنانية. فعلى سبيل المثال نجح «12 لبناني غاضب» في تطبيق قانون تخفيض العقوبات القانونية لحسن السلوك الذي بقي لسنوات حبراً على ورق في لبنان، كما أنّ مسرحية وفيلم «يوميات شهرزاد» أدّى إلى تطبيق قانون حماية أفراد العائلة من العنف الأسري عام 2014 والذي كان مشروع قانون فقط. كذلك، آخر عمل لي «السجناء الزرق» The Blue Inmates أوصلنا في العام 2016 إلى تقديم مشروع قانون يخصّ المجانين ومرضى الصحة النفسية الموجودين في السجون، وما زلنا بانتظار المعنيين للاطلاع عليه وتعديل القانون الذي وُضع عام 1943 والذي يقول: «إنّ كل مجنون، كل معتوه وكل ممسوس ارتكب جرماً، يبقى في السجن لحين الشفاء»، وهو حكم ظالم وغير مقبول طبعاً.



مشاهد من الفيلم

مشاهد من الفيلم

مشاهد من الفيلم



ما أروع ما قدّمته خلال مسيرتك؟


إجابتي واحدة منذ سنين حتى اليوم، أروع عمل قدّمته هو «12 لبناني غاضب» لما شكّله من تحدٍّ لي مع الدولة اللبنانية، حيث دخلت في العام 2007 امرأةً عادية إلى داخل السجون وتمكّنت من إقناع المعنيين بإنشاء مسرح في الداخل وفتح أبواب السجن أمام الجمهور للدخول ومشاهدة مسرحيات أبطالها من المجرمين والمحكومين.

«12 لبناني غاضب» عمل ضخم مسرحياً وقانونياً وفنياً، ومنه انطلقت مسيرتي داخل السجون مطفئةً عامها الـ14. كما أعتبر هذه المحطة تاريخية في حياتي وبمثابة طفل من أطفالي.

لو لم تكن زينة ممثلة ومعالجة بالدراما ماذا كانت لتكون؟

لو لم أدخل التمثيل والعلاج الدرامي، لكنت اليوم طبيبة بيطرية، أحب الحيوانات وهذا الإختصاص لطالما أحببته حتى إنّني تسجّلت في الجامعة وخضت امتحان الدخول وتمّ قبولي، لكنني في اللحظة الأخيرة أدَرت دفّتي نحو عالم التمثيل.



السجناء الزرق



ما أصعب ما في مسيرتك؟

أصعب ما في مسيرتي وما خضته وأخوضه بين التمثيل والعلاج بالدراما وحالات السجون، هو وجود هذا كلّه في بلد يحمل حفنة صغيرة جداً من الأمل في نجاحنا ونجاح مشاريعنا والتغيير نحو الأفضل.




MISS 3