لم تتوقف الدعوات الحازمة الى تحييد لبنان عن الحرب في غزة، واتخذت هذه المرة منحىً جديداً يتمثل بموقف دول «اليونيفيل» من «الانتهاك الفاضح» لالتزامات لبنان بموجب القرار الدولي الرقم 1701 الذي أنهى حرب عام 2006. وكان لافتاً الموقف الذي أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس وأكد فيه «أنّ لبنان ملتزم الشرعية الدولية»، وكأنه يجيب عن سؤال يتعلق بالموقف الرسمي من الانتهاكات المتصاعدة للقرار1701. وهذه الانتهاكات جعلت الأعمال العسكرية التي يمارسها حالياً «حزب الله» ومعه فصائل فلسطينية، بمثابة «قواعد اشتباك جديدة» على طول «الخط الأزرق» على الحدود الجنوبية.
ماذا في المعطيات الديبلوماسية الجديدة حول انتهاكات القرار 1701؟ يكشف مصدر واسع الاطلاع لـ»نداء الوطن» أنّ أبرز ما يركّز عليه الموفدون الدوليون في محادثاتهم مع القيادات السياسية والعسكرية والأمنية هو السؤال عن التزامات الدولة اللبنانية بمنع خرق القرار الدولي؟
وقال المصدر إنّ وزراء الخارجية والدفاع وسفراء الدول التي تشارك في قوات «اليونيفيل»، «حمّلوا الدولة اللبنانية مباشرة المسؤولية عن أمن ضباطها وجنودها وسلامتهم، تعبيراً عن خشية متعاظمة من تعرّض هذه القوات لاعتداءات من جماعات مسلحة تنشط في منطقة الجنوب وسط عجز الدولة اللبنانية عن ردعها».
وأشار المصدر الى أنّ «دولاً عدة تحدثت صراحة عن اتجاهها الى سحب قواتها أو خفض عديدها الى أدنى حدّ». وهذا ما ألمح اليه وزير الدفاع الالماني بوريس بيستوريوس، عندما قال من بيروت «إنّ الوقت ليس مناسباً لخفض عديد «اليونيفيل».
ورأى المصدر «أنّ بدء سحب وحدات من هذه القوات، سيكون مؤشراً سلبياً جداً الى أنّ الأمور ذاهبة في الجنوب الى أسوأ مما كانت عليه قبل الاجتياح الاسرائيلي عام 1982».
وفي سياق متصل، استقبل أمس الرئيس بري قائد الجيش العماد جوزاف عون. ووزعت دوائر بري على هامش نشاطه أمس «أنّ لبنان ملتزم الشرعية الدولية، وهو يمارس حقّه المشروع في الدفاع عن نفسه أمام العدوان الإسرائيلي الذي يستهدف لبنان».
في المقابل، خرج الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله من دائرة الابتعاد عن الأضواء بعد احتجاب بدأ عملياً مع بدء تطورات غزة في السابع من الجاري. ولم يقطع هذا الاحتجاب سوى لقاء جمعه ووزير خارجية إيران حسين أمير عبد اللهيان عندما زار لبنان في 13 الشهر الجاري. وأورد موقع «العهد» الالكتروني التابع لـ»الحزب» أنّ نصرالله تلقى اتصالاً هاتفياً عن «طريق آمن» من رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل. وعلم من مصادر «التيار» أنّ تحرّك باسيل أمس يستجيب رغبة من «حزب الله» في تأمين «غطاء» واسع له في المرحلة الراهنة. وزار باسيل لهذه الغاية كلاً من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط.
ورداً على سؤال قال جنبلاط: «إذا أمكن أن نتفق على رئاسة الجمهورية، لا مانع لديّ، وليس لدي اسم، بل نختار سوياً مع الفريق العريض».
ومن المواقف البارزة التي دعت أمس الى تحييد لبنان عن حرب غزة، ما جاء خلال إحياء السفارة الاميركية في بيروت الذكرى الأربعين لتفجير مقرّ مشاة البحرية الأميركية في بيروت في 23 تشرين الأول 1983، إذ أعلنت السفيرة الأميركية دوروثي شيا: «نرفض، ويرفض الشعب اللبناني، تهديدات البعض بجرّ لبنان إلى حرب جديدة. ونحن مستمرون في نبذ أية محاولات لتشكيل مستقبل المنطقة من خلال الترهيب والعنف والإرهاب ــ وأنا هنا أتحدث ليس فقط عن إيران و»حزب الله»، بل أيضاً عن «حماس» وآخرين».
ومن المواقف البارزة أيضاً، ما ورد على لسان مسؤول السياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي شدّد على وجوب»منع امتداد الحرب إلى لبنان والبلدان المجاورة، لأنّ ذلك من شأنه أن يزعزع استقرار منطقة الشرق الأوسط بأسرها ويؤثر على أوروبا أيضاً».