رماح هاشم

86 ألف نازح سوري من الجنوب... من دون معرفة وجهتهم

قبل البدء باحتساب الخسائر المادية والجسدية التي يتكبدها اللبنانيون جراء الحرب الدائرة على الحدود الجنوبية، تتمثل التداعيات الاخرى لهذه الحرب بحركة النزوح التي بدأت من المناطق الساخنة وما ترتبه من إستحقاقات على الحكومة معالجتها بأسرع وقت ممكن، دون إغفال العبء الإضافي المتمثّل بالنزوح السوري الموجود في تلك المناطق والذي لا يتم التعاطي معه حتى الساعة بشكل مسؤول ومنهجي. وكان اللقاء التشاوري الذي عقد نهار الإربعاء قد وضع الإصبع على الجرح دون أن يتمكّن من إجتراح الحلول العملية إستباقاً لإستيعاب ما يُمكن أن ترتبه تطورات الأحداث على تلك الجبهة.

أرقام الداخلية

وتؤكد مصادر وزارة الداخلية في هذا الإطار، لصحيفة «نداء الوطن» أنّ «الأرقام التي وصلتها حتى مساء يوم الإثنين من بعض البلديات والمحافظين بالمناطق الجنوبية، حول عدد النازحين، ضمن محافظة النبطية وصل إلى ما يُقارب الـ 1800 توزعوا على قرى المحافظة». أما المناطق الواقعة على مقربة من الشريط الحدودي فبلغ عدد النازحين منها أكثر من 7000 نازح، 1025 نازحاً تقريباً لجأوا إلى المدارس، فيما حوالى 6000 توزعوا على المناطق الواقعة في محافظة لبنان الجنوبي»، كما تلفت المصادر إلى «الدور الذي يقوم به الوزير بسام مولوي لمتابعة المستجدات على أرض الواقع ومحاولة تأمين مستلزمات المرحلة المقبلة في حال تطورت الأمور».

الأولوية للنازح اللبناني

وعن الإجراءات التي ستقوم بها الوزارات المعنية بموضوع النزوح السوري من هذه المناطق الساخنة إلى المناطق الأخرى وما يُشكله من عبء إضافي، حسمت مصادر وزارية شاركت باللقاء التشاوري بالسراي بأنّ «هناك إصراراً من قبل الجميع على أن الأولوية اليوم هي للنازح اللبناني»، لافتةً إلى أن «بعض الوزراء تفاجأوا من طرح الوزير هكتور حجار والذي يقضي بنقل اللاجئين السوريين إلى مخيمات عند الحدود اللبنانية-السورية،» مشيرة لـ»نداء الوطن» الى أنّ «هكذا إقتراح بحاجة إلى دراسة كما أنه بحاجة إلى التواصل والتنسيق مع الهيئات المانحة، وعلى ضوء النتائج يُعرض الموضوع على مجلس الوزراء، ويؤخذ القرار المُناسب، لذا تم ترحيل هذا الملف للقيام بمزيد من الدراسة».

وتشدّد المصادر على «أهميّة معالجة أزمة النازحين السوريين في الجنوب بطرقٍ منطقية وإنسانية، إلّا أنها في المقابل تؤكّد أنّ «الهم الأساسي اليوم والأولوية هي لمتابعة أوضاع النازحين اللبنانيين».

19000 نازح لبناني

ويؤكد وزير الشؤون الإجتماعية في حكومة تصريف الأعمال هكتور حجار، خلال حوارٍ مع «نداء الوطن»، «نزوح أكثر من 19000 لبناني، من المناطق الجنوبية لا سيما تلك المناطق التي تقع بمحاذاة الشريط الحدودي والتي تشهد توتراً كبيراً، كالناقورة ويارون ومارون الراس وعيترون وغيرها».

وإزاء هذا النزوح لا بد من الإطلالة على إجراءات الوزارة بهذا الشأن، فيلفت حجار إلى أن «الوزارة وعبر خلية الأزمة وإدارة هيئة الكوارث تقوم بكل ما بوسعها وبما لديها من إمكانيات لتأمين المتطلبات والإحتياجات الأساسية للعائلات التي تحتاج المساعدة».

ومن خلال الجولة التي قام بها الوزير في الجنوب بداية الأسبوع الحالي، إطلع على إحتياجات المنطقة وأبرز المعوّقات التي تعيقها، ويشير إلى أن «القلق والتوتر يسيطران على أغلبية المناطق الجنوبية وبالتحديد المناطق الأمامية والتي تقع على مقربة من الشريط الحدودي فهذه تعتبر شبه خالية، في حين أن المناطق التي تبعد حوالى الـ5 كلم عن الخط يبقى القلق فيها أقل والحركة فيها شبه طبيعية وغير معدومة مقارنة بالمناطق الأمامية».

وجهة النازحين

أما عن الوجهة التي قصدها النازحون؟ فيوضح أنّ «هناك عدداً من النازحين توجهوا إلى مناطق ضمن الجنوب واستأجروا منازل فيه، ومنهم من قصد أقاربه في المناطق الساحلية، ولغاية اليوم ليس لدينا سوى 3 مدارس ومهنية في صور إستقبلت نازحين».

وفي ما يتعلّق بكيفية توزيع المساعدات على النازحين والجهات الداعمة، يؤكد حجار أنّ «الوزارة هي الوسيط بين المؤسسات المحلية والدولية التي تقدم المساعدات والمسؤولين الذين هم على الأرض والمتمثلين بإتحاد البلديات والمحافظين»، ويشدد على أنّ «الوزارة لم ولن تستلم أي مساعدة بل دورها سيقتصر فقط على الربط بين الطرفين».

معضلة النزوح السوري

ويتطرق حجار إلى نقطة هامّة تتمثلّ بموضوع اللاجئين السوريين، حيث يُفيد بأنه «طرح على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مبادرة إنشاء مخيمات للاجئين السوريين من الجهة اللبنانية للحدود مع سوريا، أو بين الحدود اللبنانية - السورية من أجل إيوائهم فيها، لأنه يستحيل إستقبالهم في مراكز إيواء كالمدارس أو المؤسسات الإجتماعية في المناطق الجنوبية، فلا أحد يضمن إذا كانوا سيخرجون منها أم لا».

ويضيف: «ناشدت الرئيس نجيب ميقاتي، بحضور وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، تسليم رسالة إلى الأمم المتحدة عن طريق ممثلها في لبنان عمران رضا، تحتوي على مضمون واضح بأسطر يفيد بوجوب نقل كل من يترك الجنوب وهو نازح سوري إلى المخيم عند الحدود، وتلقيت وعداً من ميقاتي بمتابعة الموضوع، إلا أنني أعتقد وعلى الرغم من أهمية هذا الملف اليوم وخطورته إلّا أن الإقتراح دخل مرحلة المراوحة».

ويردف قائلاً: «وللمرة الثانية عدت وتوجهت لميقاتي خلال اللقاء التشاوري الذي عقد في السراي نهار الاربعاء، وقلت له ما العمل مع الـ 86000 نازح سوري في الجنوب، غير أنني تلقيت وعداً آخر بحل الموضوع في الساعات المقبلة، إلا أنني أعتقد وعلى الرغم من أهمية هذا الملف اليوم وخطورته أن الإقتراح دخل مرحلة المراوحة، علماً أنه يجب الإتعاظ من تجربتنا مع النازحين السوريين منذ عام 2011».

ويتابع: «هذه مواقف وطنية وتتطلب من الجميع أن يكون واضحاً، وعلينا التصرف بمسؤولية عالية وبحزم كي لا يتم إنشاء مخيمات جديدة للاجئين السوريين في لبنان، فمن المعيب أن نكون ضبابيين في مواقف بغاية الأهمية».



المساعدات مستمرة

وفي سياق منفصل، وفي ما يتعلق ببرامج دعم الأسر الأكثر فقراً، وهي برنامج «أمان» وعدد الأسر المستفيدة منه حالياً هو 93500 أسرة، والبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً الذي تستفيد منه 75000 أسرة، يؤكد حجار أنّها «مستمرة».

وفي ختام حديثه، يحثّ الوزير حجار «الصحافيين في ظل هذه الظروف الحساسة والدقيقة، على لعب دور مميز والعمل على زيادة الوعي الجماعي والبعد الوطني، فالصراع الوحيد اليوم يتمثل بكيفية تقوية مناعة المجتمع اللبناني لمواجهة الأزمة والتي من الممكن أن تمتد لأشهر طويلة».