سناء الجاك

العفو الطائفي

30 أيار 2020

02 : 00

لم يخرج قانون العفو عن ترسيخ أسس معادلة ثلاثية قائمة على مخدّرات شيعية وإرهاب سني وعمالة مسيحية، ولا هدف يرتجى منه الا إلتصاق كل إبن طائفة بالقيمين على طائفته ليخالف القانون ولا يُحَاسَب. ما يشير أولاً وأخيراً، الى أن هذا البلد إما يبقى محكوماً بالتقاسم والمحاصصة على أساس طائفي، أو لا يبقى.

لذا، يصبح وجود اللبنانيين في إسرائيل، إبعاداً، أو لجوءاً قسرياً خوفاً على الحياة. وبالطبع مرفوضة مقايضة عودتهم مقابل العفو عن إرهابيين ومجرمين.

لذا يستفيق فريق من اللبنانيين على أن وضعهم الاقتصادي المتردي، سبَّبه فريق آخر يستجلب لهم العقوبات والإرهاب وقانون "قيصر". ولا حل الا بالفيدرالية، ليحموا أنفسهم. لا ضرورة للبحث في تعقيدات الفرق بين الفيدرالية واللامركزية الإدارية الموسعة. فالمنطقة التي تسدد الفواتير والضرائب للخزينة اللبنانية، ولا تستفيد منها، ليس عليها بعد اليوم أن تتحمل وحدها تفلت مناطق أخرى مستعصية على الجباة والأجهزة الأمنية. فالآخرون أقاموا كونتوناتهم التي تلغي مؤسسات الدولة، اقتصادياً واجتماعياً وحتى قضائياً، وهم لا يتورعون عن الاستفادة من خيرات الدولة وقضم ما تطول أيديهم مما ليس من حقهم. ولا حل لهذا الواقع الا إما بتطبيق القانون على الجميع أو أن يسمحوا للطائفة الخائفة على مصيرها باستقلال ذاتي.

لذا تصبح سلعاتا، مثلاً، ضرورة، ليس للانماء المتوازن كما يروجون، ولكن للاكتفاء الذاتي الذي يغنيهم، عن هؤلاء الآخرين المستأثرين بالمطار والمستشفى الحكومي الأكبر والمبنى الجامعي الأكبر، وإلخ إلخ إلخ.

لذا يُذَكِّر المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، الذي لا يملك إمتياز شرعية انتخابه، بأن الصيغة الحالية للكيان اللبناني، أصبحت لزوم ما لا يلزم، والدستور الحالي لم يعد يصح عددياً ونفوذاً وسلاحاً واستقواء. ومن لا يعجبه، ممنوع عليه أن يبلط البحر، لأن الأقوى سيصادره. جل ما يملكه هو أن يرمي نفسه في البحر ويرحل من دون إزعاج.

فمزحة المناصفة والتوقف عن العدِّ، ماتت مفاعيلها. والجماعة التي تم استخدامها مقابل أجر مدفوع في المناصب والمحاصصات فلت ملقها، وصدَّقت ان من دونها، لا سلطة ولا سلاح ولا مصادرة للسيادة خدمة للأجندة الممانعة، فاستفحلت في الابتزاز، ويجب اعادتها الى حجمها.

لحظة!! وحتى لا نغرق في الأوهام، يجب التنبيه الى أن كل هذا التمترس الطائفي، تشتعل ناره بتوافق مدروس بين أركان الطبقة السياسية، موالاة ومعارضة، بحيث يؤدي المطلوب منه، فيحول دون ثورة اللبنانيين المرتقبة، بعد فشلها في وقف الإفلاس والانهيار الاقتصادي.

ومثل هذا الأمر، إذا حصل، يقطع رزق الأركان والأذناب. وكلنا نعرف أن قطع الأرزاق من قطع الأعناق.

يجب ان تبقى الجماعة هي الحامية، وليس الوطن والدستور. والأفضل إعتقال اللبنانيين في مربعاتهم الطائفية ليحتمي بهم أركان هذه السلطة.

وتحديداً، لأن تجربة 17 تشرين الأول برهنت أن بمقدور هذا الشعب المتأرجح عند هاوية الفقر والجوع والمرض أن يثور عليهم ويقلعهم من جذورهم. وهذا لعمري من الممنوعات التي تصح فيها كل نعوت العمالة.

فالخلاص الوحيد المتاح هو في التوافق على قانون عفو طائفي.

أما المواطنة... فحاشا وكلا ولا قدّر الله.