"كأن فراغ الرئاسة مقصود".. الراعي: الكلام عن إسقاط قائد الجيش معيب

11 : 16

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس الاحد في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، عاونه فيه المطرانان حنا علوان وانطوان عوكر، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة والراهبات، في حضور رئيس الرابطة المارونية السفير الدكتور خليل كرم، رئيس تجمع موارنة من اجل لبنان المحامي بول يوسف كنعان، نقيب الصيادلة الدكتور جو سلوم، قنصل جمهورية موريتانيا ايلي نصار، رئيس مؤسسة البطريرك صفير الاجتماعية الدكتور الياس صفير، نجل الشهيدين صبحي ونديمة الفخري باتريك، عائلة المرحوم المونسينيور توفيق بو هدير، وحشد من الفعاليات والمؤمنين.


بعد الانجيل المقدس، Hلقى الراعي عظة بعنوان: "وانتم من تقولون اني هو" قال فيها: "على هذا السؤال يجيب كلّ واحد وواحدة منّا، بلسان سمعان-بطرس: "أنت هو المسيح إبن الله الحيّ" (متى 16: 16). وهو جواب الكنيسة عبر الأجيال، وتقوله رسميّاً في هذا الأحد المعروف "بأحد تقديس البيعة"، ومعه تبدأ السنة الطقسيّة الجديدة. نحيي في هذا الأحد ذكرى عبور عزيزنا، محبّ الشبيبة، المرحوم المونسنيور توفيق بو هدير إلى بيت الآب في السماء منذ سنتين. فإنّا نصلّي لراحة نفسه ونستشفعه لدى العرش الإلهيّ، مجدّدين تعزية الرجاء لوالدته وشقيقيه وسائر أنسبائه. نحيّي بيننا المؤسّسات الشبابيّة الثلاث التي أعطاها من سخاء قلبه تأسيسًا ومواكبة وهي: مكتب راعويّة الشبيبة في الدائرة البطريركيّة، وتجمّع يسوع فرحي، وجمعيّة شباب الرجاء.


وقال: "إلى كلّ واحد وواحدة منّا، إلى كلّ إنسان يوجّه يسوع السؤال: "وأنت، من تقول إنّي هو؟" المطلوب جواب حياتك الإيمانيّة. هل يسوع المسيح محور حياتك؟ هل هو الغاية من التزامك في العائلة والكنيسة والمجتمع؟ هل كلامه عندك نور وحياة؟ هل إنجيله إنجيل الحقيقة والمحبّة والسلام، ومصدر أقوالك وأفعالك، وملهمك في ممارسة مسؤوليّاتك؟ لو كانت الأجوبة كذلك لكنّا في عالم أفضل. فالإنجيل ينهي عن والبغض العداوة والقتل والحرب والضرب بالسيف، ويدعو إلى الأخوّة والمحبّة والتغلّب على الشر بالخير، وإلى احترام الحياة البشريّة وكرامتها وقدسيّتها. الإنجيل يحترم السلطة المدنيّة الشرعيّة، ويدعوها إلى ممارسة العدل في خدمة المواطنين. من هذا التعليم تستمدّ المسيحيّة ثقافتها، وعلى أساسها تنظّم الحياة الإجتماعيّة والسياسيّة والإقتصاديّة. لكنّ هذه الثقافة مفقودة في لبنان. فها هي السنة الثانية تبدأ وسدّة رئاسة الجمهوريّة في فراغ، وما من كلام جدّي عند أحد بشأن إجراء انتخاب للرئيس. وكأنّ الفراغ مقصود من أجل المضيّ في تفكيك مؤسّسات الدولة، والتلاعب في موظّفيها، وتنفيذ الزبائنيّة في إداراتها. وهذا ما أفقد المسؤولين السياسيّين ثقة العالم بهم، وبالتالي أهل لبنان. يجب، مهما كلّف الأمر، انتخاب رئيس للبلاد وحماية المؤسّسات، بدلًا من التخطيط لإسقاط هذا أو ذاك، أو التلاعب في القيّمين على هذه المؤسّسة أو تلك. ومن المعيب حقًا أن نسمع كلامًا عن إسقاط قائد الجيش في أدقّ مرحلة من حياة لبنان وأمنه واستقراره وتعاطيه مع الدول. مثل هذا الكلام يحطّ من عزيمة مؤسّسة الجيش التي تحتاج إلى مزيد من المساعدة والتشجيع والإصطفاف حولها. وهي في الوقت عينه منبع ثقة المواطنين واستقرارهم النفسيّ والأمنيّ".


وعن غزة، قال: "كيف نعبّر عن ألمنا عمّا يجري في غزّه الجريحة بل المهدّمة من حرب هدّامة إباديّة ينصبّ فيها الحقد والبغض بقوّة القنابل والحديد والنار؟! وكذلك في الحرب بين روسيا وأوكرانيا. في الحرب الجميع خاسرون. والويلات قتلاً وتهجيراً تصيب المواطنين الأبرياء الذين يخسرون منازلهم وكلّ جنى عمرهم. كيف يتبرّئ حكّام الدول وأمراء الحروب من جرائمهم ضدّ الإنسانيّة؟ فإنّا نناشد ضمائرهم لإيقاف النار، وتكثيف الإسعافات الطبيّة والمساعدات الغذائيّة للمشرّدين والجرحى والجائعين والعراة. أمّا ما يختصّ بالحرب البغيضة الهدّامة هناك فالحلّ الوحيد الذي يجلب السلام إنّما هو قيام الدولتين بنتيجة المفاوضات والحوار الهادئ والمسؤول. لقد آن الأوان لإعطاء الفلسطينيّين حقّهم. ان كل الذين التقيناهم في روما عبّروا عن تخوّفهم من امتداد الحرب الى لبنان".


وختم الراعي: "نصلّي إلى الله كي يمسّ ضمائر المسؤولين عندنا، وبخاصّة معطّلو انتخاب رئيس للجمهوريّة فيدركوا حجم جريمتهم بحقّ الدولة ومؤسّساتها واللبنانيّين، وكي يمسك يد أمراء الحرب في الأراضي المقدّسة وسواها عن مواصلة ارتكابهم هذه الجرائم ضدّ الإنسانيّة".

MISS 3