عيسى يحيى

باسيل و"حزب الله" في مرمى عشائر بعلبك الهرمل

1 حزيران 2020

02 : 00

شكلّ قانون العفو العام، مادة تجاذب سياسي بين مختلف الأفرقاء والتيارات والأحزاب، وحالت الخلافات بينهم دون إقراره، في جلسة الخميس الفائت، بسبب المحاصصات الطائفية التي تحكم مختلف الملفات اللبنانية، وأعادت الأمور إلى نقطة الصفر بانتظار اليوم الإثنين، علّ التفاهمات التي تدور في الكواليس تُعيد بتّه وإقراره، ضمن سلّةٍ متكاملة، تُرضي جميع الأطياف، ويرضى من خلفهم جمهور كلٍّ منهم.

عند كل إستحقاق يهمّ اللبنانيين، ينظر كل فريقٍ سياسي إلى حجم المنفعة التي قد تعود عليه منه، والمكاسب التي قد يحقّقها على المستوى الشعبي في حال السير به، فيما ينتظر اللبنانيون العفو العام، وينظرون إليه، كأحد السبل لعودتهم إلى حضن الدولة وإجراء مصالحة وطنية وفتح صفحة جديدة مبنية على حقوق وواجبات. وكما كل المناطق، كان للبقاع على مدى أشهر، الحصّة الأكبر من حجم التحّركات لتسريع إقراره، كون العدد الأكبر من وثائق الإتصال ومذكّرات التوقيف تطال أبناءه، بفعل سياسة التخلّي والإهمال التي مارستها الدولة، ومن خلفها الأحزاب والنواب والوزراء المتعاقبون الذين مثلّوا المنطقة، تاركين الناس هنا لمصيرهم يقاتلون باللحم الحيّ، ويلجأون إلى مختلف الأساليب للعيش، حتى أصبحت تجارة المخدرات وأعمال السلب وغيرها، سمات المنطقة الموصوفة. وإن كان لا مبرّر لكلّ تلك الجنح، بالرغم من كل الحرمان الذي يعيشه المواطنون، غير أن الواقع اليوم يُنذر بالأسوأ، في ظل أزمة إقتصادية يضيق خناقها على رقاب اللبنانيين جميعاً، حتى أصبح لسان حال كلٍّ منهم وأوّلهم البقاعيون: "إذا بقي الوضع كما هو ماذا نفعل؟ نسرق لنطعم أولادنا؟".

سقط إقتراح قانون العفو العام، وعاد معه التلويح باللجوء إلى الشارع مجدداً وقطع الطرقات في مختلف المناطق، لا سيما في البقاع والشمال، واعتبر البقاعيون أنفسهم المتضرّر الأكبر من عدم إقراره مُحمّلين المسؤولية للنائب جبران باسيل تارةً ولـ"حزب الله" تارةً أخرى، فيما يرى البعض أن "حزب الله" أصبح مُحرجاً في هذا الملف ويسعى إلى الحلّ بطريقة تُرضي جمهوره البقاعي الذي وعده بالعفو منذ سنوات كان آخرها إنتخابات العام 2018 النيابية حيث كان ضمن البرنامج الإنتخابي لـ"تكتّل بعلبك الهرمل"، ولا يجوز للحزب أن يتراجع عن وعدٍ قطعه لمنطقة هي خزّان مقاومته الأوسع. الناطق باسم لجنة العفو العام في بعلبك الهرمل قاسم طليس أكد لـ"نداء الوطن" أن "اللجنة تطالب بالعفو العام، ليس من منطلق تشريع الجريمة وتبرئة المجرم، بل نطالب بالعفو العام لكل شخص لم تتلطّخ يديه بالدماء. أما بشأن المشاحنات التي أدّت إلى عدم إقرار القانون، فكيف لنا أن نقبل بأن يشمل العفو المُبعدين، وهم من تلطّخت أيديهم بالدماء، وقتلوا لبنانيين لصالح العدو الإسرائيلي؟ واستعمال كلمة مُبعد لا تصحّ، فأشقاء المُبعدين وعائلاتهم وأهلهم لا يزالون في قراهم ولم يقترب منهم أحد، والسؤال ما هو السبب الذي دفع هذا العميل إلى مغادرة لبنان لولا إجرامه خلافاً لإدّعاء باسيل؟ فلبنان جمهورية ديموقراطية لبنانية عربية وليس تابعاً لإسرائيل، وبعد كل الجرائم التي إرتكبتها إسرائيل بحق لبنان، كيف لنا وبأي عين، أن نُطلق عليهم صفة المُبعدين وهم من تعاملوا مع العدو؟ فنحن لا نطالب لبعلبك الهرمل بل لكلّ لبنان"، مشيراً إلى "أن التعاطي مع موضوع العفو من منطلق طائفي، وتقسيمه بحسب الطوائف، يدفعنا للسؤال عن التوازن الإنمائي الذي حرمنا منه في المنطقة، في وقت كان الإنماء للمناطق التي يمثّلها باسيل، فاللغة التي يتكلّمون بها اليوم هي لغة طائفية لا نقبل بها".

وفيما حمّل طليس باسيل مسؤولية عدم إقرار القانون اعتبر أن "هناك سياسة قائمة على دفع أهالي المنطقة لجعلهم طفّارا ومطلوبين، مُطالباً بقضاء مستقلّ وعادل ويحاكم الناس في المنطقة بعدل، خاتماً بـ"أننا ننتظر يوم الإثنين بناءً على رغبة نواب بعلبك الهرمل ليُبنى على الشيء مقتضاه حول التحرّكات على الأرض من قطع طرق وتصعيد، وليتحمّل المسؤولية وقتها من رفض إقرار العفو". وتضمّ لجنة العفو ممثلين عن كلّ عشائر وعائلات بعلبك الهرمل التي أصدرت إثر تأجيل إقرار القانون بياناً أكّدت فيه رفضها "المقايضة بين أبناء المنطقة والعملاء" وحمّلت المسؤولية للمعرقلين والمعارضين. وطالبت عشيرة آل جعفر في بيان أمس كل السياسيين الحريصين على الوطن، بتنفيذ ما وعدوا به بإقرار العفو العام للخروج من النفق المظلم الذي يعيش فيه الوطن. وفي هذا الإطار، أكد أبو أسعد جعفر، المتحدث باسم العشيرة لـ"نداء الوطن" تحميل المسؤولية في عدم إقرار القانون إلى نواب بعلبك الهرمل وكتلة المقاومة، بحيث لها علاقات مع مختلف الأفرقاء وكان عليها العمل لإقراره، وهي الأدرى بالمنطقة، والعفو يطال مختلف المناطق وليس تجّار المخدرات فقط والذين يتوّزعون ايضاً على مختلف المناطق، والعفو العام موعودون به من قبل "حزب الله" منذ الـ 2009" .