طوني فرنسيس

حكومة من دون الحزب وحلفائه؟

2 حزيران 2020

02 : 00

لم يعد الحكم على تبعية أعضاء الحكومة لقوى الثامن من آذار بحاجة الى مزيد من الأدلة، اذ يكفي تعداد القوى السياسية التي هددت بسحب وزرائها أو بالاعتكاف لتبيان أن لكل وزير "مرجعيته" في "8 آذار" وأن للجميع أباً يديرهم ويدوِّر زواياهم بنجاح حتى الآن.

لكن أب الجميع، وهو "حزب الله"، لن يضيّع وقته الى الأبد في إصلاح ذات البين بين المهددين بالانسحاب أو بالاعتكاف، ولا في إرضاء هذا الحليف ورد كيد الحليف الآخر، فهو يعرف ان حكومةً بإشرافه وقيادته لن تتمكن من العبور بلبنان من الأزمة الإقتصادية والمالية الى الانتظام والرخاء، وأن رغبته في مشروع الهيمنة كلياً على البلد لا تتساوى مع قدراته على تحقيق هذا المشروع.

مردُّ ذلك ليس فقط الانهيار الشامل الذي وصل اليه البلد على يد الحزب وحلفائه وخصومه في السلطة، بل في شروط الخروج من هذا الانهيار، التي تقتضي خططاً اصلاحية جذرية في الداخل وقراراً دولياً وعربياً بتوفير الدعم المالي والسياسي، بدءاً من ضخ السيولة وصولاً الى تمويل المشاريع.

ويعرف الحزب والحلفاء في الحكومة، الذين وافقوا بعد رفض مبدئي للتعامل مع صندوق النقد الدولي على التفاوض معه ومن يمثّل، ان مسار التفاوض ليس سهلاً. فهم بحاجة بدايةً الى أرقام موحدة لم يتمكنوا من التوصل اليها حتى الآن، ويحتاجون ثانياً الى خطة واضحة تتضمن بنوداً اصلاحية يجري نقاشها وتبنيها في مجلس النواب، يلي ذلك انخراطٌ في التنفيذ... وكل ذلك قبل أن يصدر القرار من الصندوق والجهات الداعمة بالتمويل وهنا النقطة المركزية الحساسة.

من سوء حظ لبنان، أن ظروف العالم السياسية والمالية ليست على ما يرام ولا تتناغم مع حكومة يصنفها العالم بأنها حكومة "حزب الله" وحلفاء الاسد وإيران. وبديهي انه في لحظة اتخاذ الصندوق الدولي والدول المانحة قرارها النهائي، أن تحضر كل العوامل التي تتحكم بذلك القرار، وفي مقدمها الحصار المفروض على "حزب الله" ونظام الاسد وإيران، والتي تجد ترجمتها الأخيرة في قانون "قيصر"، الذي يطال في توجهاته عناصر لبنانية كثيرة على صلة تعاون مع الحزب والسلطة السورية.

في مثل هذه الظروف سنكون امام احد احتمالين، إما تمسك "حزب الله" بصيغة الحكومة الحالية وإدارة الظهر للأزمة الداخلية والعالم، وإما التحرك خطوة الى الوراء والذهاب الى حكومة جديدة يمكن ان يقال عنها انها ليست للحزب ولا لحلفائه، وهو ما بدأت تباشيره تظهر هنا وهناك.