ريتا ابراهيم فريد

الأخبار الزائفة خلال الحروب: إستهداف مباشر للجانب النفسي

11 تشرين الثاني 2023

02 : 05

شبّان وشابات من فريق عمل صواب

الحرب التي يشهدها قطاع غزّة والأحداث الأمنية الأخيرة شكّلت أرضاً خصبةً لانتشار الأخبار المفبركة، التي تعتبر جزءاً من الحرب النفسية بهدف التضليل وتغيير الوقائع. وفي ظلّ التطوّر التكنولوجي السريع الذي يترافق أحياناً مع إساءة إستخدام الذكاء الاصطناعي، تعزّز انتشار هذه الأخبار. في هذا الإطار، تواصلت «نداء الوطن» مع يوسف الأمين، وهو أحد مؤسّسي منصّة «صواب» التي كانت قد انطلقت منذ فترة بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتّحدة UNDP والبنك الألماني للتنمية، وبالشراكة مع جمعية «دوائر» بهدف التحقّق من الأخبار المفبركة وإعادة نشرها بطريقة مصحّحة.



انطلاقة المنصّة أتت تحت شعار «الخبرية متل ما هيي». كيف تزداد تحدّيات نشر «الحقائق كما هي» أثناء الحروب والصراعات؟

لا شكّ في أنّ العمل يتوسّع أكثر فأكثر خلال هذه المراحل. ونحن في «صواب» سبق أن مررنا في ظروف مشابهة مع الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في شباط الماضي، حيث كان هناك زخم كبير لانتشار الأخبار الزائفة. فحاولنا حينها أن نخلق شبكة علاقات مع أشخاص متواجدين في تلك المناطق لتزويدنا بالأخبار والصور والفيديوات الحقيقية من موقع الحدث. مع الإشارة الى أنّ الدعاية الإسرائيلية اليوم تشكّل جزءأً مهمّاً من الحرب على غزّة. فهي دعاية مدروسة يقف خلفها جيش إلكتروني يقوم بنشر الأخبار المفبركة على مواقع التواصل الإجتماعي بهدف بثّ الرعب. وهذا جزء من الحرب النفسية على الشعبين اللبناني والفلسطيني. من هُنا خلقنا أيضاً شبكة علاقات مع زملاء ومنصّات للتدقيق والتحقّق من الأخبار في فلسطين. ومن خلال هذا التعاون والجهود المشتركة، نسعى لأن تبقى «الخبرية متل ما هيي».



ضرورة التحقق من الخبر عبر مصادر موثوقة





لطالما شكّلت الأخبار الزائفة أحد أنواع الأسلحة خلال الحرب. لكن أين تكمن خطورة هذا السلاح في ظلّ التطوّر التكنولوجي السريع؟

المشكلة أنّ مواقع التواصل الإجتماعي أتاحت للجميع أن ينشر أخباراً مفبركة. والخطورة الأكبر هي لدى الصحافيين أو الأسماء المعروفة من أصحاب المصداقية، والذين ينشرون أخباراً غير دقيقة. الى جانب مسألة الذكاء الإصطناعي والتقنيات المتطوّرة لابتكار الأخبار الزائفة. من هُنا نجد أنّ ما يُعرف بـ»التزييف العميق» شهد بدوره تطوّراً كبيراً.

الأخبار المفبركة تنتشر عموماً بطريقة سريعة جداً تضاهي انتشار الأخبار الحقيقية أو حتى التصويب. من خلال تجربتكم، ما سبب ذلك؟

هذا صحيح للأسف. حتى أنّ عدد المشاهدات على الأخبار المغلوطة يكون عادةً أعلى بكثير من عدد مشاهدات الأخبار الصحيحة أو المصحّحة، أو التفاعل معها. فالأخبار الزائفة تتضمّن عادة أهدافاً مدروسة لخلق بلبلة أو ذعر. كما أنّها تطال أحياناً فئة معيّنة كانت تنتظر خبراً ما، فتأتي هذه الأخبار المضللة إمّا كي تحبط هذه الفئة أو كي تمنحها الشعور بالأمان.

كثيرون يميلون الى متابعة وتصديق هذا النوع من الأخبار، والبعض يجد صعوبة في تقبّل الخبر الصحيح إن لم يتوافق مع وجهة نظره.

إذاً هذه الأخبار تستهدف الجانب النفسي للمتلقّي. وماذا عن التلاعب بالعناوين؟

طبعاً. مع الإشارة الى أنّنا نتحدّث هُنا عن الأخبار الزائفة المدروسة التي يتمّ التداول بها خلال الأزمات بشكلٍ خاص، وليس عن «خبريات» مجموعات «الواتساب». والتلاعب بالعناوين يهدف بشكلٍ أساسي الى إحداث أكبر قدرٍ ممكن من التضليل، خصوصاً حين يترافق مع صور مفبركة.

انطلاقتكم في البداية كانت عبر مجموعات «الواتساب»، ثمّ أطلقتم منذ فترة قصيرة موقعاً إلكترونياً رسمياً لمنصّة «صواب». أين تكمن أهمية هذا الموقع؟

نحن على يقين بأنّ تطبيق «واتساب» هو من أكثر المنصّات التي يمكن الاستعانة بها لتصحيح الأخبار. وما زلنا حريصين على صياغة الخبر بالنموذج والهيكلية ذاتها التي اعتمدناها في البداية. الموقع يساعد في عملية الأرشفة بالنسبة لنا، إضافة الى تعزيز المصداقية والشفافية. كما يمكن من خلاله التوسّع في سرد تفاصيل تصحيح الخبر. أما عبر «الواتساب»، فنحن نميل أكثر الى الاختصار كونه يتناسب أكثر مع هذا التطبيق. وكل من يرغب بالمزيد من الإيضاحات والتفاصيل في عملية التحقّق من الخبر والاطلاع على المصادر التي اعتمدناها، يمكنه حينها أن يزور الموقع الإلكتروني.

أي نوع من الأخبار الزائفة يتصدّر المشهد اليوم؟

من الصعب تحديد نوع معيّن. فهناك انتشار كبير لصورِ أو مقاطع فيديو تمّ تنفيذها بتقنية الذكاء الاصطناعي، أو موادّ قديمة يعاد التداول بها اليوم على أنّها حديثة ومرتبطة بالأحداث الآنية. وعلى الصعيد اللبناني، أكثر ما يتمّ التداول فيه هو الأخبار التي تثير البلبلة بين الناس.

ماذا تقول للشباب اللبناني الذي يمضي معظم أوقاته في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي التي تترافق مع انتشار كمّ هائلٍ من الأخبار الزائفة؟

على كلّ شخص منّا أن يكون حريصاً على نفسه أولاً، ثمّ على عائلته ومحيطه وعلى الحالة النفسية لهم خلال هذه الفترة الصعبة. سبق أن مررنا بأزمات كثيرة كشعب لبناني، وأقلّه أن نحاول حماية أسرتنا الصغيرة من البلبلة والهلع، خصوصاً إذا كان الشخص المعني يعمل في المجال الصحافي، مع التشديد على ضرورة التحقّق من أي خبر قبل إعادة نشره أو التداول به.


MISS 3