أحمد الأيوبي

مَن أراد إحراج مفتي الجمهورية؟

11 تشرين الثاني 2023

02 : 00

من التحرّك أمام دار الفتوى (فضل عيتاني)

بعد جولة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين على المواقع الرسمية، كان مقرّراً أن تزور السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان لتنطلق موجة من التخوين والتهديد والوعيد بحقّ رئيس المسلمين في لبنان من أجل منع استقبال شيا في دار الفتوى بذريعة الإجرام الأميركي في غزة.

اللافت للانتباه أنّ هذه الموجة انطلقت في البداية من مجموعات شعبوية تتحرّك تحت مسمّى «سرايا المقاومة» على رأسها (أبو عمر. م) الذي شكّل رأس الحربة في الاحتجاج الميداني أمام دار الفتوى، واجتمعت معه أعداد من الفلسطينيين بالإضافة إلى بعض أنصار «تيار المستقبل» والإسلاميين، وما لبثت أن انطلقت كسرعة النار في الهشيم في أوساط الناشطين السنّة الذين انساقوا معها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتحوّلت إلى مسألة خلافية بين المسلمين، فأصبح مفتي الجمهورية بين حدّين: إمّا أن يستقبل السفيرة الأميركية باعتباره ممثل المسلمين في هذه الظروف الصعبة وهو صاحب الحكمة القادر على إيصال الرسالة بما تستحقّ من قوّة وصراحة ووضوح مرفقة بالحدّ الأعلى من الانتصار لأهل فلسطين... وإمّا أن يستجيب لصرخات بعض من في الشارع، لإلغاء زيارة السفيرة الأميركية.

إختار المفتي دريان أن يُطفئ الفتنة وأن يمنع الاصطدام في رحاب دار الفتوى لكنّه في الوقت نفسه اضطُرّ للاستجابة لمجموعة أراد محرّضوهم إحداث اضطراب داخلي، وكان اللافت أنّه ليس بين من نزل إلى الشارع وجهٌ معروف أو مسؤول، بل كانوا تجمّعاً فوضوياً تطاول على مرجعية المسلمين.

في المقابل، لم ينتقد أحدٌ استقبال المسؤولين اللبنانيين الموفد والسفيرة الأميركيين، ولم يحتجّ أحدٌ أمام أي من تلك المقار الرسمية، ولم يصرخ أحدٌ في وجه أي نائب كما صرخ أحدهم في وجه النائب ملحم خلف بعد قيامه بواجب العزاء في شهداء بلدة بليدا، ولم يعتبر أحد ذلك خيانة لشهداء وتضحيات أهل فلسطين، بل مرّت الاستقبالات كغيرها من دون أيّ ضجيج... وانتهى المشهد أمام الرأي العام والسفارات بأنّ دار الفتوى تعرّضت لضغط شعبوي لمنع استقبال السفيرة الأميركية بينما كان حسن الاستقبال سائداً في المواقع الأخرى، لا سيّما أنّ السياسة الأميركية لم تتغيّر في الانحياز إلى الكيان الإسرائيلي بل هي ثابتة راسخة، فإمّا أن يجري استقبال سفرائها وإما أن تجري مقاطعتهم وعدم استقبالهم في الأساس.


MISS 3