أنوش سيدتاغيا

الخبراء يُحذّرون: التيك توك يُسمّم حياة الأولاد

16 تشرين الثاني 2023

المصدر: LE TEMPS

02 : 00

لا تُعتبر المعلومات المستجدة حول تطبيق «تيك توك» صادمة، بل إنها تحمل طابعاً مألوفاً. مع ذلك، يستحق أحدث تقريرَين نشرتهما منظمة العفو الدولية، في 7 تشرين الثاني، النقاش والتقييم. انتقدت هذه المنظمة غير الحكومية تطبيق «تيك توك» في دراستَين حملتا عناوين ذات دلالات واضحة: «إلى حافة الظلام»، «كيف يشجّع التطبيق على إيذاء الذات وينشر الأفكار الانتحارية؟»، «أشعر بالضعف»، «في فخ المراقبة الداخلية على تيك توك». تتماشى هذه التحليلات المتعلقة بطريقة عمل المنصة مع الإجراءات الجديدة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد التطبيق الصيني الذي تتهمه بروكسل أيضاً بالإساءة إلى المراهقين.

يُفترض أن يُمنَع استعمال «تيك توك» تحت عمر الثالثة عشرة، لكننا نشاهده في كل مكان من حولنا، إذ يتصفحه أولاد في السابعة أو الثامنة من عمرهم بكل سهولة. لكن تترافق هذه النزعة مع عواقب بارزة. هذا ما استنتجته منظمة العفو الدولية في الدراستَين اللتين أجرتهما بالتعاون مع شركائها في «معهد الشفافية الخوارزمية» ومنظمة «إي آي فورنسيك». باختصار، تأسر هذه الشبكة الاجتماعية مستخدميها داخل فقاعات سلبية يصعب الخروج منها.

مخاطر كبرى

تقول الباحثة ليزا ديتمر من منظمة العفو الدولية: «تكشف استنتاجات الدراستَين خصائص مفهوم التلاعب والإدمان عند استخدام «تيك توك» الذي يهدف في الأساس إلى الحفاظ على انتباه المستخدمين لأطول فترة ممكنة. تبيّن أيضاً أن نظام الحلول الحسابية الكامن وراء قائمة التوصيات المقترحة على المستخدم، وهو العامل الذي يعتبره الكثيرون السبب في نجاح التطبيق السريع على مستوى العالم، يُعرّض الأولاد والشباب المصابين أصلاً بمشاكل نفسية لمخاطر كبرى». بشكل عام، يتعرّض أكثر الأشخاص ضعفاً لمحتويات تزيد وضعهم سوءاً لأنهم يتأثرون بما يشاهدونه بسهولة.

فتح الباحثون ثلاثين حساباً مؤتمتاً جرى تعديلها كي تُمثّل أولاداً في الثالثة عشرة من عمرهم، من كينيا والولايات المتحدة، لقياس تأثير نظام اقتراح التوصيات في «تيك توك» على المستخدمين الشباب. جرت تجربة محاكاة ثانية بطريقة يدوية عبر حساب في كينيا، وآخر في الفلبين، وآخر في الولايات المتحدة. توصّلت منظمة العفو الدولية إلى الاستنتاج التالي: «بعد استخدام التطبيق طوال خمس أو ست ساعات، كان فيديو واحد من كل اثنَين يؤثر على الصحة النفسية ويُسبب آثاراً ضارة محتملة. كان هذا الأثر أكبر بعشر مرات من المفعول الذي تتأثر به حسابات لم تُحدد المواضيع التي تهمّها».

ليس مفاجئاً أن يبذل تطبيق «تيك توك» قصارى جهده لجذب انتباه مستخدميه. توضح ديتمر: «تكشف دراستنا أن «تيك توك» يُعرّض الأولاد والشباب على الأرجح لمخاطر صحية حادة من خلال التمسك بنموذجه الاقتصادي الراهن الذي يهدف بشكلٍ أساسي إلى إبقاء أنظار المستخدمين شاخصة باتجاه المنصة بدل احترام حق الأولاد والشباب بالحفاظ على صحتهم». يذكر تقرير منظمة العفو الدولية أيضاً أن «النموذج الاقتصادي الذي يعتمده «تيك توك» مُضِرّ بطبيعته، وهو يكثّف مشاركة المستخدمين لجذب انتباههم بشكلٍ متواصل». تنطبق نتائج هذا التحليل على «إنستغرام» و»فيسبوك» أيضاً. لكن يبقى «تيك توك» التطبيق الأكثر شعبية في الوقت الراهن، إذ يستعمله أكثر من مليار شاب حول العالم.

في غضون ذلك، فتح الاتحاد الأوروبي، في 9 تشرين الثاني، تحقيقاً حول التدابير التي اتخذها «تيك توك» و»يوتيوب» لحماية الأولاد. على غرار الاستنتاجات التي توصلت إليها منظمة العفو الدولية، تُعبّر بروكسل عن قلقها أيضاً من تأثير بعض الفيديوهات على صحة الشباب النفسية والجسدية، وهي تسعى إلى التحقق من الإجراءات التي تضمن نشر محتويات تناسب أعمار القاصرين.

نقاشات إيجابية

يُفترض أن تقدّم منصتا «تيك توك» و»يوتيوب» المعلومات المطلوبة إلى المفوضية الأوروبية بحلول 30 تشرين الثاني 2023 كحد أقصى. في اتصال مع وكالة «فرانس برس» يوم الخميس الماضي، أكد متحدث باسم «تيك توك» على مشاركة مدير التطبيق في «نقاشات إيجابية» هذا الأسبوع مع المفوضية الأوروبية، كما أنه عبّر عن سروره بالتقدير الذي تحظى به جهودهم للحفاظ على سلامة المستخدمين.

لكن لا تزال المشكلة الأساسية عالقة رغم كل شيء: يبقى التحكم بمواقع التواصل الاجتماعي بالغ الصعوبة، لأن هذه العملية تستلزم تغيير نموذج العمل الذي يرتكز على حبس انتباه المستخدمين عبر عرض محتويات مُسببة للإدمان. في مطلق الأحوال، تفضّل بروكسل أن تقنع نفسها بأن القواعد الجديدة تسمح بتحسين الوضع وتُسهّل حماية الشباب من هذا الإدمان المعاصر. لكن لا شيء يضمن تحقيق هذا الهدف.


MISS 3