أمرٌ غريب يصيب دماغك خلال مكالمات "زوم"

02 : 00

هل سبق ولوّحتَ بيدك عبر تطبيق «زوم» لتوديع من تتكلم معه وشعرتَ بالغرابة؟ ربما يتعلق السبب بعجز دماغك عن تحليل محادثات «زوم» بالطريقة التي يستعملها لاستيعاب المحادثات المباشرة، حتى لو كنتَ تتكلم مع شخص حقيقي. إنه الاستنتاج الذي توصلت إليه دراسة جديدة في جامعة «يال»، وهي تسلّط الضوء على أهمية التواصل المباشر للحفاظ على التفاعلات البشرية الطبيعية.



تقول عالِمة الأعصاب، جوي هيرش، التي أشرفت على البحث الجديد: «تنشط الأنظمة الاجتماعية في الدماغ البشري أثناء المحادثات المباشرة أكثر مما تفعل خلال المكالمات عبر تطبيق «زوم». لا تخترق أدوات تمثيل الوجوه عبر الإنترنت الدوائر العصبية الاجتماعية في الدماغ بالشكل الذي يحصل خلال التواصل الطبيعي، أقله عند استعمال التكنولوجيا المتاحة راهناً».

قارن الباحثون بين طرق تفاعل كل شخصَين في الوقت الحقيقي. شملت التجربة 28 شخصاً سليماً في سن الرشد، وما كانوا مصابين بأي خلل بصري. كانت هذه المجموعة متنوعة من حيث العمر، والجنس، والانتماء العرقي.

استعمل الباحثون التحليل الطيفي الوظيفي للأشعة تحت الحمراء القريبة، والتخطيط الكهربائي للدماغ، وأجهزة تعقب العين، لتسجيل نشاط الأدمغة والعيون بدقة حين يتبادل الناس الكلام. ثم قارنوا نتائج الثنائيات التي شاركت في المحادثات المباشرة بنتائج مستخدمي «زوم» الذين قاموا بمحادثات فيديو عبر هذه المنصة الشهيرة. مقارنةً بالتفاعلات عبر «زوم»، تزامنت النقاشات المباشرة مع زيادات إضافية في إشارات الدماغ في المنطقة الدماغية الظهرية الجدارية.

عندما تبادل الناس الكلام وجهاً لوجه، ظهرت ذبذبات «ثيتا» المرتبطة بتحسّن قدرات التعرّف على الوجوه في نشاط الموجات الدماغية. كذلك، أشار نشاط المناطق الدماغية المرتبطة بالمعالجة الحسّية والإدراك المكاني إلى تباين متزايد في الوجوه الحقيقية، وسجّلت أجهزة تعقب النظر انقباضات في العين لفترات أطول.

كشفت المسوحات الدماغية الخاصة بأشخاص أقاموا محادثات مباشرة مستويات أعلى من النشاط العصبي المنسّق، ويعتبرها الباحثون مؤشراً على زيادة التبادل المشترك للمؤشرات الاجتماعية.

ما يميّز التفاعلات المباشرة عن التبادلات الافتراضية هي طريقة تبادل النظرات بين الناس، وقد تكون القيود التكنولوجية من أبرز أسباب الاختلاف بين التجربتَين.

رغم وجود كاميرات عالية الدقة اليوم، تُصعّب كاميرات الويب التواصل عبر العيون. حين ننظر إلى الكاميرا كي يرى شريكنا في الحديث عيوننا، قد نعجز عن التركيز على الشاشة وعيون الطرف الآخر. لكن إذا نظرنا إلى الشاشة، قد يشعر الشريك أننا ننظر تحت خط نظره.

كان المشاركون في الدراسة الجديدة متنوعين جداً، لكن قد تسمح عيّنة أكبر حجماً بجمع معلومات إضافية. لا يتعامل جميع الناس مع هذه التفاعلات أو يتعرفون على الوجوه بالطريقة نفسها. يعتبر البعض تواصل العيون مثيراً للتوتر مثلاً.

في مطلق الأحوال، يبقى التفاعل الاجتماعي عاملاً بالغ الأهمية، ويبقى الإنسان كائناً اجتماعياً بطبيعته، إذ يتكيف الدماغ مع عملية تحليل مؤشرات الوجه الحيوية خلال تفاعلاتنا اليومية مع الآخرين.


MISS 3