أماكن

تيشيت لؤلؤة منسيّة في الصحراء الموريتانية

02 : 00

كانت مدينة تيشيت الموريتانية المدرجة على قائمة التراث العالمي للبشرية على مدى ثمانية عقود، محطة رئيسية للقوافل التجارية العابرة للصحراء إلا أنها تشهد حالياً تراجعاً كبيراً.

على الدرب البدائي المؤدي إليها بعض الأعمدة الحمراء والبيضاء وثمة أيضاً آثار لإطارات آليات تختفي مع هبوب رياح رملية.

لكن لا علامات أو إشارات أخرى على الدرب الممتد على 200 كيلومتر والمؤدي إلى مدينة تيشيت، الواقعة على تلة في صحراء وسط موريتانيا، انطلاقاً من تيجيكجا. السيارات قليلة على هذا الطريق. ويقول شريف مختار مباكا مدرس اللغة الإنكليزية في المدرسة الثانوية المحلية: "قد يمر شهر من دون أن تأتي أي سيارة".

وتقع المدينة على تلة صغيرة في وسط صحراء من الصخور السوداء، وتتألف من منازل حجرية رمادية بهندسة فريدة من نوعها تنتشر في شوارع رملية.

ويبلغ عدد سكان تيشيت 2470 نسمة وفق إحصاء العام 2016. إلا أن المدينة تشهد تراجعاً كبيراً فيما سكانها ينظرون إلى الماضي لمعرفة سبب ذلك.

ويوضح شريف مختار مباكا: "التراجع بدأ عندما راح التجار يفضّلون النقل البحري على البري. اليوم انتهى الأمر ويواجه السكان مشاكل كثيرة".

إنتهت أيام التجارة المزدهرة. إذ تأتي شاحنة واحدة شهرياً إلى المدينة ناقلة الأرز والذرة البيضاء والمعكرونة للتجار المحليين، وتعود محمِّلة الملح من سبخة مجاورة لا تزال تعمل.

وانتهى أيضاً زمن رالي باريس-دكار الذي أقام محطة في تيشيت، حاملاً قوافل أخرى مؤلفة من رياضيين وصحافيين وسياح. ويقول محمد تيا أحد وجهاء المدينة مستذكراً: "مدرج الطيران الذي رسمه الفرنسيون في زمن الاستعمار أعيد تأهيله للرالي وكانت تغطّ عشرات الطائرات فيه". وقد نقل الرالي العام 2009 إلى أميركا الجنوبية بسبب تدهور الوضع الأمني وممارسات الجهاديين في الصحراء.

وكانت تيشيت على مدى قرون مركزاً للثقافة الإسلامية. وبقيت من تلك الفترة أبنية أدرجتها اليونسكو والحكومة على قائمة التراث العالمي.

ويقول رئيس بلدية المدينة حمدو لحمدو "باتت تيشيت منسية".

وبسبب عزلتها، المعيشة فيها مكلفة فيما يواجه السكان صعوبة في الانتقال إلى تيجيكا عاصمة المنطقة للعلاج في حال إصابتهم بمكروه.

وفي تيشيت، مستشفى يوفر الاسعافات الأولية وفيها أيضاً سيارة إسعاف "وهي من بين ست سيارات موجودة في تيشيت" بحسب محمد تيا.

إلا أن محطة الوقود غالباً ما تكون فارغة على غرار رفوف الدكاكين.

ولا يزال بعض السياح يمرون لكن أقل بكثير بعدما أصدرت فرنسا حتى العام 2019 نصائح بتجنب السفر في المنطقة.

أما أزقة المدينة فمقفرة في غالب الأحيان باستثناء أطفال يلعبون ويهرولون أو مسنين يشربون الشاي وهم يتبادلون أطراف الحديث.

ويفضل الشباب مغادرة تيشيت. ويقول جيلدو محمدو بابوي (34 عاماً) "لا عمل فيها ولا فرص".

وحاول الرجل الشاب أن يجد عملاً في مدينتي نواكشوط وأطار الكبيرتين، لكنه لم يفلح في مسعاه. وعاد الآن ليهتم بحسابات البلدية بعدما تولى أعمالاً متفرقة. ويسأل: "ماذا عسانا نفعل؟".

وأضاف أن البعض يعمل في بساتين أشجار النخيل وآخرين في سبخة الملح حيث يقطعونه، قبل أن يحمّلوا مئات الكيلوغرامات منه على ظهور الجمال، "لكن هذا كل ما هو متوافر".


MISS 3