مع دخول الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» يومها الـ44 أمس، بدأ «المشهد الإقليمي» يخرج عن السيطرة شيئاً فشيئاً، حيث أطلق المتمرّدون الحوثيّون العنان لأعمال «القرصنة» في البحر الأحمر من خلال استيلائهم على سفينة شحن، ما يُهدّد حرّية الملاحة البحرية وأمن المنطقة برمّتها، في وقت اعتبر فيه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان أن المنطقة تشهد حاليّاً «المرحلة الأولى» من اتساع نطاق حرب غزة «عبر مجموعات مقاومة تُقرّر بنفسها دعم فلسطين».
وبينما أعلن الحوثيون «الاستيلاء على سفينة إسرائيلية» واقتيادها إلى السواحل اليمنية، نفت تل أبيب أن تكون السفينة إسرائيلية، متّهمةً الحوثيين بالتصرّف بناء على «تعليمات إيران». وأوضحت إسرائيل أن سفينة الشحن المحتجزة مملوكة لبريطانيين، ويُديرها يابانيون في جنوب البحر الأحمر، واصفةً الحادث بأنه «عمل إرهابي إيراني» ستكون له تداعيات على الأمن البحري الدولي.
وأكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان أن السفينة المحتجزة، التي لم يذكر اسمها، ليست مملوكة لإسرائيليين، ولا تُشغّلها إسرائيل، وليس من بين طاقمها الدولي إسرائيليون، معتبراً أن «هذا عمل إرهابي إيراني جديد يُمثل تصعيداً في عدوان إيران على مواطني العالم الحرّ، وله تداعيات دولية على أمن مسارات الشحن العالمية».
في المقابل، قال المتحدّث العسكري للحوثيين يحيى سريع: «القوات المسلّحة اليمنية تُجدّد تحذيرها لكافة السُّفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه بأنها سوف تُصبح هدفاً مشروعاً للقوات المسلّحة». وأضاف: «نهيبُ بكلّ الدول التي يعمل رعاياها في البحر الأحمر بالابتعاد عن أي عمل أو نشاط مع السفن الإسرائيلية أو السفن المملوكة لإسرائيليين».
وأكد سريع أن عمليات الحوثيين تستهدف فقط السفن الإسرائيلية والمملوكة لإسرائيليين، وأن الحوثيين سيستمرّون في تنفيذ عمليّاتهم ضدّ الدولة العبرية حتى «يتوقف العدوان على قطاع غزة». وفي بيان منفصل، توعّد المتحدّث باسم الحوثيين محمد عبد السلام بأنّ احتجاز السفينة الإسرائيلية هو البداية، مشيراً إلى أن عدم اتساع الصراع يكون بوقف الحرب على غزة.
توازياً، علّق مسؤول أميركي عسكري على الحادث قائلاً: «نحن على علم بالوضع ونراقبه عن كثب»، فيما دعت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية السفن التي تعبر منطقة جنوب البحر الأحمر إلى توخّي الحذر. وأوضحت الهيئة في بيان أنها فقدت الاتصال مع السفينة غرب الحديدة، ومن المرجّح أن يكون قد اعتلاها «أشخاص بلا تصريح». وأفاد مصدر ملاحي في ميناء الحديدة الذي يُسيطر عليه المتمرّدون وكالة «فرانس برس» بأنّ «الحوثيين خطفوا سفينة تجارية في البحر الأحمر ونقلوها إلى ميناء الصليف في الحديدة».
وبالإنتقال إلى غزة، أفاد الجيش الإسرائيلي بأنه عثر على نفق طوله 55 متراً ويقع على عمق 10 أمتار، يستخدم بحسب قوله «من أجل الإرهاب»، تحت مستشفى «الشفاء» في القطاع، والذي يقوم بتفتيشه منذ الأربعاء بحثاً عن مركز قيادة لـ»حماس». وتحدّث عن «درج شديد الانحدار يؤدّي إلى مدخل النفق» المزوّد وسائل دفاع عدّة، بينها باب مصفح، مشيراً إلى أن «هذا النوع من الأبواب يستخدمه إرهابيو منظمة «حماس» لمنع القوات الإسرائيلية من دخول مراكز القيادة».
كما عرض الجيش الإسرائيلي مقطعَين مصوّرين، أفاد بأنّهما يُظهران رهينتَين من النيبال وتايلاند يتمّ اقتيادهما إلى «الشفاء» بعد احتجازهما في السابع من تشرين الأول. وفي أحد المقطعَين، يظهر عدّة أشخاص، 4 منهم على الأقلّ يحملون أسلحة، وهم ينقلون على نقالة رجلاً مصاباً ممدّداً، بينما يظهر في المقطع الآخر شخص يُبدي مقاومة أثناء مرافقته بالقوّة داخل مبنى يشبه المستشفى.
في الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 5 جنود في قطاع غزة، ما يرفع إلى 64 عدد جنوده القتلى في القطاع منذ بدء هجومه البرّي، بينما أعلنت حكومة «حماس» أن 13 ألف شخص قُتلوا جرّاء القصف الإسرائيلي المستمرّ على القطاع، بينهم أكثر من 5500 طفل و3500 إمرأة.
من جهة أخرى، دعت وزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملئيل المجتمع الدولي إلى «تشجيع إعادة التوطين الطوعي» للفلسطينيين «خارج قطاع غزة لأسباب إنسانية... بدلاً من إرسال الأموال لإعادة إعمار غزة أو للأونروا الفاشلة»، معتبرةً أن ذلك «سيكون مفيداً للجانبَين: للمدنيين في غزة الذين يُريدون حياة أفضل، ولإسرائيل بعد هذه المأساة الرهيبة».