الساعات الذرية قد ترصد المادة المظلمة

02 : 00

الساعات الذرية هي أدق أدوات نملكها لقياس الوقت. تقترح دراسة جديدة الآن طريقة لاستعمال ذلك المستوى المبهر من دقة الأدوات لرصد أبسط تقلبات الطاقة، ما قد يمنح العلماء طريقة فاعلة لمراقبة بعض أنواع المادة المظلمة.



لا يزال استكشاف المادة المظلمة عملاً شائكاً: لم يشاهدها أحد يوماً بشكلٍ مباشر، ومع ذلك يسهل أن نرصد آثارها في الكون. لكن لا تسمح النماذج الفيزيائية المستعملة راهناً بتفسير ما نشاهده للأسف. لهذا السبب، اقترح باحثون من جامعة «ساسكس» و»المختبر الفيزيائي الوطني» في المملكة المتحدة استخدام الساعات الذرية لرصد بعض الجزيئات منخفضة الكتلة التي تتألف منها هذه المادة الغامضة نظرياً.

وفق هذه النظرية، تتفاعل الجزيئات مع جسيمات منتظمة في المادة، لكن بوتيرة ضعيفة جداً. تتكل الساعات الذرية على تذبذبات غير محسوسة للذرات أثناء تنقلها بين مختلف حالات الطاقة لمعرفة الوقت، ما يعني إمكانية رصد أي تغيير بسيط في تلك التذبذبات، بدءاً من جزيئات المادة المظلمة التي تكون خفيفة للغاية.

في البداية، اقترح الباحثون بعض النماذج النظرية حول طريقة قياس التبدلات في توقيت الساعة الذرية. ثم أخذوا قياسات من الساعات الذرية المستعملة لإثبات فعالية هذه المقاربة. كانت الخطوة اللاحقة تقضي بإجراء تجربة تسمح بمقارنة ساعتَين ذريتَين: بدت الساعة الأولى أكثر عرضة للتغيرات بقليل بسبب ما يُعرَف باسم «الثوابت الأساسية»، أي المعايير الدائمة التي ترتكز عليها قوانين الكون.

في هذه الدراسة بالذات، حلل الباحثون عنصرَين من الثوابت الأساسية: عامل البنية الدقيقة الذي يصف قوة انجذاب الإلكترونات إلى البروتونات في الذرة، وكتلة الإلكترونات نسبةً إلى البروتونات التي تشير إلى «ثقل» الذرات.

كان يمكن تعطيل هذين العاملَين معاً عبر تفاعلات مع جزيئات خفيفة يقال إنها مسؤولة عن آثار المادة المظلمة، مثل المحور الافتراضي. ترسم هذه الدراسة حدوداً معينة لحجم التبدلات التي تشير إلى وجود الجزيئات.

تكثر النظريات في هذا المجال، فنحن نتعامل مع عدد كبير من الفرضيات والتوقعات، ولو أنها ذكية جداً. لكن قد تؤدي أي تغيرات دقيقة في إيقاع الساعة الذرية إلى تداعيات فيزيائية عميقة في نهاية المطاف.

تُعتبر الساعات الذرية مفيدة جداً للعلماء، وتتجاوز منافعها معرفة الوقت بدقة فائقة على مر مليارات السنين، فهي استُعمِلت أيضاً لقياس الانزياح الأحمر الجذبوي مثلاً، أي طريقة تأثير الجاذبية على الوقت.

في غضون ذلك، تلعب تلك الساعات دوراً مهماً في فيزياء الكم، وقد مهّدت لظهور مجالات بحثية حول أدوات نقل المعلومات الكمّية أو تخزينها. لكن اتضح اليوم أنها قد تُستعمل لرصد المادة المظلمة أيضاً. لا ترتكز هذه الاستنتاجات على أي نظريات سابقة، وتبدو النماذج المستعملة مرنة جداً وقد تكون كافية لتطبيقها في مجالات تتجاوز حدود المادة المظلمة وتشمل ظواهر غامضة أخرى.

نُشرت نتائج البحث في «المجلة الجديدة لعلم الفيزياء».


MISS 3