ما تأثير الكربوهيدرات والدهون على عمر الرجال والنساء؟

02 : 00

إستنتجت دراسة جديدة في كلية الطب التابعة لجامعة «ناغويا» في اليابان أن تناول كميات مفرطة من الكربوهيدرات والدهون قد يقصّر العمر. لكن تختلف نسبة الخطر بين الرجال والنساء. كان جميع المشاركين في الدراسة بحالة صحية جيدة في بداية التجربة.



في ما يخص استهلاك الكربوهيدرات، تبيّن أن الرجال يصبحون أكثر عرضة للوفاة لمختلف الأسباب عندما يأخذون أقل من 40% من سعراتهم الحرارية اليومية من الكربوهيدرات. في المقابل، لوحظ أن المرأة تصبح أكثر عرضة للوفاة حين تستهلك أكثر من 65% من سعراتها من الكربوهيدرات. لم يرصد الباحثون فرقاً بارزاً بين أثر استهلاك الكربوهيدرات المصنّعة بالحدّ الأدنى والأصناف المُكرّرة.

في ما يخص الدهون الغذائية، زادت مخاطر الوفاة بسبب السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الرجال حين كانوا يتلقّون أكثر من 35% من سعراتهم الحرارية من أي نوع دهون.

حلّل الباحثون نوعية الدهون التي استهلكها الرجال، ولم يتوصلوا إلى رابط واضح مع استهلاك الدهون المشبعة. لكنّ تناول كمية أقل من الدهون غير المشبعة ارتبط بزيادة خطر الوفاة بسبب السرطان أو لجميع الأسباب الأخرى.

وفي مجموعة النساء، تراجع خطر الوفاة بسبب السرطان أو لأسباب أخرى عند استهلاك كميات إضافية من الدهون، لا سيما الأنواع المشبعة.

شملت الدراسة 34893 رجلاً و46440 امرأة تتراوح أعمارهم بين 35 و69 عاماً. بلغ متوسط مؤشر كتلة الجسم 23.7 للرجال و22.2 للنساء، ويبقى هذا المستوى ضمن النطاق الصحي.

تقول خبيرة التغذية ميشيل روثنستاين (لم تشارك في البحث الجديد): «تكشف هذه الدراسة أن تراجع كمية الكربوهيدرات المستهلكة والحميات المبنية على تخفيف الدهون لإنقاص الوزن قد تقصّر عمر النساء».

كذلك، عبّرت أخصائية التغذية الوبائية العيادية ليندا فان هورن (لم تشارك في الدراسة أيضاً) عن قلقها من استخلاص استنتاجات خاطئة من هذه الدراسة: «لا تذكر هذه النتائج شيئاً عن الحميات الكاذبة، ويُفترض ألا تحصل هذه الدراسات عبر استعمال منهجيات متنوّعة مع مختلف المجموعات السكانية، ويجب ألا تقتصر على الولايات المتحدة التي تسجّل مستوىً مرتفعاً من البدانة وتتوسّع فيها النزعة إلى استهلاك المنتجات المصنّعة وقليلة المغذيات».

في الولايات المتحدة، تصل نسبة أصحاب الوزن الزائد إلى 30.7% من الراشدين، وتبلغ نسبة البدينين 42.4%.

تضيف فان هورن: «تأخذ التوجيهات الغذائية الأميركية هذه العوامل كلها في الاعتبار، وتبقى أكثر مصداقية من محاولة استعمال نتائج الدراسة الأخيرة حيث يبلغ مؤشر كتلة الجسم 23.7 للرجال و22.2 للنساء. حتى أن بعض حالات الوفاة الواردة في الدراسة قد تنجم عن الفقر واستهلاك كميات غير مناسبة من المغذيات، وهي صفات لا تنطبق على الأميركيين».

تشمل بعض مصادر الدهون المشبعة اللحوم الحمراء، وزيت جوز الهند، والزبدة، وزيت النخيل، ومشتقات الحليب الكاملة الدسم. تشتقّ الدهون المشبعة عموماً من مصادر حيوانية مثل الزبدة، والكريما، واللحم المقدّد، واللحوم المصنّعة.

أما مصادر الدهون غير المشبعة، فهي تشمل الأفوكادو، والزيتون، وجوز البقان، وبذور اليقطين، وزيت الذرة، والمكسرات، والبذور عموماً.

لكن ما الذي يجعل الرجال يحتاجون لأخذ 40% من سعراتهم الحرارية على الأقل من الكربوهيدرات لتجنب تراجع متوسط عمرهم المتوقع، وما الذي يجعلهم يجدون صعوبة في تلقي الكربوهيدرات اللازمة؟

تقول فان هورن: «في الدراسة الأخيرة، يتعلّق السبب على الأرجح بسوء نوعية الأغذية المستهلكة، وغياب الرعاية الصحية المناسبة بسبب الفقر، وعادات التدخين وشرب الكحول».

تضيف روثنستاين: «تفتقر الحميات التي تتراجع فيها كمية الكربوهيدرات إلى الألياف الغذائية ومغذيات مثل المغنيسيوم، والبوتاسيوم، والفيتامينات C وB، وهي عناصر أساسية لحماية الجسم. عندما نفتقر إلى هذه المغذيات الواقية، قد يرتفع خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان».

تكشف الدراسة وجود نقص محتمل في العناصر الغذائية الناشطة بيولوجياً، لا سيما الألياف، والحديد الهيمي، والفيتامينات، والمعادن، والأحماض الأمينية المتفرّعة السلسلة، والأحماض الدهنية، والمواد الكيماوية النباتية.

يذكر المشرفون على الدراسة أيضاً أن الحمية التي تفتقر إلى مصادر نباتية (لا سيما عند التعويض عن هذا النقص بمنتجات حيوانية) تحفّز المسارات الالتهابية، وتسرّع الشيخوخة البيولوجية، وتنتج مشكلة الإجهاد التأكسدي.

على صعيد آخر، قد يعني تراجع مؤشر كتلة الجسم لدى المشارِكات في الدراسة أن كل امرأة منهنّ تخفف استهلاك السكر وشرب الكحول مقابل تناول نسبة أعلى من الدهون مقارنةً بالرجال. لكن تبقى هذه الاستنتاجات مجرّد تخمينات لأن الدراسة لا تتطرق إلى هذه الجوانب.

تجدر الإشارة إلى أن المرأة تحتاج إلى كمية معينة من الدهون لإنتاج نسبة مناسبة من هرمونات تحمي القلـــــــب، مثل الأستروجين.

لا يطرح المشرفون على التجربة الجديدة نظريتهم حول هذا الجانب، لكنهم يشيرون إلى ظهور رابط عكسي بين استهلاك الدهون المشبعة وخطر الوفاة لدى النساء حصراً.

في النهاية، تدعو الدراسة إلى إجراء أبحاث أخرى عن هذا الموضوع. قد تسمح دراسة مشابهة تشارك فيها فئات أكثر تمثيلاً للولايات المتحدة أو أي بلدان غربية بالتوصل إلى نتائج عملية أخرى تأخذ في الاعتبار تأثير الحميات المحلية والوضع الصحي العام.


MISS 3