الصوم المتطرّف: ما هي تداعيات الوجبة اليومية الواحدة؟

02 : 00

يروّج المشاهير لجميع أنواع الحميات الغذائية الغريبة منذ سنوات، وتُعتبر حمية الوجبة اليومية الواحدة الأحدث بينها. تشير هذه الحمية إلى نسخة أكثر تطرفاً من حميات أخرى ترتكز على الصوم، منها الأكل المقيّد بالوقت أو الصوم المتقطع. لكن بدل الامتناع عن الأكل في أيام محددة أو الاكتفاء بتناول وجبات الطعام خلال فترة زمنية معينة، يستهلك الناس جميع سعراتهم الحرارية اليومية خلال وجبة واحدة كبيرة.



يظن مؤيدو هذه الحمية أنها تُحسّن جوانب صحية متعددة، لكننا نجهل حتى الآن تأثير الاكتفاء بوجبة يومية واحدة على الجسم ولم نتأكد بعد من أنه خيار آمن.

لا تزال الأدلة التي تدعم استعمال هذه الحمية محدودة. تَقِلّ الدراسات التي حللت مواصفات الحمية بالتفصيل، وقد جرت أي أبحاث من هذا النوع على الحيوانات.

إستكشفت دراسة واحدة حتى الآن آثار هذه الحمية على البشر. تلقى المشاركون فيها العدد نفسه من السعرات الحرارية يومياً. في منتصف الدراسة، استهلك المشاركون تلك السعرات خلال وجبة واحدة، قبل أن يقسّموها لاحقاً على ثلاث وجبات يومية. راقب الباحثون كل نمط من الحميتَين طوال 11 يوماً، وهي مدة قصيرة. كان المتطوعون يتناولون الوجبة اليومية الواحدة بين الخامسة والسابعة مساءً، وصمد 11 مشاركاً فقط حتى نهاية الدراسة.

عندما تناول المشاركون وجبة واحدة يومياً، تراجع وزن أجسامهم وكتلتهم الدهنية. لكنهم خسروا أيضاً جزءاً كبيراً من كتلتهم غير الدهنية وكثافة عظامهم حين اكتفوا بوجبة واحدة، ما قد يؤدي إلى ضعف الوظيفة العضلية وزيادة خطر التعرّض لكسور عظمية إذا استمرت تلك الحمية لفترة أطول.

كانت دراسات حيوانية قد حللت آثار حمية الوجبة اليومية الواحدة وتوصّلت إلى نتائج متضاربة، فقد كشفت تلك الأبحاث أن الفئران التي استهلكت وجبة كبيرة واحدة يومياً اكتسبت وزناً زائداً مقارنةً بالقوارض التي تناولت وجبات متعددة. قد تشير هذه النتائج إلى منافع محتملة لتلك الحمية على بعض المستويات الصحية، لكن تكثر المعلومات التي نجهلها حتى الآن.

يجب أن تستشكف الدراسات المستقبلية أثر هذه الحمية لدى عدد أكبر من المشاركين وفئات مختلفة من الناس (اقتصرت هذه الدراسة مثلاً على راشدين شباب ونحفاء). من الضروري أيضاً أن تحلل الدراسات أثر الحمية لفترة أطول، ويُفترض أن تحصل هذه التجارب على أرض الواقع. كذلك، من المفيد أن نعرف تأثير توقيت وجبة الطعام لتحسين النتائج وتحديد الفرق الذي تُحدثه قيمة الوجبة الغذائية.

كل من يكتفي بوجبة واحدة في اليوم يجد صعوبة في الحصول على كامل حاجاته الغذائية، لا سيما السعرات الحرارية، والبروتينات، والألياف، والفيتامينات والمعادن الأساسية. وقد يؤدي أي نقص في هذه العناصر المهمة إلى فقدان الكتلة العضلية، وزيادة مخاطر الإمساك، وتدهور صحة الأمعاء.

في غضون ذلك، يجب أن يحرص كل من يتبع هذه الحمية على تلقي حصة كافية من البروتينات وكمية كبيرة من الخضار، والمكسرات، والبذور، وبعض الفاكهة والحبوب الكاملة خلال وجبتهم اليومية، للحصول على حاجاتهم الغذائية. سيحتاج هؤلاء أيضاً إلى حصة كافية من مشتقات الحليب لتلقي ما يكفي من الكالسيوم واليود، أو يمكنهم أن يأخذوا مكمّلاً أو منتجاً بديلاً إذا كانوا نباتيين.

أخيراً، لا تناسب هذه الحمية الأولاد، أو النساء الحوامل، أو المرأة التي تُخطط للحمل أو ترضع طفلها، أو الأشخاص الأكثر عرضة للاضطرابات الغذائية.

قد تفيد هذه الحمية المشاهير، لكن يتكل هؤلاء على خبراء التغذية وحميات عالية الجودة ويأخذون المكملات عند الحاجة. لكنّ هذا النوع من الحميات ليس حلاً مستداماً لمعظم الناس العاديين، حتى أنه قد يسيء إليهم على المدى الطويل.


MISS 3