ماجدة عازار

الراعي على خطّ التهدئة ورفض أميركي لاستثناء لبنان من بنود "قانون قيصر"

9 حزيران 2020

02 : 00

الراعي أجرى لقاءات بعيدة من الإعلام مع المسؤولين

أحداث نهاية الاسبوع في بيروت وعدد من المناطق، قضّت مضاجع اللبنانيين، واستنفرت السياسيين وعلى أعلى المستويات، إذ إنها كانت بمثابة جرس إنذار متأخّر لخطورة الأوضاع في لبنان، بعدما كان الإنطباع السائد، قبل يوم "السبت الاسود"، أن الخطورة هي خطورة مالية ونقدية واقتصادية واجتماعية ومعيشية فحسب، ليتبين بعدها بأنها خطورة أمنية جدّية، الأمر الذي استدعى تحركاً سياسياً عاجلاً وفتح خطوط الاتصال بين كافة المقرّات.

وأمام ما جرى، برز حراك غير علني للبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي عقد سلسلة لقاءات على مستويات رفيعة، وأجرى مروحة اتصالات مع عدد من القيادات لتهدئة الأوضاع وفصل الشعارات الإقتصادية والمعيشية والمطلبية عن الشعارات التي تسيء الى الجميع، مهما كان مصدرها، وأي كان عنوانها.

توازياً، برز حراك علني، قاده رئيس الحزب "التقدمي الاشتراكي" وليد جنبلاط باتجاه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، قبل ان يستقبل في كليمنصو الرئيس سعد الحريري، واجتماع امس لرؤساء الحكومات السابقين فؤاد السنيورة، نجيب ميقاتي، تمام سلام وسعد الحريري في "بيت الوسط". وسبقت هذا الحراك مواقف "تهدوية" وتحذيرية لرئيس مجلس النواب من الوقوع في آتون الفتنة، وكذلك لرئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان من المحاولات المشبوهة لاثارة الفتن المذهبية بين اللبنانيين، وضرب وحدتهم الوطنية والإسلامية.

ووفق بعض المُطّلعين، فإن جنبلاط كان مرتاحاً الى اجتماعه مع بري والحريري، ولكنه يعتبر ان رئيس المجلس الذي تجاوب معه، كان عليه الّا يسمح بما جرى يوم السبت، إذ ان كل المعطيات كانت تشير الى وجود عناصر تابعة لحركة "امل" و"حزب الله"، بالرغم من كل التصريحات النافية.

ويعزو هؤلاء تحرّك جنبلاط وسعيه لخلق شبكة أمان الى عاملين اساسيين: عامل لبناني عام يتمثّل في احتواء الفتنة، وعامل مناطقي خاص للحفاظ على أمن الجبل الساحلي والوسطي، حيث توجد تكتلات شيعية في الساحل، وسنّية في اقليم الخروب.

والذين اتصلوا بزعيم المختارة، وجدوا انه مرتاح الى اجتماعاته، ولكن القلق الشديد يساوره على الوضع ومتخوف من استدراج اللبنانيين الى لعبة الامم، وهو غير قادر على تحمل تبعاتها. ومن هنا دعوته الى الانتباه لعدم الدخول في اللعبة الدولية.

وترافق هذا المشهد، مع بروز دعوات الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للدعوة الى طاولة حوار والبحث في الاستراتيجية الدفاعية الآيلة للدفاع عن لبنان، وحصر قرار استعمال السلاح وامتلاكه بالدولة اللبنانية. لكن يبدو ان هناك صعوبات عدة تحول دون هذه الخطوة، إذ ان "حزب الله" سيقاطع مثل هذه الدعوة اذا كان عنوانها السلاح، اما اذا جاءت تحت عنوان سياسي، فتجربة اللقاء الوطني المالي في بعبدا، في الأمس القريب، لمناقشة برنامج الحكومة الاصلاحي، لم تكن مشجعة كثيرا، في ضوء مقاطعة كل من تيار "المستقبل"، وحزب "الكتائب اللبنانية"، وتيار "المردة"، و"اللقاء الديموقراطي" وكتلة "الوسط" له، كذلك في ظل اعتبار بعض الاطراف ان بعبدا طرف بحد ذاتها، وبالتالي فإن المرجعية الشرعية التي عليها احتواء الوضع واستيعاب الامور هي غير قادرة على التحرّك.

من هنا، التخوف مشروع، لأن كل هذه الاحداث والتطورات تأتي، عشية التمديد للقوات الدولية في الجنوب "اليونيفيل"، والاتصالات الجارية لضمان عدم تعديل مهامها وتقليص ميزانيتها وتخفيض عديدها، وكذلك عشية دخول قانون "قيصر" حيز التنفيذ، وسط معلومات تتحدث عن رفض الادارة الاميركية حتى الآن، استثناء لبنان من بعض بنوده، كما تأتي هذه الاحداث على وقع تشنج امني وغارات اسرائيلية على مواقع ايرانية في سوريا، وتهديدات تل ابيب المستمرة لحكومة لبنان بعد حديثها عن تعاظم قوة "حزب الله".