طوني كرم

قاضي التحقيق في بيروت... يمتحن "التفتيش" و"شورى الدولة" والحكومة

8 كانون الأول 2023

01 : 59

إستبعاد قاضٍ لكونه «لا يسمع»!! (فضل عيتاني)

فصل جديد من فصول سقوط دولة المؤسّسات أو ما تبقّى منها. ويتمحور راهناً حول التخبّط المتعمّد داخل الجسم القضائي المنوط به السهر على حسن تطبيق النصوص القانونيّة والبتّ في نزاعات المتداعين. وذلك، قبل أن تؤدي الإجراءات الإداريّة المتّخذة من قبل الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت بالإنابة، القاضي حبيب رزق الله، إلى مساءلته أمام التفتيش القضائي، ومجلس شورى الدولة من قبل القاضي فؤاد مراد، وصولاً إلى توجيه عدد من النواب سؤالاً إلى وزير العدل بواسطة رئيس المجلس عن المخالفات القانونية الواضحة والجسيمة التي ارتكبت في سياق تكليف قاضي تحقيق أول في بيروت خلفاً للقاضي شربل أبو سمرا الذي أحيل إلى التقاعد. وتكمن أهمية هذا الموقع في الملفات المرتبطة به لا سيّما بعد مثول حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة أكثر من مرّة أمام قاضي التحقيق الأول السابق شربل أبو سمرا.

وإذ ينطلق السؤال الموجّه من قبل النوّاب حليمة قعقور، ياسين ياسين، الياس جراده، ميشال دويهي، إبراهيم منيمنه، وضّاح الصادق ومارك ضو، إلى وزير العدل هنري الخوري، من رقابتهم البرلمانية حول مخالفة الرئيس الأول (رزق الله) المواد 20، 35 و36 من قانون القضاء العدلي؛ فقد ارتكز السؤال حول تكليف قاضي تحقيق أول في بيروت من دون العودة إلى أي سند قانوني، إلى جانب التعدّي على صلاحية وزير العدل، ومخالفة العرف المتّبع في هذا الشأن.

إذ عمد إلى تكليف القاضي وائل صادق في المرحلة الأولى، قبل أن يعتذر الأخير جرّاء اعتراض أربعة من قضاة التحقيق في بيروت، وهم فؤاد مراد، فريد عجيب، روني شحادة وبلال حلاوي على قرار تكليفه خلافاً للقانون وعدم احترام الرئيس الأول شرط انتداب القاضي الأعلى درجة لرئاسة دائرة التحقيق. إلّا أن اعتذار صادق، لم يدفع القاضي رزق الله للعودة إلى تطبيق القانون، كما يرى منتقدوه، بل عمد من جديد إلى تكليف القاضي بلال حلاوي قبل ساعات من انتهاء مهام قاضي التحقيق الأول بالإنابة شربل أبو سمرا، متجاهلاً توقيع القاضي حلاوي على كتاب يطالب بوجوب انتداب الأعلى درجة، أي القاضي فؤاد مراد لتولّي المركز بالإنابة بحكم القانون.

وفي انتظار ردّ الحكومة ووزير العدل خلال 15 يوماً على الأكثر من تاريخ تسلّم السؤال، تشخص الأنظار إلى التفتيش القضائي وما إذا كانت رئيسة التفتيش بالإنابة القاضية سمر سواح، ستعمد إلى البتّ في المراجعة التي تقدّم بها القاضي فؤاد مراد في 9 تشرين الثاني 2023 بحقّ الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت حبيب رزق الله، قبل أن يعمد القاضي مراد لاحقاً، وفي خطوة تشكّل سابقة في تاريخ العدليّة إلى تقديم شكوى إبطال مع طلب وقف تنفيذ أمام مجلس شورى الدولة، لإبطال القرار الصادر في تاريخ 6/11/2023 عن الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف في بيروت بالإنابة القاضي حبيب رزق الله والمتضمّن تكليف القاضي بلال حلاوي بمهام قاضي التحقيق الأول في بيروت.

وإلى جانب الشقّ القانوني المرتبط بملء الشغور، تشير أوساط متابعة إلى أنّ المراجعة أمام مجلس شورى الدولة تعدّ سابقة تتعلّق بتنظيم العمل القضائي وإدارته وليس بسير الأحكام القضائية.

ويوضح مطّلعون، أنّ صلاحيّة الرئيس الأول مرتبطة حصراً بتكليف قاضٍ آخر لفترة مؤقتة في حال تعذّر القاضي الأصيل عن القيام بعمله، ما ينطبق أيضاً أثناء الإجازة المرضية أو وجود أحد القضاة خارج البلاد؛ في حين يتقلّص دور الرئيس الأول أمام شغور المركز، وتتمّ العودة حكماً إلى نصّ المادة 36 من قانون تنظيم القضاء التي تقول: إنه في حال شغور مركز قاضي التحقيق الأول في دائرة معيّنة، يتولّى مهامه بالإنابة بشكل حكمي قاضي التحقيق الأعلى درجة في الدائرة وإلا الأقدم عهداً في القضاء وإلا الأكبر سناً. وهو ما ينطبق على القاضي فؤاد مراد.

وحتّى اتّضاح مخاض المراجعات القضائيّة، ورغم عدم تعويل المعنيين عليها من أجل كسر شبكة المصالح بين القوى السياسيّة والقضائيّة، يشكّل قرار الرئيس الأول لمحكمة التمييز ما لم يتمّ الرجوع عنه، مقدّمة لما يمكن اعتماده لاحقاً من كسرٍ للنصوص والأعراف لملء مروحة الشواغر المرتقبة في العدلية، والتي قد تكون النيابة العامة التمييزيّة محطتها الثانية.


MISS 3