جاد حداد

Gaga: Five Foot Two... جانب مختلف من الليدي غاغا

11 كانون الأول 2023

02 : 00

يعرض فيلم Gaga: Five Foot Two (غاغا: خمسة أقدام واثنان) جوانب شفافة وغير منقّحة من حياة ليدي غاغا التي ظهرت على الساحة الموسيقية للمرة الأولى قبل تسع سنوات تقريباً وتحوّلت إلى رمز للثقافة الشعبية منذ ذلك الحين.

يحمل هذا الوثائقي توقيع المخرج كريس مكربل، وهو يعرض قصة غاغا خلال أشهر مضطربة وناشطة من العام 2016. تبلغ هذه المرحلة ذروتها حين تقدّم عرضاً أمام أكبر عدد من الجمهور في مسيرتها، خلال الاستراحة الترفيهية بين الشوطَين في مباراة سوبربول، في كانون الثاني الماضي. على المستوى المهني، سنشاهدها وهي تسجّل ألبومها Joanne الذي يحمل طابعاً شخصياً جداً، مع المنتج مارك رونسون والمغنية فلورانس ويلش من فرقة «فلورانس أند ذا ماشين»، وتُخطط لجميع تفاصيل إصدار الألبوم بدقة تضاهي الضربات العسكرية. في الوقت نفسه، تصوّر غاغا دوراً في الموسم السادس من مسلسل American Horror Story (قصة رعب أميركية)، بعنوان Roanoke. في غضون ذلك، يحاول برادلي كوبر إقناعها بلعب دور البطولة في أول عمل يُخرجه في مسيرته، وهو نسخة متجددة من فيلم A Star is Born (ولادة نجمة). هي تقدم عروضاً مميزة أيضاً خلال المؤتمر الوطني الديمقراطي والاحتفال بعيد ميلاد توني بينيت. أخيراً، سنشاهد العرض المميز خلال مباراة السوبربول، وهي تعتبره تتويجاً لمسيرتها الفنية وفرصة لاستعمال الموسيقى لجمع الأميركيين المنقسمين حتى الآن بسبب الانتخابات الرئاسية الأخيرة.

قد تبدو حياة غاغا ساحرة على نحو استثنائي، لكنها تشمل أيضاً بعض الجوانب القاتمة. هي انفصلت مثلاً عن خطيبها تايلور كيني الذي كان مصدر إلهام لها في بعض أغاني ألبوم Joanne، لكن يبدو أنها لم تتجاوز بالكامل تلك التجربة العاطفية المؤثرة. الأهم من ذلك هو التركيز على الألم المزمن الذي أصابها منذ تعرّضها لكسر في الورك (تلقّت تشخيصاً خاطئاً في البداية)، خلال الجولة التي تلت صدور ألبوم Born This Way، قبل ثلاث سنوات. هي تتابع العمل في معظم الأوقات رغم ألمها بفضل طاقتها الدائمة، لكننا سنشاهدها في بعض اللحظات وهي بالكاد تستطيع التحرك بسبب ما تعتبره «حبل عذاب» يمتد في أنحاء جسمها. لكن يقودنا هذا الوضع إلى واحدة من أكثر اللحظات متعة وغرابة في الفيلم، فتدخل غاغا لإجراء فحص طبي وتخضع لإجراء معيّن فيما يتابع فريق المكياج الخاص بها عمله لتحضيرها لموعدها اللاحق.

تتعدد هذه اللحظات على مر الفيلم، فنشعر بأن صانعي العمل يُركزون على أسخف المواقف لكنهم ينجحون في تضخيم أثرها. سنشاهدها في مرحلة معينة وهي تجري لقاءً إلى جانب حوض السباحة مع مستشاريها في مجال الموضة لتحديد المظهر الذي يناسب حملتها الترويجية لألبوم Joanne.

لكن يشمل الوثائقي في المقابل لحظات مثيرة للاهتمام لأنها لا تتبع مساراً متوقعاً. في أحد المشاهد مثلاً، تُشغّل غاغا الأغنية التي تحمل عنوان الألبوم أمام جدّتها، علماً أن تلك الأغنية هي تحية لعمتها الراحلة التي سُمّيت تيمناً بها. لكنّ هذا المشهد الذي صُمّم بكل وضوح كي يعطي أثراً استثنائياً يحمل طابعاً عملياً ومؤثراً وأكثر هدوءاً ويتّسم بأسلوب مميز بمعنى الكلمة. وفي مشهد آخر، تدخل غاغا إلى متجر «وول مارت»، إلى جانب طاقم التصوير الذي يرافقها في كل مكان، للتحقق من ترتيب ألبومها. وحين تعجز عن إيجاده، تبدأ بالتجول للاستفسار عنه، لكن لن يعرفها الموظف ولا حارس الأمن هناك في البداية.

لو تمحور هذا الوثائقي حول أي شخصية أخرى في عالم البوب المعاصر، كان ليخصص مئة دقيقة لمدح بطل القصة من دون التأثير على المشاهدين، باستثناء المعجبين المتعصبين للمشاهير. لكن يتميز هذا الفيلم بحضور غاغا المُلهِم والجاذب. هي تدرك طوال الوقت أنها أمام الكاميرات، لكنها تنجح رغم ذلك في بث أجواء بسيطة وصادقة من الإنسانية والاحترام، ما يجعلها قريبة من المشاهدين. عندما تتفاعل مع عدد من أكبر معجبيها، يبرز بينهم رابط عميق لا يمكن إنكاره أو تزييفه. وحين تتكلم عن آمالها بالجمع بين الناس عبر العرض الذي تقدّمه خلال مباراة السوبربول، لا مفر من أن نشعر بصدق كلامها، فلا نشك للحظة بأنها تريد الترويج لنفسها بكل بساطة. وعندما تروي المآسي التي تعيشها بسبب الألم الذي يرافقها منذ سنوات، يسهل أن نتعاطف معها ونرغب في مساعدتها كي تشعر بالراحة، مثلما ساهمت الموسيقى التي تقدّمها في إسعاد الناس على مر السنين.


MISS 3