جو حمورة

"ديموقراطية محسومة" في مصر... عين السيسي على غزة

14 كانون الأول 2023

02 : 00

نتيجة الإنتخابات الرئاسية المصرية محسومة سلفاً (أ ف ب)

قلّة اكترثت للانتخابات الرئاسية المصرية. تأخذ الحرب بين إسرائيل وحركة «حماس» كل الاهتمام الديبلوماسي الإقليمي، والإعلامي حتّى. لا جديد في مصر على جميع الأحوال، فالفائز في ولاية رئاسية جديدة سيكون عبد الفتاح السيسي، حتى وإن كان موعد الإعلان عن اسم الفائز مؤجل إلى يوم الإثنين المقبل.

تواجه مصر سلسلة من المشكلات الكبيرة والأزمات، ستدفع بالسيسي وإدارته إلى التركيز على اثنتين أساسيّتين منها، وهما الأزمة الاقتصادية المحلّية، فضلاً عمّا يجري قرب حدوده، على المقلب الآخر من معبر رفح، في غزة.

وفي حين أصبحت قضية سداد مصر لديونها الخارجية المتراكمة مشكلة حقيقية تكبّل الاقتصاد المحلّي، إزدادت تأثيرات هذه القضية بشكل سلبي على وضع المواطنين الاقتصادي، وهم يُعانون اليوم من أزمات معيشية متنوعة، فيما التضخم ازداد بشكل كبير وتراجعت نسبة النمو السنوي إلى 4.1 في المئة، بحسب تقرير حديث للبنك الأوروبي للإعمار والتنمية. أمّا السيسي، فيؤكد دوماً أنه لا يتحمّل مسؤولية الأزمة الاقتصادية الحالية، ويعيد أسبابها إلى ظروف الاقتصاد الدولي المتراجع، كما إلى وِزر من سبقوه في الحكم وما اقترفوه بحق اقتصاد بلاده.

أما أزمة مصر الثانية، وربّما الأخطر، فهي متعلّقة بما يجري في قطاع غزة، والتي يُمكن أن تنتهي بدفع مصر بعض أثمان الحرب. فإن كانت «الخطة» الإسرائيلية هي السيطرة التامة على القطاع، ودفع مئات الآلاف من الغزاويين إلى خارجه، يبدو الخيار الإسرائيلي الأمثل هو انتقالهم إلى مصر، فيما هذه الأخيرة قد أدارت محرّكات ديبلوماسيتها في الأسابيع الأولى من الحرب، وأعلنت، بالتضامن مع الأردن، موقفاً حازماً في رفض هذه «الخطة» بشكل مطلق... ولا تزال.

«الممانعة» المصرية الحالية لا يُمكن أن تدوم إلى الأبد، فيما الضغط على القاهرة لفتح معبر رفح الحدودي أمام المواطنين يتزايد يوماً بعد يوم. ليس الضغط عسكريّاً إسرائيليّاً ولا ديبلوماسيّاً غربيّاً فقط، بل بدأت تجمهرات وتظاهرات أبناء غزة القادمين من شمال القطاع إلى جنوبه المكتظّ بالسكان تُعبّر عن نفسها، وتطالب بفتح «أنبوب الأكسجين» الوحيد مع العالم الخارجي.

وإن كانت الانتخابات الرئاسية المصرية لا تُقدّم أو تؤخّر بشيء على دور مصر الإقليمي وخطورة ما هو قادم من الأيام، فإنّها تبقى مسألة محلّية ترفد السيسي بالمزيد من الشرعية للاستمرار بالحكم. كما تبدو بمثابة «ديموقراطية محسومة»، وسط غياب أي منافسة جدّية على منصب الرئاسة، ودوام استحكام إدارة السيسي بالمؤسّسة العسكرية، الإعلام المحلّي وعلى الفضاء السياسي العام في البلاد.

على الرغم من طرح بعض الأوساط السياسية والديبلوماسية الهامشية فكرة المقايضة بين قبول مصر استضافة «شبه» دائمة للغزاويين، في مقابل إعفائها من بعض ديونها الخارجية، تبقى هذه الفكرة مجرّد سراب حتى الآن، إذ إنّها لم تُطرح من أي جانب دولي جدّي، فيما لا يبدو الغرب ومؤسّساته المالية في وارد دفع أثمان الحرب في غزة أو تنفيذ مشيئة إسرائيل وخططها. إضافةً إلى ذلك، لا تُبدي مصر أي زحزحة عن موقفها الرافض لاستقبال أبناء غزة، وتُفضّل بقاءهم حيث هم ليتدبّروا أمورهم ولتتحمّل «حماس» مسؤوليّتهم ومسؤولية افتعال حرب مع إسرائيل ونتائجها.

تبقى عين مصر على ما يجري في غزة، فيما مسار الحرب بين إسرائيل و»حماس» لا يُنبئ إلّا بقدوم ما هو أسوأ على مصر، هذا طبعاً إن استمرّ التقدّم الميداني الإسرائيلي في القطاع وحصر ما تبقى من سكانه في جنوبه، وهو الأمر الوارد جدّاً في القادم من الأسابيع.


MISS 3