عيسى يحيى

بعلبك تحت رحمة الفلتان الأمني ورئيس البلدية يرفع الصوت: لن نسكُت

17 حزيران 2020

02 : 00

المقهى الذي أُصيب بإطلاق النار

لا رادع ولا أمن، يُوقف ما يجري في بعلبك من إستباحة لأرزاق الناس وأمنهم، مهما كانت أسباب الخلافات، والمُتضرّر الوحيد هو المواطن البعلبكي الذي بات تحت مِقصلة الرصاص يتساقط فوقه من دون إنذار، والسوق التجاري ووسط المدينة ساحتا تصفية حسابات وتنفيس غضب وإلحاق ضرر يعُمّ المدينة بكافة أطيافها.

قبل ثلاث سنوات، وفي التوقيت نفسه، إستفاقت بعلبك وأهلها على تظاهرةٍ حاشدة أمام ثكنة قوى الأمن الداخلي في المدينة، وبمشاركة من البلدية ومسؤول العمل البلدي في "حزب الله" آنذاك. الجميع طالب برفع الغطاء عن المُخلّين بالأمن، وحمّل البعض القوى الأمنية المسؤولية لتقاعسها عن دورها وتوقيف المُرتكبين الذين يسرحون ويمرحون على مرأى من أعين الأجهزة الأمنية. مضت سنوات ثلاث وبعلبك تحت رحمة الفلتان الأمني، وسُكّانها تحت مرمى رصاص وقذائف العابثين بأمنها. فلا العشائر ولا الأحزاب ولا الفاعليات حرّكت ساكناً لضبط الأوضاع التي ازدادت سوءاً. ولا الدولة، بالرغم من الخطط الأمنية التي نُفّذت، والإجراءات الدائمة المُتّخذة في السوق وعلى الأطراف والحواجز التي تُقام، ضبطت تلك الظاهرة، لتبقى المدينة عرضة للخلافات والمشاكل التي يُحرق فيها الرصاص بتكاليف باهظة، ويبقى المواطن أسير الخوف والرعب.

خسائر في الممتلكات

بين ثورة تشرين وأزمة "كورونا"، كان سوق بعلبك في مرحلة الإحتضار، وأصحاب المحال التجارية يلفظون أنفاسهم الأخيرة، يُصارعون للبقاء على أمل إنتهاء الأزمة وانتظار الموسم السياحي لتعويض الخسائر، وتحسّن أوضاع الناس وتحريك العجلة الإقتصادية، لكن بلا جدوى، ليُضاف إلى همّهم اليوم الهمّ الأمني الذي بلغ حدود إستباحة المحال التجارية ليلاً، وإطلاق النار عليها، وتضرّرها، ما تسبّب بخسائر لأصحابها وبخوف لدى المواطنين إنعكس انعداماً في الحركة الشرائية وخلوّ السوق من الناس خوفاً على أرواحهم.

على مدار يومين مُتتاليين، إستفاق سوق بعلبك على حادثة إطلاق نار على محال تجارية ومقهى لآل عواضة ما تسبّب بخسائر في المُمتلكات والبضائع، وحالت العناية الإلهية دون وقوع إصابات في الأرواح خلال إطلاق النار على مقهى "أركادا" فجر أمس، حيث صودف أن العامل فيه ينام بداخله أثناء إطلاق الرصاص، ليرتفع الصوت بضرورة وضع حدّ للفلتان الأمني المُستشري، وإلا فالمدينة ستتّجه إلى الأمن الذاتي.

رئيس البلدية

وتفقّد رئيس بلدية بعلبك فؤاد بلوق أمس الأضرار، برفقة مخاتير المدينة وأعضاء المجلس البلدي، وسط إنتشار للجيش اللبناني ومخابراته في السوق والتي باشرت تحقيقاتها في الحادثتين. وأشار بلوق الى انها "الليلة الثانية التي تتعرّض فيها محلّات في السوق التجاري لإطلاق النار"، وتوجّه باسم بلدية بعلبك والمخاتير وتجّار وفعاليات المدينة إلى وزير الداخلية العميد محمد فهمي والأجهزة الأمنية، لضرورة وضع حدّ للعابثين بأمن المدينة، "فقد صبرنا على إقفال محلاتنا 3 أشهر، وعلى ارتفاع سعر صرف الدولار، وامتناع المصارف عن دفع أموال التجّار والمودعين، وصبرنا على جوع ناسنا وأهلنا وعلى حرمان مدينتنا، وصبرنا على المماطلة في تحويل أموال البلديات المستحقة من الصندوق البلدي المستقلّ، بالرغم من أنّ عمّال البلدية يعملون من دون تقاضي رواتبهم الشهرية، وصبرنا على الحُفر التي تملأ طرقاتنا، وعلى عدم تمكُّننا من تصليح آليات رفع النفايات عندما تُصاب بأعطال، وصبرنا على عدم السماح للبلدية بمنح رخص بناء لأهلنا ليتمكّنوا من بناء منزل صغير على أملاكهم يأوي عائلاتهم، ممّا يُتيح خلق فرص العمل لمئات أصحاب المهن الحرة، ويُحرّك العجلة الاقتصادية، وكنا نأمل خيراً من هذه الحكومة التي تعمل ليل نهار من أجل البلد، ونعلم بأنها استلمت بلداً منهوباً، لكننا لن نصبر على هدر كرامتنا وعلى ترويع أهلنا وأولادنا وتُجّارنا، بإطلاق النار العشوائي كل يوم، سواء على خلفية مشاكل فردية، أو لاستهداف المحلات ليلاً، هذا الأمر لن يسكت عليه أهلنا وناسنا".

وسأل: "هل يريدون إيصالنا إلى اعتماد الأمن الذاتي، وأن يضع كلّ منّا حراساً أمام بيته ومحله؟ لذا لا تُجبرونا على اتّخاذ إجراءات قاسية، ولا توصلوا الناس إلى مكان لا يُريدون الوصول إليه، وغداً سنلتقي محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر لعقد اجتماع مع التجّار والفاعليات والأجهزة الأمنية"، وأكّد أنّه "إذا لم تُتّخذ قرارات فاعلة ورادعة تفرض الأمن، فإننا سنلجأ إلى تسليم وزير الداخلية المفاتيح، ونطلب منه إيلاء بعلبك الأهمية التي تستحقّها، وإعطاء الأوامر بالتدابير والإجراءات التي يجب أن تتّخذها القوى الأمنية لتقوم بواجبها، ونحن لا نقول بأن التقصير مقصود، ولكن بالتأكيد هناك أذن لا تسمع وعين لا ترى وتغضّ النظر عن البعض، فهل المطلوب منّا كبلدية ومخاتير وتجّار وفاعليات أن نعتقل مُطلقي النار والعابثين بالأمن؟ هذه مهمّة وواجب القوى الأمنية".

وأضاف: "إنتظرنا بفارغ الصبر، بعد أزمة "كورونا" فتح مدينتنا وأسواقنا، ولكنّ إطلاق النار يُوقف الحركة التجارية ويُسيء للموسم السياحي، فهل هكذا تُكافأ بعلبك التي حارب أبناؤها العدو الإسرائيلي وقاوموا الإرهاب التكفيري، هل هكذا يكون الوفاء؟". وأشار الى حادثتي إطلاق النار بعد اجتماع نواب ووزراء بعلبك الهرمل، واتّخاذهم بعض القرارات، "لذا، نطلب من النواب والوزراء والفاعليات والأحزاب أن يكونوا يداً واحدة مع أبناء المنطقة، لاتّخاذ القرار بأن تقوم الدولة بواجبها على أكمل وجه، واعتقال ومحاسبة من يستبيح أمن الناس، وفرض استتباب الوضع الأمني، كي يُتاح لنا العمل باطمئنان في مدينتنا بعلبك التي تُعاني من الحرمان".


MISS 3