باريس تُندّد بـ"عمل عدواني" لسفن تركيّة في البحر المتوسّط

بعد "مخلب النسر"... أنقرة تُطلق "مخلب النمر" في شمال العراق

02 : 00

وزير الدفاع التركي يُوجّه العمليّات من مقرّ قيادة الجيش في أنقرة أمس (أ ف ب)

على الرغم من الإدانات العربيّة والغربيّة المتكرّرة، تستمرّ تركيا بسياساتها العسكريّة "التوسعيّة" في أكثر من دولة عربيّة، خصوصاً في سوريا وليبيا والعراق، حيث أطلقت أنقرة أمس هجوماً جوّياً وبرّياً ضدّ المقاتلين الأكراد في شمال "بلاد الرافدين"، في خطوة تُهدّد بتصعيد التوتر بين أنقرة وبغداد.

وأكدت وزارة الدفاع التركيّة انطلاق عمليّة "مخلب النمر"، مشيرةً إلى أن "أبطال قوّاتنا الخاصة وصلوا إلى حفت طنين"، في المناطق الكرديّة في شمال العراق، ما سيُثير حتماً حفيظة بغداد التي استدعت السفير التركي الثلثاء للاحتجاج على الضربات التي شنّتها القوّات الجوّية التركيّة على مواقع حزب "العمال الكردستاني" داخل الأراضي العراقيّة هذا الأسبوع في إطار عمليّة "مخلب النسر".

وذكرت الدفاع التركيّة أيضاً أن القوّات الجوّية نقلت قوّات الوحدات الخاصة التي تُساندها مروحيّات مقاتلة وطائرات بلا طيّار، موضحةً أن العمليّة نُفّذت على أساس "الدفاع المشروع عن النفس"، وبرّرتها "بالتصعيد الأخير للهجمات على مراكز الشرطة وقواعدنا العسكريّة" بالقرب من الحدود العراقيّة. وأشارت إلى أن الانتشار العسكري سبقه قصف مدفعي عنيف. ونشرت الحكومة التركيّة صوراً تُظهر وزير الدفاع خلوصي أكار يوجّه العمليّات من مقر قيادة الجيش في أنقرة.

من جهته، كشف مصدر في حزب "العمال الكردستاني" لوكالة "فرانس برس" في العراق أن القوّات التركيّة "قامت بإنزال جوّي من خلال مروحيّات عسكريّة مدعومة بمقاتلات حربيّة، واشتبكت مع عناصرنا في منطقة حفت طنين التابعة لقضاء زاخو في محافظة دهوك"، على الحدود مع تركيا في شمال العراق.

وإذ رأى خبراء أن القوّات التركيّة تسعى إلى احتلال سلسلة جبال استراتيجيّة على الحدود بين العراق وتركيا، أشاروا إلى احتمال إقامة قواعد عسكريّة في المكان. كما اعتبروا أن صمت الحكومة الإقليميّة الكرديّة وبغداد يُعدّ بمثابة مؤشّر إلى أنّهما تلقتا معلومات من الحكومة التركيّة وأقامتا تفاهماً ما في شأن هذا الهجوم.

تزامناً، أفادت وسائل إعلام عراقيّة بأنّ المدفعيّة الإيرانيّة قصفت عدداً من المناطق الحدوديّة داخل إقليم كردستان، فيما كانت قد حلّقت في وقت سابق من القصف طائرات استطلاع إيرانيّة فوق تلك المناطق، بينما استنكرت الإمارات في بيان صادر عن الخارجيّة التدخّلات التركيّة والإيرانيّة في العراق.

على صعيد آخر، أعلنت وزارة الجيوش الفرنسيّة أن سفينة فرنسيّة تُشارك في مهمّة لـ"حلف شمال الأطلسي" في البحر المتوسط تعرّضت في الآونة الأخيرة لعمل "عدواني للغاية" من قبل زوارق تركيّة، مندّدةً بمسألة "بالغة الخطورة" مع شريك أطلسي.

وأوضحت الوزارة أن السفينة الفرنسيّة تعرّضت لـ"ثلاث ومضات لإشعاعات رادار" من أحد الزوارق التركيّة، معتبرةً ذلك "عملاً عدوانيّاً للغاية لا يُمكن أن يكون من فعل حليف تجاه سفينة تابعة للحلف الأطلسي"، في وقت عقد فيه وزراء الدفاع في دول الحلف اجتماعاً عبر دائرة الفيديو المغلقة.

كما اعتبرت أن "هذه القضيّة خطرة جدّاً في نظرنا، إذ لا يُمكننا أن نقبل بأن يتصرّف حليف على هذا النحو وأن يقوم بما قام به ضدّ سفينة لـ"حلف شمال الأطلسي" وتحت قيادة الحلف وتقوم بمهمّة للحلف"، محذّرةً من أن وزيرة الجيوش فلورانس بارلي ستضع "النقاط على الحروف" خلال هذا الاجتماع في شأن "الموقف التركي في النزاع الليبي".

ولفتت الوزارة كذلك إلى أن "السفن التي تُبحر بين تركيا ومصراتة أحياناً بمواكبة فرقاطات تركيّة لا تُساهم في نزع فتيل الأزمة"، محذّرةً من أن تكون السفن الحربيّة التركيّة "تستخدم رموز الأطلسي" لتُعرّف عن نفسها خلال مهمّات المواكبة هذه. توازياً، وصل وفد وزاري تركي رفيع المستوى إلى العاصمة الليبيّة طرابلس والتقى رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج. وأوضح المكتب الإعلامي لحكومة "الوفاق" في بيان صحافي أن السراج استقبل وفداً تركيّاً رفيع المستوى يضمّ وزيرَيْ الخارجيّة مولود تشاوش أوغلو، والخزينة والمال برات البيراق، ورئيس المخابرات هاكان فيدان وعدداً من كبار المسؤولين الأتراك.

وتناول الاجتماع مستجدّات الأوضاع في ليبيا والجهود الدوليّة لحلّ الأزمة الراهنة، كما تمّ بحث عودة الشركات التركيّة لاستكمال أعمالها في ليبيا، إضافةً إلى آليّات التعاون والتكامل في مجالات الاستثمار والبنية التحتيّة والنفط.

كذلك، جرى متابعة تنفيذ مذكّرة التفاهم الأمني والعسكري المثيرة للجدل والموقّعة بين البلدَيْن في شهر تشرين الثاني الماضي، خصوصاً في ما يتعلّق بالتعاون في بناء القدرات الدفاعيّة والأمنيّة الليبيّة من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز، إضافةً إلى المستجدّات بخصوص مذكّرة التفاهم حول تحديد الصلاحيّات البحريّة.


MISS 3