طوني كرم

نقابة أطباء الأسنان... تتخطّى التحدّيات وتراكم الأرباح

22 كانون الأول 2023

02 : 00

نقيب أطباء الأسنان البروفسور رونالد يونس

تشخص الأنظار إلى نقابات المهن الحرة في لبنان عند استحقاقاتها الإنتخابيّة، بُعَيد تحوّل جمعياتها العموميّة إلى ميدان لأحزاب السلطة، تختبر من خلالها قوتها وقدرتها على إبعاد الأصوات المُعارضة عن مجالسها النقابيّة؛ ويغيب وهجها بين الإستحقاق والآخر، جرّاء تراجع دور الغالبيّة من بينها... ما ارتدّ سلباً على إنتاجية العديد من النقابات، وصولاً إلى تشكيك بعض النقابيين بمجالسهم النقابيّة وقدرتها على وضع الاستراتيجيات الكفيلة بتخطّي تبعات الإنهيار الإقتصادي والمالي الذي يمر فيه لبنان منذ 2019.

وبينما يشكك البعض في إدارات نقاباتهم الماليّة والعمل على إسقاط موازناتها، عمدت جهات أخرى إلى تحويل بعض النقابيين الذين يديرون ملفات نقاباتهم الماليّة إلى القضاء، في حين تمكنت مجالس نقابيّة أخرى، من إعادة الإعتبار إلى العمل النقابي، ومن خلاله رسم الخطط الكفيلة بإعادة الإنتظام المالي للنقابات، ورسم الخطط الكفيلة بإعلاء دور المهن الحرة على الصعيد الوطني، أسوة بما قامت به نقابة أطباء الأسنان في لبنان.

وفي هذا السياق، كشف نقيب أطباء الأسنان في لبنان البروفسور رونالد يونس لـ»نداء الوطن»، أنّ الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان منذ جائحة «كورونا» وإنعكاسها المباشر على أطباء الأسنان لم تحدّ من عزيمتهم على إعادة الإنتظام إلى عمل النقابة، وتحديداً في الأمور المرتبطة بالشقّ المالي ومسألتي التعاضد والتقاعد للأطباء. ولفت إلى تمكنهم عبر خطوة جريئة ومتقدمة في خضم الأزمة الإقتصادية، من تأمين الإستشفاء لأطباء الأسنان من خلال صندوق التعاضد الذي تقوم النقابة بإدارته، باستيفاء الإشتراكات بالدولار الأميركي وعقد إتفاقات مباشرة مع المستشفيات خوّلت النقابة المحافظة على ما يقارب ثلث الإيرادات التي حصّلتها بالدولار الأميركي من المشتركين في التأمين الصحي. ويتحول بذلك الملف الطبي من عبء على ميزانية النقابة إلى مصدر بإمكانه أن يشكّل وفراً مالياً كبيراً لها.

وإذ يقدّر المبلغ الإجمالي لنقابة أطباء الأسنان المحتجز في المصارف اللبنانية بـ47 مليون دولار أميركي، أشار يونس إلى مطالبتهم إلى جانب النقابات الأخرى باسترجاع هذه الأموال بقيمتها الفعليّة، لافتاً في السياق ذاته إلى المسؤولية الملقاة على عاتقهم لجهة المحافظة على أموال النقابة وعدم التفريط بها، قبل أن يتوقف من جديد عند الوفر المالي أو الأرباح التي تحققها النقابة رغم الأزمة الماليّة التي يمر فيها لبنان.

وإلى جانب صندوق التعاضد المولج إدارة الشقّ الصحي للأطباء، أعلن يونس وضع خطة خمسيّة لتعزيز إيرادات صندوق التقاعد لتمكينه من القيام بدوره ومساندة الطبيب في مرحلة التقاعد، بالتوازي مع استحداث منحة وفاة تقارب راهناً 20 ألف دولار أميركي، وسط توجّه لرفع تدريجي لهذا المبلغ.

وإذ لا تتعدى الرسوم السنوية التي يسدّدها طبيب الأسنان راهناً الـ 210 دولارات أميركية، فإنّ 100 دولار منها تخصص لمنحة الوفاة الإجباريّة Life Insurance، و60 دولاراً لصندوق التقاعد، و50 دولاراً لصندوق التعاضد. وشدّد يونس على أنّ موافقة الجمعية العمومية على استيفاء الإشتراكات بالدولار نابع من ثقتها بالإدارة الجيدة للصناديق، وذلك بالتزامن مع إتجاه النقابة إلى الإستعاضة عن الشركة التي تشرف على إدارة صندوق التعاضد (TPA) بإنشاء إدارة ذاتية، والإكتفاء بالإستعانة بشركات تدقيق على الأموال التي تتم جبايتها وتسديدها لتغطية تكاليف الإستشفاء.

واعتبر أنّ الخطة الخمسيّة التي وضعت مع دراسة إكتواريّة من شأنها أن تنصف أطباء الأسنان تدريجياً، رغم عائداتها الخجولة في المرحلة الأولى، والتي تزامنت مع خطة لإطلاق مشروع يخوّل الطبيب الإستفادة من تعويض نهاية الخدمة (أسوة بالأسلاك العسكرية) إلى جانب استفادته من المعاش التقاعدي المحصور بسقف وحسابات محددة.

ومع أهمية دور النقابة في إعلاء شأن المهنة ودورها على أبواب عيدها الـ 75، شدّد يونس على أهمية دورها في إعلاء المستوى العلمي لأطباء الأسنان في لبنان، وذلك من خلال تنظيم مؤتمرات دوليّة في لبنان، واستضافة محاضرين متخصصين من كل الدول، وربط الأطباء والجامعات بأحدث التقنيات والدراسات المبتكرة حول العالم، ما يؤدي الى رفد صندوقها (التقاعد) بمبالغ كبيرة. كما لفت إلى وجوب الحدّ من تخمة الخريجين الجامعيين (أطباء الأسنان) بالنسبة إلى عدد السكان في لبنان، ودعا الجامعات إلى التركيز على تفعيل دور المناهج أو البرامج التخصصية لتخريج أطباء متخصصين.

وفي الختام، أكّد أنّ نجاح النقيب (بعد سنتين على بدء ولايته) ومجلس النقابة يعود إلى إعلاء مصلحة أطباء الأسنان وقدرتهم على التحاور مع القوى السياسيّة وإبعاد التجاذبات السياسيّة عن عمل النقابة التي تضم إلى جانب الأعضاء المستقلين ممثلين عن غالبيّة القوى السياسيّة.


MISS 3