جاد حداد

Netflix Corner

Same Kind of Different as Me... قصة صداقة ثلاثية غير متوقعة

22 حزيران 2020

02 : 00

يتناول فيلم Same Kind of Different as Me (مختلف عني) قصة حقيقية عن زوجَين أبيضَين من تكساس: "رون" (غريغ كينيار) و"ديبي" (رينيه زيلويغر). هما يصادقان رجلاً متشرداً عنيفاً يسمّي نفسه "انتحار" لكنّ اسمه الحقيقي "دنفر" (دجيمون هونسو). الفيلم مقتبس من كتاب يحمل العنوان نفسه وحقق أعلى المبيعات، لكن يبدو أن المخرج مايكل كارني الذي شارك في كتابة السيناريو أيضاً ليس مطلعاً على تفاصيل هذه الملحمة التي تشمل قصة تتخذ منحىً محزناً بما يشبه أجواء قصص نيكولاس سباركس. قد يصعب علينا أن نخالف جوهر هذه القصة الحقيقية ومسار أحداثها، إلا في اللحظات التي تبالغ في الإشادة بأفكارها وقيمها.

يشمل الكتاب الأصلي "أصوات" شخصيتَي "رون" و"دنفر"، بالشكل الذي نظّمته لين فنسنت التي شاركت في كتابته. تبدأ القصة فيه بصوت "دنفر" قبل الانتقال إلى "رون"، إذ يسرد "دنفر" الأسود حادثة عنصرية مروعة من أيام شبابه، وهي واردة في منتصف الفيلم. لكن بدل أن نشعر بأن القصة تروي حياة الرجلَين معاً، يسرد الفيلم أحداثه من منظور "رون"، وكأنها حكاية تاجر أعمال فنية من تكساس. سرعان ما يدخل "رون" إلى عالم الاعتناء بالمشردين كشكلٍ من التكفير عن الذنب بعدما تكتشف زوجته "ديبي" أنه كان يخونها. فتصطحبه إلى ملجأ في جزء حزين من مدينة "فورت وورث"، ما يُمهّد لعدد كبير من المشاهد "اللطيفة"، حيث يتعامل "رون" و"ديبي" مع المشردين بكل إنسانية. في إحدى الليالي، تحلم "ديبي" بأنها تعبر حقلاً وتشاهد رجلاً أسود. إنه نوع من التفاصيل المباشرة التي تحمل أهمية كبرى في هذه الفئة من الأفلام.





يقدم الفيلم مبررات قوية للأسباب التي تجعل علاقة الصداقة بين "رون" وديبي" و"دنفر" غير مألوفة. إنه جانب إيجابي في منتصف الأحداث، حين نشاهد "دنفر" وهو يمضي الوقت مع الزوجين. ثمة مشاهد نافرة طبعاً، على غرار المشهد الذي يستعمل فيه أحد زملاء "رون" في النادي عبارة "الصديق الأسود" لمناداة "دنفر"، ومع ذلك تطغى أجواء لطيفة على معظم الأحداث وتدعمها قوة أداء الممثلين الرئيسيين الثلاثة. في لحظات كثيرة، ينجح كينيار وزيلويغر وهونسو في رفع مستوى الإنتاج وتجاوز العناصر العاطفية المألوفة والحوارات المبتذلة والأسلوب الإخراجي الباهت.

لا بد من التنويه بالممثل دجيمون هونسو الذي يقدم أقوى أداء تمثيلي يمكن مشاهدته في هذا النوع من الأفلام الدينية المعاصرة. بشكل عام، يشارك الممثلون في أعمال ذات إيديولوجيا دينية معينة باعتبارها مشاريع ميلودرامية تحمل رسائل أخلاقية قيّمة لكنها تفتقر في معظم الأوقات إلى مصادر إلهام روحية أو فنية متماسكة. يكفي أن نشاهد جون فويت في هذا الفيلم، فهو يقدم أداءً مترنحاً وبسيطاً لطرح حبكة فرعية ضعيفة عن أبٍ يسعى إلى نيل السماح من ابنه "رون". لكن يقدّم هونسو من جهته خصائص متفجرة في شخصيته التي تعكس روحاً عميقة نجحت في تجاوز مِحَن الحياة وحدها. يحمل هونسو رؤية مختلفة عن الممثلين الآخرين في هذه القصة، لذا يقدّم أداءً يفوق بقوته المستوى الذي يستحقه هذا المشروع، حتى أن الفيلم يعجز أحياناً عن التعامل مع قوة تمثيله. مع تطور أحداث القصة وتركيزها على الجوانب العاطفية، سرعان ما ينكشف الهدف السطحي من شخصية "دنفر" في الفيلم. تقتصر حواراته على سرد قصة حزينة من ماضيه والبكاء في بعض المشاهد وجعل صديقَيه الجديدَين يتأثران ويفهمان عواقب أفعالهما. حين يتفوه "دنفر" بكلمات حكيمة ومؤثرة، بما في ذلك خطاب مثالي يوضح المغزى من عنوان الفيلم مع اقتراب النهاية، يتعامل معه الإخراج بطريقة مضجرة وباهتة. ورغم وجود قصة مدهشة وراء العلاقة غير المتوقعة بين الزوجَين و"دنفر"، يفضّل الفيلم أن يحصر تركيزه بالزوجَين الأبيضَين المتعاطفَين والساحرَين والإنسان الذي يستفيد من لطفهما وسخائهما. لا يكتفي الفيلم بتجريد شخصيتَي "رون" و"ديبي" من روحهما بسبب الأسلوب السردي الشائب، بل يخطئ أيضاً في طريقة تصوير "دنفر" وإيصال الرسالة الحقيقية من العمل ككل.