ريتا ابراهيم فريد

كلود صليبا: معظمنا سيكتب عن أحداث لبنان

27 حزيران 2020

02 : 00

تطلّ الكاتبة كلود صليبا أسبوعياً عبر قناتها على موقع "يوتيوب"، لتقدّم فيديوات حول كل ما يتعلّق بتقنيات وتطوير الكتابة الإبداعية. كما تتحدّث فيها عن المشاكل التي يمكن أن تواجه الكاتب في علاقته مع المنتجين مثلاً، أو سرقة الأفكار، أو كيفية إيجاد منتج للفيلم. وبالتالي، كلود التي كتبت مسلسلات وأفلاماً وثائقية وسينمائية عدة لاقت نجاحاً كبيراً، تقدّم اليوم مجاناً خبرتها التي اكتسبتها على مدى 13 عاماً لكلّ من يشعر أنّ بداخله مشروع كاتب. هي لا تخشى المنافسة، بل ترى فيها حافزاً لتقديم الأفضل. وليست من الذين يحتفظون بالمعلومات لأنفسهم، بل تؤمن أنّ الكتابة عطاء، وأجمل العطاءات يكون عبر تقديم المعرفة للآخرين التي قد تساعد على الكشف عن مواهب كتابية جديدة.



ما الذي دفعك اليوم لنشر الفيديوات الأسبوعية عن تقنيات الكتابة الإبداعية؟


الفكرة راودتني منذ فترة طويلة، لكنني لم أستطع تنفيذها حينها. ففي العام 2015 بدأتُ بالعمل في قناة scenari التي أطلقتُها، ولم أتمكن من متابعة ذلك الموضوع بسبب انشغالاتي. لكن خلال الحجر الذي فُرض علينا بسبب "الكورونا"، لم أعد أتمكن من لقاء الطلاب للقيام بورش تدريبية، فوجدتُ أن القناة يمكن أن تكون البديل المناسب. وبالتالي عامل الوقت هو السبب الرئيسي.




ألا ترين مخاطرة في خلق منافسين لك حين تقدّمين لهم بيديكِ "سرّ المهنة"؟


لم لا؟ بالنسبة لي لا مشكلة أبداً في هذا الموضوع. فوجود المنافسة يساعد على خلق أعمال أجمل. وأنا أشعر بالسعادة حين يستفيد أي شخص موهوب بالكتابة من هذه الفيديوات. ولو كنتُ أفكر من هذا المنطلق التنافسي، لما كنتُ بدأت بإعطاء ورشات التدريب منذ ستّ سنوات. نقل المعرفة الى الآخرين هو شعور جميل جداً. والحقيقة أنه لا يمكن إعطاء سرّ المهنة الى أحد، بل يمكن تقديم المعلومات التي نعرفها والتي اكتسبناها مع الوقت. وفي النهاية كل ما نقدّم سيستفيد منه الأشخاص الموهوبون بالفعل، أما من يفتقد الى الموهبة فلن يستفيد مما نقدّمه.




كيف وجدتِ التفاعل مع هذه الفيديوات؟


تواصل معي الكثير من الشباب، حتى أنني تفاجأت بأنّ عدداً كبيراً منهم كان ينتظر مثل هذه الخطوة منذ زمن. التفاعل جميل جداً وهناك أشخاص يتّصلون ليسألوا عن ورش تدريب.




كانت هناك حلقة لافتة بعنوان "شو بتعملوا اذا سرقوا فكرة فيلم او مسلسل"؟ ومن المعلوم أنّ سرقة الأفكار مزعجة، كيف استطعتِ التحدّث عنها بهذا الأسلوب الإيجابي؟


كل الكتّاب مرّوا بهذه التجربة. فالأفكار متاحة للجميع، والكاتب الذي يخاف من أن تتمّ سرقة فكرته، عليه ألّا يفصح عنها أمام أحد. وبمجرّد أن نتشارك الأفكار نكون قد قمنا بالمخاطرة. لكن بصراحة حتى لو سرق أحدهم فكرة أو جزءاً منها، لن يستطيع أن ينفّذها مثل صاحب الفكرة الأساسي، فلكلّ شخص مقاربته الخاصة ومعالجته المختلفة، ولا يجب التوقّف عند هذا الموضوع. وأنا تعرّضتُ لمواقف مشابهة، ففي موسم رمضان الماضي تمّ تنفيذ فكرة كنت قد طرحتُها على أحد المنتجين، فتمّت سرقتها وتنفيذها مع شخص آخر وهذا أمر محزن للغاية. وفي المقابل، عندما يحصل أمر مشابه مع الكاتب وتتمّ سرقة أفكاره، يجب أن يعلم أنّه مبدع وخلّاق. وكما طرح فكرة واحدة جميلة، يمكنه أن يطرح إذاً عشر أفكار أجمل منها.



كيف كانت ردّة فعلك حين تعرّضتِ للسرقة؟

تواصلتُ مع المنتج وذكّرته بحديثنا عن هذه الفكرة، ثمّ قلتُ له مبروك.ولا بدّ من الإشارة هُنا الى أنه من الضروري تسجيل أفكارنا في وزارة الاقتصاد حين نشعر أنّ لدينا فكرة مهمة، وذلك من باب الاحتياط كي لا تتمّ سرقتها، وهذا الأمر قد يحدث بشكل خاص مع الكتّاب الجدد، ومن المؤسف أن يتمّ استغلال هذا الموضوع.



نمرّ بظروف صعبة جداً منذ فترة في لبنان. هل المراحل القاسية تؤثّر سلباً أم إيجاباً على الكاتب؟ بمعنى آخر، هل تدفعه كي يكون مبدعاً أكثر ويكتب عن المعاناة، أو قد تشكّل له إحباطاً كونه أيضاً جزءاً من هذا المجتمع؟


من الطبيعي أن يكون لهذه الأمور تأثير سلبي أو إيجابي على الكاتب. لكن ذلك يعود الى شخصية الكاتب، فالبعض يتّجهون نحو الإحباط. ومن المعلوم أن معظم أعمالنا توقّفت، وحركة الانتاج تراجعت الى حد التوقف أيضاً. أما بالنسبة لي، فأنا أحب أن أرى النصف الممتلئ من الكوب، ولو أنّ الأوضاع سيئة، لكن لا بدّ من أن نستفيد من ذلك كي نخلق أموراً إيجابية ونستغلّ الوقت الضائع بالإبداع. وأنا متأكدة أنّ كلّ الأحداث التي نمرّ بها في لبنان، سنرى نتائجها مع الكتّاب بعد سنة، لأنّ معظمنا سيكتب عن هذا الوضع.




هل تفكّرين إذاً بكتابة مسلسل مستوحى من الثورة؟


سألني عدد كبير من الناس عن ذلك، فكان جوابي أنه لا يمكن أن نكون في قلب الحدث ونكتب عنه، بل يجب أن يتخمّر الموضوع في عقولنا وننظر إليه من بعيد كي نتمكّن من تحويله الى عمل درامي.




مرحلة "الكورونا" والحجر الصحي والتعبئة العامة أجّلت مسلسلات عدة. لكن رغم ذلك شاهدنا أعمالاً عدة خلال شهر رمضان. كيف وجدتِها؟


لا أحبّذ الحديث عن المسلسلات الأخرى أو إعطاء رأيي فيها، فلا يعقل أن أكون اللاعب والحكم في الوقت نفسه. وأنا كاتبة ولا يمكنني أن أحكم على زملائي الكتّاب، لأنني لن أكون موضوعية. تابعتُ بضع حلقات من المسلسلات، وأكثر ما لفتني هو الجهد الذي بذله المنتجون ليتمكّنوا من إنهاء الأعمال الرمضانية، على الرغم من الظروف الإنتاجية الصعبة ووضع البلد. وهذا ما عكس حسّاً كبيراً بالمسؤولية.



نرى انتقادات دائمة للدراما اللبنانية مقارنة مع نظيرتيها المصرية والسورية. ما السبب برأيك؟


صحيح أنا أرى انتقاداً دائماً للدراما اللبنانية، وأحياناً بشكل قاسٍ. وبرأيي أنه يجب أن نستغلّ النقد البنّاء لتقديم الأفضل. لكن في المقابل أرى أنّ المقارنة لا تجوز بين الدراما اللبنانية والدراما الأخرى، لأنّ لعبة الإنتاج مختلفة، وجميعنا يعلم أن إنتاجنا محدود رغم كل المحاولات التي يبذلها المخرج أو الكاتب أو فريق العمل لتحسين نوعية العمل، لكن يبقى الإنتاج عائقاً أساسياً.




يقال إنّ شركات الإنتاج تحدّ اليوم من مخيلة الكاتب أو إبداعه، حيث أنها تضغط عليه عبر تحديد الوقت النهائي للتسليم. هل ترين أن هذا الأمر صحيح؟


فعلاً الضغط على الكاتب يقتل مخيّلته، لأنه يحوّل الكتابة من هواية جميلة الى عمل، ولا أحد يحبّ العمل، فهو مصدر توتّر. وصحيح أنّ بعض المنتجين يضغطون على الكتّاب. لكن من ناحية أخرى، الموعد النهائي للتسليم هو أمر إيجابي بالنسبة للكاتب، الذي إذا توفّر له الوقت الطويل سيستمرّ في تغيير نصّه، ولن يتمكّن حينها من إنهائه. والأمر الأخطر الذي يحدّ من مخيّلة الكاتب هو الإنتاج المحدود بحدّ ذاته.




هل ترين أنّ المتابعة الكبيرة لمنصّة "نتفليكس" أثّرت سلباً على الدراما المحلية؟


على العكس تماماً. أنا أرى أنها تؤثّر بشكل إيجابي. الجميع يسعى اليوم للوصول الى المستوى نفسه الذي تقدّمه "نتفليكس" وهذا أمر عظيم. لكن كي نصل الى هذا المستوى العالي، علينا أن نزيد من ضخامة الإنتاج ومن عدد أعضاء فريق العمل، ونعطي وقتاً أطول للتنفيذ. فلا يمكننا أن نتوقّع النتيجة نفسها لـ"نتفليكس" إذا لم يؤمّن المنتج الجوّ نفسه. هناك أكثر من ثلاثين كاتباً يعملون على كتابة نصّ واحد لمنصّة "نتفليكس"، وأكثر من مخرج يعملون على إنجاز المسلسل نفسه. والأهمّ أنّ أي مسلسل يعرض على هذه المنصّة لا يقتصر العمل عليه على بضعة أشهر كما يحصل في إنتاجاتنا المحلية. وبالتالي هذا الأمر إيجابي لأنه يدفع بالمنتجين الى توسيع آفاقهم.


MISS 3