رمال جوني -

‪ النبطية تعيش أزمة رغيف ومبادرات شبابية لمواجهتها

29 حزيران 2020

02 : 00

المواطن أمام ذلّ جديد

عاشت النبطية وقراها أزمة رغيف، وأزمة فقدان السلع من المتاجر، مُضافاً اليها أزمة خوف المواطن من أن يستفيق ويجد نفسه في مأزق تأمين لقمة عيشه. حقّق أصحاب الأفران مُبتغاهم، قطعوا إمداد الخبز عن المحال والدكاكين، قرّروا أن يفرضوا سياستهم بحقّ المواطن، دافعين به نحو التهلكة، فمن يريد ربطة خبز وجب عليه التوجّه إلى الفرن، إما في دير الزهراني أو مرج حاروف أو القصيبة. أي، عليه قطع أميالٍ لشراء ربطة خبز كانت حتى الأمس متوفرة في كل دكان قبل أن تقرّر النقابة حصرها في الأفران لتحصر السعر بها، ولتذل المواطن عند أبوابها، تارة بسبب الازدحام، وطوراً بسبب فقدانها. وبين الإثنين وزير اقتصاد غائب عن السمع، ولا يملك أدنى مقوّمات اتخاذ القرار اللازم، وبالنتيجة، أزمة ذلّ جديدة يعيشها المواطن. دفعت أزمة الرغيف شبان النبطية الى تأمين الخبز وتوزيعه بشكل مجاني على أبناء المدينة. فعند ساحة السراي في النبطية، وقفت مجموعة من الشبان، حملوا ربطات الخبز ووزّعوها على المارة، "على حب الحسين" وفق تعبيرهم.


كانوا أكثر عزماً على كسر حصار الرغيف، وعلى سياسة حرمان المواطن لقمة عيشه، ضاربين بقرار النقابة عرض الحائط. فالهدف برأي الشباب "إيصال الخبز لكل مواطن بكرامة، ولو إضطرنا الأمر لنزور كل منزل"، يقول محمود الشاب الذي شارك في مبادرة "كرمالك ربطة الخبز الك بكرامة". لا يتردّد الشاب العشريني في التأكيد على"أن سياسة تجويع الناس لن تمرّ، وسنواجه كل من يريد حصار أهلنا برغيف الخبز". يُشاطره حسين الرأي، يحمل الأخير ربطة خبز ويُقدّمها لعجوز جاء ليأخذ حصّته من الخبز الذي حُرم منه أمس.



حصّتك ع قدّك ما تاخد من طريق غيرك



لم تكن مبادرة الشباب وحيدة، قابلتها مبادرة بلدية النبطية التي قرّرت دعم ربطة الخبز وتأمينها للمواطن بسعر 1000 ليرة لبنانية، إذ عمدت، عبر رئيسها، الى توفير الخبز للأهالي الذين بادروا الى شرائها من سوق الخضار الشعبي التابع لها، على أن تواصل تأمينه الى حين إنتهاء الأزمة، وفق ما أكد عليه عضو المجلس البلدي صادق عيسى، الذي أوضح "أن البلدية قرّرت مواجهة الأزمة بوقوفها الى جانب أهلها عبر دعم الخبز بـ500 ليرة، رغبة منها في إيقاف لعبة التحكّم بالناس وإذلالهم على أبواب الأفران". وأكّد أن البلدية ماضية في مبادرتها لحين انتهاء الأزمة.

تزامناً، شهدت المتاجر والدكاكين تهافتاً على شراء السلع بالرغم من ارتفاع أسعارها. بدا المشهد وكأننا أمام مجاعة حتمية، ساعات أمضاها المواطنون تحت أشعة الشمس مُنتظرين شاحنة الطحين، يرفعون فاتورتهم المستحقّة، ثمن شوال الطحين. وفق فاطمة "قررنا كسر حصار أصحاب الأفران لنا، سنعود للخبز المرقوق". ترفض فاطمة، كما موسى، أن يكونا كبش محرقة لسياسات غوغائية أطاحت بكرامتهم جانباً وعرّضتهم للذلّ والمهانة بالرغم من سوريالية المشهد. برأيهما "شراء الطحين يوقف تحكّم الأفران بالناس". ولكن هل هناك مبرّر للتهافت الذي شهدته النبطية والقرى التي أقفل عدد كبير من محالها الغذائية والتجارية بسبب الدولار؟ يجزم أبو حسن "بأن التهافت غير مبرّر وكان الأجدى المقاطعة للضغط على التجّار". ويُضيف: "باتت معظم السلع مفقودة بالكامل من السوبرماركات والدكاكين، لا شاي، ولا سكر، لا عدس ولا زيت. حتى القهوة مفقودة، وإن توفرت بكميات لا تكفي يومين إضافيين، والأخطر أن أسعارها مضاعفة تخيلوا الـ350 غرام شاي بـ25 الفاً، والـ2 ليتر زيت بـ23 الفاً والرز بـ25 الفاً والحبل على الجرار". هل ما زال المواطن مقتنعاً بأن الدولار من صنع الأزمة، بات ضرورياً أن يقتنع أنّ من صنعها هم التجّار وغباؤه.