طوني فرنسيس

إيران تعود الى القضاء!

30 حزيران 2020

02 : 00

ليست عادية العودة الى القضاء في "البيئة الإيرانية"، المُمتدّة من بغداد الى بيروت مروراً بدمشق. وليس سرّاً انها عودة من باب العلاقة المتوتّرة مع أميركا، التي كانت حتى ساعات قليلة ماضية هدفاً مُعلناً للإنتقام الدموي، بوصفها مسؤولة عن كل الجرائم المُرتكبة بحقّ مُستضعفي ايران وأنصارها، بحسب القرار الإتّهامي الإيراني.

لم تلجأ ايران الى القضاء، عندما اغتالت الولايات المتحدة قائد التوسّع الإيراني في المشرق العربي الجنرال قاسم سليماني. هدّدت بالردّ العسكري، ونفّذت عملية قصف صاروخي محدودة على قاعدة أميركية في العراق. وفي خطابه حول الإغتيال، أعلن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله الحرب على الوجود الأميركي في المنطقة، وهدّد بإعادة الجنود الأميركيين في الصناديق. وفي العراق، تحمّست الكتائب الموالية لإيران وشنّت هجمات مُتتالية على مواقع الوجود الأميركي... إلّا أن هذا الحماس هدأ فجأة، مُفسحاً في المجال أمام سِياقات أُخرى.

شنّت القوات العراقية لمكافحة الإرهاب حملة على مُطلقي الصواريخ ضدّ المنطقة الخضراء في بغداد، واعتقلت مُتّهمين من عناصر "حزب الله" العراقي وأحالتهم على القضاء. وردّ الحزب المذكور، وهو الأشد ارتباطاً بإيران من بين فصائل الحشد الشعبي، باستعراض ميليشيوي في قلب العاصمة العراقية، قبل أن تتنصّل ايران رسمياً من ردّ فعله، وتعتبر ما يجري شأناً عراقياً داخلياً.

تصرّفت الحكومة العراقية بحزم للمرة الأولى، وأحالت عناصر ميليشيوية "إيرانية" الى القضاء، فيما هي تستكمل حوارها الاستراتيجي مع أميركا.

جاء تنصّل طهران من سلوك أنصارها في بغداد، عشية قرارٍ "قضائي" لافت، تدّعي فيه على 36 شخصاً، على رأسهم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بتهمة التخطيط وقتل سليماني.

تَحمِلُ هذه العودة الى سلطة القضاء، بمعزَلٍ عن نتائجها العملية، تغييراً في السلوك، من الإعتماد على الصواريخ والمُتفجّرات الى اللجوء لقاعات المحاكم، وهذه خطوة قد تُفسّر حدّة الصراع ومستوى العجز عن ردٍ، على النحو الذي جرى التهديد به سابقاً، وربما يستقيم التحليل الذي يضع سلوك قاضي صور في مواجهة السفيرة الأميركية في المنحى إياه، بالرغم من ظروفه الكاريكاتورية.


MISS 3