مداخلاتٌ وكلماتٌ أكّدت وجوب الحياد وقيام الدولة وتكريس الميثاق الوطني صيغة للعيش المشترك...

بالصّور - الراعي في إطلاق "تجمع دولة لبنان الكبير" من بكركي: يوم وطني بامتياز

16 : 01

أطلقت "طاولة حوار المجتمع المدني" CSID "تجمع دولة لبنان الكبير"، في احتفال في الصرح البطريركي في بكركي، حضره البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، الرئيس امين الجميل، وزيرا التربية والاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي وأمين سلام، النائبان اللواء أشرف ريفي وأديب عبد المسيح، مصطفى هاني فحص، الدكتور انطوان مسرة وحياة ارسلان، وممثلون عن رؤساء الطوائف والأحزاب وفاعليات ديبلوماسية، وسياسية، واجتماعية، ونقابية.


بداية، النشيد الوطني، ثم قدم الاحتفال الاعلامي ماجد ابو هدير وافتتح البطريرك الراعي الاحتفال بكلمة قال فيها: "يسرنا ان نستضيف هذه الطاولة الحوارية وان نعلن من هذا المكان "تجمع دولة لبنان الكبير"، وأقول للجميع اهلا وسهلا بكم، واليوم هو يوم وطني بامتياز ، يوم فعل إيمان بلبنان، سنسمع مضمون هذا الإيمان من خلال الشخصيات الذين سيتكلمون ، وانا سأكون مستمعا مثلكم لأنني أودّ أن اتعلم من المتكلمين، اتعلم منهم نظرتهم ورايهم ومشاعرهم، ولكن اود ان اقول كلمة شكر للأميرة حياة ارسلان والى السيدات والسادة الذين معها ينظمون هذه الطاولة الحوارية من اجل اطلاق تجمع دولة لبنان الكبير، ويطيب لي أن أحيّيكم جميعاً على اختلاف مقاماتكم السياسية والوطنية والثقافية والاجتماعية، وتحية خاصة الى المتكلمين واشكرهم مسبقاً على ما سيقولون عن لبنان الكبير".



تصوير رمزي الحاج


الجميل

وكانت مداخلة للرئيس الجميل قال فيها: "أحيي الصرح وسيده غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي الذي لا يترك مناسبة وطنية الا وينمّيها، ولا يدع ظرفاً جامعاً إلا ويحتضنه، ولا يبخل على طاولة حوار من أجل لبنان إلا ويشملها برعايتِهِ. كيف لا والقصةُ تحاكي دولةَ لبنانَ الكبير الذي من هنا نشأ وعاشت حجارة هذا الصرح مساره والنضال له وإعلانه لحظة بلحظة. أحيي طاولة حوار المجتمع المدني المؤمنة بدولة لبنانَ الكبير التي لم يعتمد البطريرك الياس الحويك عام 1920 الكيلومترات كوحدةِ قياسٍ، بل اعتمد قياسَ الوحدة، وحدة وطنٍ بتنوعه، بتعدديته، بتلاوينه، بديمقراطيته، وبحريته.


لحظةَ العملِ للمشروع، كان الكيانُ الواحد الخاص بلبنانَ الكبير فكرةً ثابتة في التاريخ، لكن متعثرة في الجغرافيا. شكل المشروعُ مع الزمن وبفعلِ السياسة، تجربةَ وحدةٍ وطنية راسخة في الأساس، مهدّدَة في الظاهر، وشكل المشروعُ في المفهوم السياسي مركزيةً لا بد من تجديدها وتحديثها. لا تلومنَ الياس الحويك ورفاقَه من كل الطوائف، لا تلومنَ الآباء المؤسسين لدولة لبنان الكبير، رهانُهم وأهدافُهم كانت صائبة، ممارستُنا كانت شائنة. لم نوفَّقْ في صيانةِ دولةِ لبنانَ الكبير، وتعثّر التجرِبة لم يكن عيباً في التصنيع Défaut de fabrication بل بسبب خطأ بشري بالتطبيق نتحمل جميعاً مسؤوليتَه. فهو صمد على كل حال، على علاّته، ويبقى علينا تحصينه".


أضاف: "أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يعطي نموذجاً في التنوّع والتعددية البنّاءة، حتى أنه كان لفترة نموذجاً، فاستاءت دولُ المحيط القائمة على الأحادية والشمولية والتوتاليتارية واتفقت على تخريبِ هذا النموذج كلٌ على طريقتِهِ، من إسرائيل الى سوريا، ومن الناصريّة الى القذّافية، ومن العرفاتيّة الى الفارسيّة. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الديمقراطية في محيطٍ إتبّع نظامَ الحزبِ الواحد، وضمنَ الحزبِ الواحد تأليهَ الشخصِ الواحد، فهالَهُم أن يكونَ لبنانُ مصدرَ ترويجٍ لحرية المواطن، لديمقراطيةِ السلطة، وملجأً للمضطهدين في بلادهم. أُريدَ من لبنانَ الكبير وللبنانَ الكبير أن يرفعَ لواءَ الحرية وحقوقِ الانسان فاستاءت دولُ الأمن القائم على القمع من خطرِ لبنان الحر السيد المستقل. رغم كل التحديات، من الداخل ومن الخارج، إذ منذ البداية، ومنذ كان البحث في الكيان اللبناني، عبّر البعض في الداخل عن تحفّظهم على هكذا كيان واسع، فانتصرت في النهاية كلمة غبطة البطريرك الياس الحويّك الذي استوعب منذ التأسيس الدور الذي يمكن أن يلعبه هذا اللبنان على الصعيد الفلسفي والعقائدي، والسياسي والاقتصادي. على هذا الأساس وصفه البابا يوحنا بولس الثاني "بوطن الرسالة". وأهمية هذا الـ"لبنان" الكبير انه أُنجزَ طوعاً لا قسراً، وسلماً لا حرباً. أهميتُه أنه وحّد مساحة لبنان التاريخية ضمن مشهدية فريدة في التعدّد والتنوّع. أهميتُه أنه حمى وجهَ لبنان العربي، فلا لبنانُ الكبير جعل من لبنانَ مسيحياً أو مسلماً، بل وطن رسالة، والتنكرُ لدولة لبنانَ الكبير كما يحصل اليوم بمصادرة قرار الدولة من الداخل بعدما تناوب الخارجُ على مصادرتها في مراحلِ الازماتِ السابقة، يجعلُ انتماءَ لبنان بمثابة مكتوم القيد الى حينِ تعودُ الدولةُ دولةً، وستعود".


تابع:" أول الامتحانات كان عام 1949، مع قيام دولة إسرائيل وطموحات بعض مؤسسيها التوسّعية، فتوحّد اللبنانيون وواجهوا هذه التحديات. في نهاية الخمسينات كاد لبنان أن يسقط واهتزّ منطق الولاء للوطن، إلا أن مقاومة اللبنانيين وثباتهم، عطفاً على بعض الظروف الإقليمية الطارئة ساهمت في تصحيح مسيرته الاستقلالية، وتعزيز نظامه المميّز في المنطقة. وإذا استعرضنا التطورات والأحداث التي واجهتها الساحة اللبنانية، ندرك أكثر معنى وجود لبنان! في الستينيات واجه لبنان مشروع الوطن البديل على أرضه، فواجه العرفاتية وأتباعها في الداخل والخارج، وتحوّلت الحالةُ الفلسطينية الى أكثر بكثير من وجود وأقل بقليل من دولة إحتلال لدرجة كادت الحركة الفلسطينية أن تقضي على الكيان لولا المقاومة اللبنانية الشجاعة لهذا المشروع فحفظت لبنان حين توفّرت الظروف الإقليمية المؤاتية. في السبعينيات كذلك، واجه لبنان الأطماع السورية، ففرض النظام السوري هيمنة عسكرية كاملة على الوطن ومقدّراته، بمباركة دولية مغرضة. فكان الاحتلالُ الفعلي للبنان. احتلالٌ لم يحررْهُ سوى مقاومتنا ووحدتِنا الداخلية المنبثقة من فلسفةِ لبنانَ الكبير وقد جسدّها بكل معانيها "تجمعُ قرنة شهوان" و"لقاءُ البريستول" و"حركة 14 آذار" التي رفعت شعار "لبنان اولاً" فكانت قافلةُ الشهداء التي دفعنا ثمنها وجعاً كبيراً. في الثمانينات، تعرض لبنان لمؤامرة من نوع جديد استندت الى العسكريتاريا الشرسة وسلطة المال المتوحشة، يقودها النظام الإيراني بحجة تحرير الأرض العربية، فتزعزع النظام اللبناني. ولا تزال لحينه تثير الفوضى، ما فرض على الشعب اللبناني وقفة وطنية من أجل الحفاظ على لبنان الحر، السيّد والديمقراطي".


وقال: "استعرضت هذه المراحل لنستخلص مع اً العِبَر والنتائج المرجوة. أولاً: لا مفرّ من إحياء دولة 1920 أي الدولة الواحدة، وإحياء ميثاق دولة 1943 أي الدولة - الدستور، لأن البديل، بالخلاصة، هو العودة الى اللادولة والتفرقة، أي دولة الطوائف، دولة المذاهب، دولة السفارات، دولة توزيع الولاءات واستدراج دول الاقليم، مع ما تفترضه من نزاعات عسكرية في الداخل وولاءات سياسية للخارج. ثانياً: كما واجه اللبنانيون وصمدوا وأبقوا الرهان الوطني هو الأساس، لا بدّ من تحصين النظام بحركة تحديثية نهضوية تقوم على اعتماد اللامركزية الموسعة التي توفر لكل جماعة حقوقها من دون المسّ بحقوق الجماعات الأخرى. كما من شأن اللامركزية اذا أُحسنَ تطبيقُها ان تنمّي مركزية لبنان في المشرق العربي.


ثالثاً: لا بدّ من معالجة فورية لمشكلتي الخوف والغبن لدى جميع اللبنانيين، لننتقل عندها من نظام الامتيازات المفروضة واللامساواة الى نظام الدولة الراعية والضامنة، وتحصين لبنان عن التدخلات الخارجية، وإطلاق حوكمته الرشيدة، لوضع حد للفوضى والفساد. رابعاً: لا مفرّ ايضاً من استعادة حالة لبنان السيادية، الاستقلالية، الوحدوية بتثبيتُ حياد لبنان، فلبنان هو أصلاً غيرُ منحاز منذ دولة لبنان الكبير التي شكل اعلانُها حياداً عن الغرب وعن الشرق".


ختم: "آن الأوان ان ينقذَ لبنانُ نفسه بأن "تتلبنن" كل المكونات، فتكتمل الحالة اللبنانية وتتكامل من دون إمتيازات، فقط بضمانة الدولة القوية والقادرة، إلا اذا أردنا لبنانَ لبناناتٍ موزعة الى مناطق نفوذٍ وفق مصالح الغير على حساب المصلحة الوطنية. آن الاوان بعد مئة عام لتثبيت الكيان على قِيَم الجمهورية في الديمقراطية والحرية والعدالة وحقوق الانسان، أُسسٌ من دونها لا قيام للدولة، ومعها يعود لبنان الى مفهوم "الوطن الرسالة" ويقوى اللبنانيون على خوض غمار المئوية الثانية، وطناً سيداً ومواطنين متساوين متحدين متكافلين متضامنين".



تصوير رمزي الحاج


ريفي

وكانت كلمة للنائب ريفي قال فيها: "كبير هو لبنان، ليس بجغرافيته ولا بموارده، بل بالمعنى الذي يمثله كقيمة فريدة ونادرة. كبير هو لبنان، ومسؤوليتنا كبيرة في الحفاظ عليه، وطناً نفخر بالانتماء اليه، وبزرع أبنائنا في مدنه وبلداته وجباله. لبناننا الحالي هو دولة لبنان الكبير، هو لبنان الـ 10452 كلم2".


أضاف: "أيها الأصدقاء، ليس صدفة أن يشهد هذا الكيان منذ نشأته، ما شهده من أزمات ومحطات مصيرية وتحولات، حيث بدأ كيان لبنان يترسخ مع تأسيس الإمارة المعنية في العام 1516، لينتقل إلى الإمارة الشهابية، ومن ثم إلى نظام القائمقاميتين، ليتبلور كيانه مع إقرار بروتوكول عام 1861، ووضع نظام مكتوب له وتعيين مجلس لإدارة المتصرفية، وصولاً إلى إعلان دولة لبنان الكبير في العام 1920، إلى إعلان الاستقلال في العام 1943، وتكريس الميثاق الوطني صيغة للعيش المشترك، وانتهاءً بإقرار وثيقة الوفاق الوطني في العام 1989، التي رسخت الوحدة الوطنية والعيش معاً. ليس صدفةً أن ينتج هذا الكيان ما أنتجه في محيطه والعالم، من إبداع قل نظيره في كل المجالات. ليس هذا تبجحاً ولا تمجيداً للذات، فلبنان هو وطن لم تقتله العواصف، هو ثابت صامد وأقوى، ممن يتوهمون أنهم أقوى منه".


تابع: "لقد أعلن عن ولادة دولة لبنان الكبير الذي باسمه نلتقي اليوم، وقد ساهم بطريرك جليل هو البطريرك الياس الحويك، مع كثير من المخلصين من كل الطوائف، بولادة الكيان اللبناني الحديث. ولأجل هذا الوطن الكبير، خاض المغفور له الشيخ محمد الجسر أشرس المعارك، وكان شريكاً لبنانياً أصيلاً، ساهم بهذه الولادة، وسجل إسمه في تاريخ هذا الوطن. كانت الولادة صعبة. لكنها كانت ولادة طبيعية. التاريخ يقول لنا إنّ جزءاً من اللبنانيين، رفضوا هذه الصيغة واعتبروها تقزيماً لطموحات الوحدة العربية. ويقول لنا أيض اً إن جزء اً من اللبنانيين رفض هذه الصيغة، خشية الذوبان في بحر الأغلبية. لقد أثبت لبنان الكبير للفئتين، أنهم كانوا على خطأ، فلبنان الكبير بات النعمة الإلهية لكل أبنائه، التي وُجب علينا جميعاً أن نحميها بأهداب العيون. لبنان الكبير سفَّه كل المشككين، وأزال تردد كل المترددين، من دونه نحن تائهون في عواصف المنطقة. به نحتمي وإليه ننتمي، وعنه سندافع مسلمين ومسيحيين الى يوم الدين".


وقال: "أيها الأصدقاء، لقد تحول لبنان الكبير من الوطن الملجأ، الى الوطن الهوية فلم يعد حاجة فقط، بل أصبح حقيقة نعيشها في كل يوم وندافع عنها، ونواجه المشاريع الهدامة المتربصة به. لم يكن من السهل أن نحافظ على الهوية الواحدة، وسط كل هذا التنوع الديني والمذهبي، لكن من المؤكد التمسك بها مهما كانت الصعوبات، هو الخيار الذي يحفظ أولادنا وأجيالنا في وطن فيه كل مواصفات التميز والتألق. لأجل لبنان الكبير وضع رياض الصلح وبشارة الخوري وغيرهم الكثيرون، اليد باليد، وتعاهدوا أمام الله ولأجل لبنان، أن يكون استقلاله ناجزاً، وأن يحموا سيادته وحريته واستقلاله. اليوم وبعد كل الحروب والاضطرابات، ترانا جميعاً نقول بصوت واحد: لبنان وُلد ليبقى وسيبقى بإذن الله. هو جزء لا يتجزأ من العالم العربي والعالم. هو ملتقى الحضارات والثقافات. هو الرسالة والمختبر الفريد للعيش معاً. مئة وثلاث سنوات ونيف على ولادة لبنان الكبير، وما زلنا نناضل لنحميه من الطامعين والعابثين، ومن أصحاب المشاريع الهدامة. نحن نتعهد اليوم من هذا الصرح الوطني الكبير أن نبقى معاً، لنستعيد السيادة ونرفع الوصاية ونحمي الدستور ونفعل المؤسسات. نتعهد أن نمنع تحويل لبنان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية. نتعهد أن نعيد للدولة هيبتها، وأن يكون الجيش والمؤسسات الأمنية الشرعية وحدها من تمسك زمام الامن. نتعهد أن نواجه السلاح الميليشياوي ومشاريع التصفية والاغتيال والإرهاب".


ختم: "لبنان الكبير وُجد ليبقى، وسيبقى بإذن الله بكامل مساحته الـ 10452 كلم2، وبكامل مكوناته الوطنية. معاً سنبقى موحدين مسلمين ومسيحيين، كي نبني مستقبلاً واعداً لأبنائنا وأجيالنا. التحية لكل من نظّم هذا اللقاء. ونخص بالتحية "طاولة حوار المجمع المدني" التي أصرّت على إطلاق تجمع دولة لبنان الكبير، من هذا الصرح الكبير. عشتم وعاش لبنان الكبير بأبنائه السياديين المخلصين".



تصوير رمزي الحاج


عبد المسيح

والقى النائب أديب عبد المسيح ، كلمة، قال فيها: "يدّعي الكثيرون أن لبنان الكبير هو غلطة تاريخية أو ربما جغرافية، وقد يكونون على حق. ربما لم ننصف التاريخ ولم تنصفنا الجغرافيا. لم نتخلَّ نحن عن الجغرافيا ( ما عدا الخط ٢٩) مع أن التاريخ تخلّى عنّا. ولكن في التخلي، التجلي وهنا بيت القصيد. لبنان الكبير بعد مئة عام أصبح الحقيقة، أصبح انتماؤنا وهويتنا وحقيقتنا، أضف انه اليوم رسالتنا والحقيقة اكبر وأعمق وأهم من أطماع السياسة والاستعمار وأخطاء التاريخ والجغرافيا. نحن أبناء هذا الزمان ولبنان الكبير واقعنا، شاء من شاء وأبى من أبى، لا نريده أصغراً ولا مجزأ. جُلّ ما نطمح اليه ان يكون وطناً. وطن للبنانيين، فقط للبنانيين وجميع اللبنانيين بالتساوي. التساوي بالحقوق والواجبات والمسؤوليات". التساوي بالحقوق والواجبات والمسؤوليات".


أضاف: "لبنان بلد لم نرتق به بعد لمصاف الاوطان، بل جعلناه ساحة صراع طائفية وارض محاصصة. ما يجمعنا اليوم في هذه السياسة بالذات هو فشل لبنان الكبير الوطن. لكن ما يجمعنا أيضاً هو إدراك مشترك من جميع الطوائف والمناطق بأن الفشل هو اضمن طريقة للنجاح، فالإنسان يتعلم من الفشل أكثر مما يتعلم من النجاح. البغض يعتبر ان التعددية هي مشكلتنا الاساسية وان اختلافاتنا تنبع من تباين ديني او عرقي او حتى تاريخي في جغرافيتنا المشرقية. لكن بعد مرور مئة عام على اعلان لبنان الكبير، علمتنا التجارب القاسية ان لا خلاص لنا سوى الانطلاق من ثقافة الاحترام المتبادل وتقبل الاخر وعدم قدرة أحدهم على إلغاء الاخر وهذا ما شددت عليه وثيقة الاخوة الإنسانية بين البابا فرنسيس وشيخ الازهر عندما التقيا في الامارات العربية المتحدة للتوقيع عليها في شباط ٢٠١٩. أما في التاريخ البعيد، يجب ألا ننسى كيف أن الرؤساء (أمثال البطريرك غريغوريوس حداد وأنطون عريضة) باعوا أغلى الممتلكات لاطعام الناس خلال فترة المجاعة من دون ان يفرقوا بين مسيحي او مسلم".


وتابع: "اما عندنا في الكورة والتي تمثلت بالنائب نقولا غصن في وثيقة اعلان دولة لبنان الكبير فقد تصدينا دائما لمحاولات روسيا القيصرية لخلق منطقة أرثوذكسية مستقلة ككيان ارثوذكسي جغرافي لأنّ أهالي الكورة رفضوا أي سعي لتأسيس قانون طائفيّ خاص بهم، بل طالبوا بالعيش الواحد مع جميع مكونات الوطن اللبناني. كما ذكر جاك نحاس ممثل العائلات الارثوذكسية في طرابلس آنذاك من خلال حفل اعلان دولة لبنان الكبير فقال: انا اولا لبناني ثم أرثوذكسي ولبنان هو لجميع اللبنانيين".


أضاف: "نحن نؤمن بالعيش الواحد وليس المشترك. لان المشاركة قد تطغى عليها عوامل الطائفية والمنفعة الخاصة. علمنا التاريخ ايضا من خلال التجارب ان ممارسات التبعية للشرق او للغرب قد سقطت امام تكوين المواطنة في البلد الجامع وان الولاء للوطن هو العنوان الاول نحو قيام لبنان الكبير الوطن والكيان النهائي لجميع ابنائه. أما في السياسة، الاقتصاد والاجتماع فهل يعقل ام لبنان الذي لم يقبل بإسقاط دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة عليه، ان يقبل اليوم بتعطيل دستوره؟ هل يعقل ان نستمر بمنطق التعطيل عند اي استحقاق مع شل مرافق الدولة ١٠٤ أعوام على قيام دولة لبنان الكبير و٣٤ عاما على اتفاق الطائف؟ هل من المعقول ان طبقت اللا مركزية خلال المتصرفيات ونشطت أعمال البلديات بينما نهمش دورها اليوم ونفقرها؟ حتى اللجان الشعبية التي انشئت خلال الحرب الاهلية نجحت في الإدارة وتسيير أمور الناس أفضل بكثير من الدولة، بل وحلت مكانها. هل سنبقى باقتصاد حر بينما اقتصادنا نقيض للحالة الاجتماعية؟".


وختم عبد المسيح: "لا يعقل ان نستكر في فقدان طاقاتنا البشرية ودورنا الريادي كمستشفى وجامعة ومصرف وميناء للشرق. في الختام، لي جملة اخيرة واحدة يا صاحب الغبطة ولذا جئنا اليكم: لقد حان وقت انزال لبنان عن الصليب".



تصوير رمزي الحاج


فحص

وكانت كلمة لفحص قال فيها: "قبل أكثر من مئة عام، ولد الفتى الكبير لبنان. ولادته المبكرة، كانت عسيرة، فاكتمل نموه بعد ثلاث وعشرين سنة، على يد الصيغة التي رعت نموه الطبيعي وغير الطبيعي، إلى هذه اللحظة، لدرجة أن من تولى أمره، أي طبقته السياسية، شاخت والصيغة لم تشخ. كانت ولم تزل الصيغة اللبنانية بكل ما لها وعليها، المعادلة الآمنة لدخول الجماعات اللبنانية في وطنهم الكبير، بعدما اقتنعوا جميعا بأنه وطنهم النهائي. ونجح سيد هذا الصرح في إقناع هذه الجماعات، بالعيش المشترك ضمن جغرافيا واسعة بتعددها وليس بمساحتها. وتجلى ذلك، برفضه أن يكون بطريركا على لبنان الصغير المعزول عن جواره القريب، أو البعيد عن عمقه الطبيعي، وأن حدود 1920 هي جغرافيا تميزه ولا تفصله عن محيطه الكبير".


أضاف: "لكن يا صاحب الغبطة، بعد قرن وأكثر، فإن لبنان الصغير الذي رفضه البطريرك الحويك، سنة 1919 يحن إليه البعض الآن، ممن يرون أن الانفصال وإغراءات الفدرالية، تحمي خصوصياتهم، كما يعاني هذا الفتى الكبير سابقا وحاضرا، ممن يأخذهم الحنين دائما، إلى الاندماج القطري أو القومي أو اليساري، وصولا إلى مشاريع الإسلام السياسي بشقيه، لكن جميع من أرادوه صغيرا أو من رأوه أصغر من طموحاتهم، وذهبوا إلى أقصى اليمين وأقصى اليسار، عادوا إليه أكثر قناعة، بأنه امتياز يميزهم بتميزه".


تابع: "في لحظة تجل أدرك مرجع بلاد الشام، السيد محسن الأمين، خصوصية لبنان الكبير، بأنه التقاء جبلين (جبل لبنان وجبل عامل)، ورأت فيه نخب طائفته أنه فرصتهم المؤاتية لإنصافهم بعد مظلومية تاريخية على يد أربع سلطانيات أموية وعباسية ومملوكية وعثمانية، كان خلالها شيعة هذا الجبل، على هامش السلطة أو الدولة، وممنوعين منها، حتى سنة 1920 أتيح لهذه الطائفة الانخراط الرسمي في شؤون الدولة، وتجربة الحكم، وتوسع دورها مع تصاعد نموها، حتى فاضت قوتها، كما فاضت قوة البعض ممن سبقوها في حكم هذا البلد، لكنهم عجزوا أن يتحكموا بصيغته".


وقال: "أقف بينكم في الوقت الذي تتعرض فيه مدن وقرى الجنوب، إلى قصف يومي من قبل العدو الإسرائيلي، وخصوصا بلاد بشارة، التي تقيم على كتف الجليل، والتي كانت صلة الوصل ما بين مدن لبنان الكبير، ومدن فلسطين التاريخية، ومحطة تجارية تربط بينهما، ولكن منذ قيام الكيان العبري، تحولت هذه المدن إلى قرى حدودية، فأغلقت خانات المسافرين والتجار من صيدا إلى بنت جبيل، حاضرة جبل عامل، التي أدار أهلها وجههم نحو العاصمة بيروت، وشكلت نكبة فلسطين دافعا أكبر لقرار اندماجهم الوطني. كما شكلت الاعتداءات والمجازر الإسرائيلية المبكرة، دافعا لأهل الجنوب بأن يقوموا مقام المدافع عن حدود بلدهم، ولكن خط الحدود تحول إلى خط مواجهة مفتوحة، بعدما اختير لبنان دون غيره من دول الطوق، ليكون منطلقا لعمليات الكفاح المسلح الفلسطيني، فتعرض الجنوب لحروب واجتياحات وخسائر بالأرواح والثروات، إلى ان حققت مقاومته بكل صنوفها، ما لم يحققه من رفع اسم فلسطين على فروعه الامنية".


تابع: "إن موقع ودور الجماعة الشيعية، حاسم في جغرافيا لبنان الكبيرة، كما أن موقعها الحدودي، حولها إلى لاعب أساسي، وافرادها لا يحتاجون إلى فحص دم، من البعض، حتى يؤكدوا انتماءهم، فهم الذين رسخوا في فكرهم مفهوم لبنان، نصا وفعلا، لذلك لا بد من تذكير بمحطتين، الأولى: وثيقة الوفاق الوطني، التي صدرت عن المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى سنة 1977، والتي وصفت بصيغة 77 الشيعية، وعنوانها لبنان...وطن نهائي لجميع بنيه. أما الثانية، فهي الثوابت الإسلامية الصادرة عن القمة الإسلامية، في عرمون، سنة وشيعة ودروزا، والتي جاء فيها أن لبنان وطن نهائي لكل أبنائه، عربي الهوية والانتماء، وقد وردت هذه المعادلة، في نص وثيقة الوفاق الوطني: "اتفاق الطائف" حرفيا، الذي كان ولم يزل أفضل ما يمكن أن تحصل عليه الجماعات اللبنانية، بعيدا عن الأحجام والأعداد. كانت الصيغة ولم تزل عامل توازن في علاقات الجماعات اللبنانية، وضامنا لوحدة الكيان، تقف بوجه تجزئته أو "توسعته" أو استقواء طرف على آخر، ومن دون مجاملة لأحد، لقد مررنا بتجارب عديدة، حاول خلالها البعض الاستقواء على الصيغة أو الاستئثار بها، كان فائض القوة، يغري هذه الأطراف بالغلبة، إلى أن اكتشفوا أن الغلبة في لبنان، مستحيلة، ولعل الفطنة تعلم بعض الذين تفيض فوائضهم، بأن يتعلموا الدرس ممن سبقهم، ويدركوا قبل فوات الأوان، أن الصيغة أقوى من المشاريع أو المحاور الكبرى أو الصغرى، حتى يتجنبوا الوقوع في المحظور، كما وقع من سبقهم، وأن يستخدموا عقلهم لا عضلاتهم".


ختم: "من الاستقلال، إلى انتفاضة تشرين، مرورا بالصيغة والطائف، محطات تؤكد ضرورة اندماج الجماعة الشيعية، في أقوامهم وأوطانهم، وألا يميزوا أنفسهم بأي تمييز خاص ومشاريع خاصة، كما أوصاهم إمامهم الشيخ شمس الدين، لذلك نحن محكومون بالتسوية، تسوية تاريخية بين جميع اللبنانيين، لا بمساومة مصلحية ما بين الحاكمين، وهذا لا نصله إلا بالحوار. هو هدفنا وسعينا الدائم في أكاديمية "هاني فحص للحوار والسلام".



تصوير رمزي الحاج


مسرة

وكانت مداخلة للدكتور مسرة بعنوان تجمع دولة لبنان الكبير: "مصالحة اللبنانيين بين الجغرافيا والتاريخ"، مستهلا "بان كل ما جرى في لبنان ان منذ اتفاقية القاهرة سنة 1969 وتداعياتها ثم اتفاقية قاهرة متجددة واغتيال قيادات لبنانية هو لقتل الدولة في لبنان etacide تمهيدا لقتل لبنان الكبير في كل جغرافيته ومكوناته البشرية لا حياة للبنان الكبير بعد اليوم بدون دولة لبنان البكير وعلى راس دولة لبنان الكبير رئيس جمهورية "رئيس الدولة" انسجاما مع مضمون المادة 49 الجديدة في الدستور اللبناني، رئيس مساومات وتوافقات زعاماتية".


ولفت الى ان "تجمع دولة لبنان الكبير هو اليوم لاستعادة الدولة في دولة لبنان الكبير".


وسأل: "كيف تنتشر في فترات متقطعة نزاعية بين اللبنانيين سجالات تستقطب مثقفين بدون خبرة وقانونيين ولا نقول حقوقيين يمنعون مقولات في لبنان صغير مرقد عنزة"، لم يكن ابدا في التاريخ صغيرا ويعممون مقولات في الفدرلة والتقسيم ولا مركزية مسماة موسعة ولا مركزية "مالية" لا وجود لها في اي منظومة حقوقية، كيف ننتهي من سجالات لا قاعدة لها، لا في التاريخ، ولا في حياة اللبنانيين ولا في المعاناة الانجازات المشتركة".


وذكر انه ورد في مقدمة " الإطار العام للتعليم ما قبل الجامعي" الذي أعلن في السراي الكبير في 15/12/2022 "مثاقفة الدولة" اي مثاقفة دولة لبنان البكير 1920 في كل جغرافيته وكل مكوناته البشرية".


تصوير رمزي الحاج


ارسلان

وكانت كلمة لحياة ارسلان قالت فيها: "أيها الحفل الكريم إن بكركي اليوم في حضور راعيها البطريرك الراعي تعيد كتابة تاريخ مجيد جعل من لبنان دولة وأغلق كل احتمالات المقاطعة والقائمقامية والمتصرفية. بكركي اليوم تغلق أبواب التقسيم والفدرلة وكل الطروحات التي تصغر لبنان الكبير وتحجمه وتجعل من تنوعه مدخلا للتقوقع والانزواء وتجعل من رسالته حقبة منسية يمحوها الزمان. نعم يا صاحب الغبطة لبنان كبير بدوره ورسالته ومساحته الجغرافية تكفينا، نحن نتّكل أكثر على طموحنا وعقولنا وآمالنا التي لا حدود لها والعالم بأسره شاهد على ما نقول. مررنا ونمر بصعوبات جمة وبأزمات لا بل بكوارث ليس أقلها تفجير المرفأ ولا الشغور الرئاسي أو تداعي المؤسسات لكننا نتحملها بقرار وتصميم ونتجاوزها بعناد وبفعل الاستمرارية".


أضافت: "أيها الحفل الكريم، إن ثوابت هذا التجمع هي: أولا - الدستور هو دين الدولة فلا بقاء لدولة دون دستور وقانون ومؤسسات. أما المعتقد والإيمان فهما العلاقة المخلصة والوجدانية بين الإنسان وخالقه فليبقيا بركة التحصين الذي يثبت اليقين بأن اللبنانين شعب واحد لا تفرقه نعرات طائفية كانت أم مذهبية. ثانيا- الحياد الإيجابي هو وقايتنا وحمايتنا وهدف نسعى لتحقيقه. ثالثا - المسلمات الوطنية والتزام القرارات الدولية وجعل لبنان دولة القانون والمؤسسات هي سياستنا وموجهة بوصلتنا ونطلب ونطالب ونتوجه إلى كل مكونات الوطن للالتقاء على هذه المسلمات. نحن نعول على كل من قال ويقول نعم للبنان الكبير. نحن نعول على الإصلاحيين وعلى كل من يجعل من المحاسبة فعلاً يومياً يمارسه بقناعة وصلابة مبتعدا عن إغراءات الفاسدين والمفسدين وكل ما يعيق قيام الدولة العادلة دولة المساواة بين كل مكوناتها. نحن نعول على أجيال جديدة تحمل شعلة الإنماء والتطور ومواكبة العصر".


ختمت: "أما تجمع دولة لبنان الكبير مسؤوليته الاستمرار فلا يكون لقاء اليوم عابراً. وهنا ندعو كل من يؤمن بلبنان الكبير أن ينضم إلى صفوفنا التي ستنظم على مستوى القطاعات كافة وسيكون فيها لكل راغب دور ومسؤولية. في النهاية نحن ننشد المواطنة مذهبا ونجعل من الولاء للوطن جسر عبور إلى وطن الإنسان". 


MISS 3