بصمات أصابعك ليست فريدة من نوعها بقدر ما تظنّ

02 : 00

قد تكون فرادة جسم الإنسان من أبرز المظاهر التي تُميّز البشر. عاش أكثر من مئة مليار شخص على كوكب الأرض حتى الآن، ومع ذلك لا وجود لأي بصمتَين متطابقتَين على الإطلاق بحسب رأي العلماء.



يقال إن نمط الخطوط والدوائر في كل بصمة أصابع بشرية لا يمكن أن تتكرّر في أي إصبع أخرى. وحتى الأصابع الفردية لدى كل إنسان تختلف عن بعضها البعض أيضاً. لكن تستنتج دراسة جديدة الآن أن الخطوط على كل طرف من أطراف الأصابع قد لا تكون مختلفة بقدر ما كنّا نظنّ سابقاً.

بقيادة كبير المهندسين في جامعة كولومبيا، غيب غيو، استعمل فريق من الباحثين شبكة عصبية مبتكرة ورصدوا بصمات أصابع مختلفة لدى الشخص نفسه. وصل مستوى نجاحها إلى 77% لكل زوج فردي من البصمات.

يكتب الباحثون في تقريرهم: «نحن نعتبر بصمات الأصابع لدى الشخص نفسه عاملاً مثيراً للاهتمام، لا لأنها تتحدّى القناعات القديمة في هذا المجال فحسب، بل لأن نقاط التشابه المحتملة قد تُحسّن القدرة على جمع الأدلّة التي تحتاج إليها الأبحاث عندما تشتق البصمات في ساحات الجرائم من أصابع تختلف عن البصمات الواردة في السجلات. نأمل في أن تساعدنا هذه المعلومات الجديدة على إعطاء الأولوية للأدلة المناسبة عند تعدد الاحتمالات الواردة، أو تُسهّل علينا تبرئة المُشتبه فيهم غير المذنبين، أو توفّر الأدلة التي تسمح بحل القضايا العالقة».

بدأ هذا المشروع باستعمال قاعدة بيانات أميركية عامة تشمل حوالى 60 ألف بصمة إصبع، وهي تتضمّن مجموعات مؤلفة من عشر بصمات مأخوذة من بعض الأفراد. أراد غيو وزملاؤه تقييم مدى قدرة الشبكة العصبية على تحديد القواسم المشتركة بين بصمات الشخص الواحد، فأدخلوا ثنائيات من تلك البصمات إلى الشبكة العصبية التي كانت على شكل تقنية عاملة بالذكاء الاصطناعي. كانت الثنائيات عبارة عن بصمات مأخوذة من الشخص نفسه حيناً أو من شخصَين مختلفَين أحياناً.

يتعلق الاختلاف الأساسي بين تجربة الباحثين وتقنيات تحديد بصمات الأصابع السابقة بخصائص البصمات التي ركّز عليها الذكاء الاصطناعي.

يوضح غيو: «لم يستخدم الذكاء الاصطناعي الفروع ونقاط النهاية في خطوط بصمة الإصبع، أي الأنماط المستعملة عند مقارنة بصمات الأصابع بالطرق التقليدية، بل استعمل معياراً آخر على صلة بالزوايا والانحناءات في الدوامات والحلقات الموجودة في وسط بصمة الإصبع».

مع مرور الوقت، أصبحت الشبكة أكثر قدرة على رصد الحالات التي تعود فيها بصمتان مختلفتان إلى الشخص نفسه. بقيت كل بصمة إصبع في اليد نفسها فريدة من نوعها، لكن برزت نقاط تشابه كافية بينها لدرجة أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من مطابقتها. كانت وجهة الخطوط في وسط البصمة متشابهة في جميع أصابع الشخص نفسه.

قد تكون قدرة الذكاء الاصطناعي على مطابقة بصمات مختلفة لدى شخص واحد ممتازة، لكنها ليست جيدة لدرجة أن تُستعمل للقيام بمطابقات حقيقية. مع ذلك، يثق الباحثون بنسبة 99.99% بأن نقاط التشابه الموجودة في بصمات الشخص الواحد حقيقية، وهم مقتنعون بإمكانية تطوير الشبكة العصبية لزيادة مستوى نجاحها. برأيهم، يمكن استعمال الذكاء الاصطناعي، بشكله الراهن، لحصر الخيارات المطروحة.

يقول كبير علماء الكمبيوتر في جامعة كولومبيا، أنيف راي: «يكفي أن نتخيّل مستوى الأداء الذي ستبلغه هذه التقنية بعد تدريبها على ملايين بصمات الأصابع، بدل الاكتفاء بآلاف البصمات».

تبرز تطبيقات أخرى أيضاً، منها قدرة الفرد على استعمال أيّ من أصابعه للتحقق من هاتف خليوي مزوّد بماسح واحد لبصمات الأصابع مثلاً. تتعدّد الخطوات المطلوبة طبعاً قبل أن تتمكن التقنية الجديدة من تحقيق هذه الغاية، لكن يتعلق الهدف الأساسي من المشروع أصلاً بالتأكد من وجود نقاط تشابه في بصمات الشخص الواحد.

بعدما حصل الباحثون الآن على لمحة عن تلك القواسم المشتركة، يمكن تطوير النظام المقترح بدرجة إضافية.

في النهاية، يقول المهندس هود ليبسون من جامعة كولومبيا: «يظن الكثيرون أن الذكاء الاصطناعي يعجز عن القيام باكتشافات جديدة، ما يعني أنه يكتفي بإعادة صياغة المعارف السابقة. لكن يثبت هذا البحث أن تقنية معيّنة من الذكاء الاصطناعي قد تطرح أفكاراً جديدة أغفل عنها الخبراء طوال عقود، إذا حصل ذلك النظام على قاعدة بيانات بسيطة تملكها الأوساط البحثية منذ سنوات».

نُشرت نتائج البحث في مجلة «ساينس أدفانسز».

MISS 3