عودة: لعدم ربط مصير بلدنا بأي قضية مهما كانت محقّة

12 : 35

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.



بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "كم نحن بحاجة إلى رحمة الله لكي نشفى من حب الأنا وابتغاء المجد، والتسلط، وملاحقة المطامع والمكاسب. نحن نصلي طيلة الصوم الأربعيني الكبير: «أيها الرب وسيد حياتي، أعتقني من روح البطالة والفضول، وحب الرئاسة والكلام البطال...» هذه الصلاة يجب أن يكررها كل لبناني عند إشراقة كل شمس، لكي يسمح الرب أن نتخلى عن أنانيتنا ونتخطى انقساماتنا، ونوحد نظرتنا إلى بلدنا، فنرى فيه وطننا الوحيد، وملجأنا الوحيد، وحاضننا الوحيد، نخلص له، ونعمل من أجله، نصونه ونحميه، وندافع عنه وحده. هذا الموقف يستدعي منا احترام الدول الأخرى، ونصرة القضايا العادلة وفي طليعتها قضية فلسطين، إنما عدم السماح لأحد بالتدخل في شؤوننا الداخلية، وعدم ربط مصير بلدنا، وبشكل خاص انتخاب الرئيس، بأية قضية، مهما كانت محقة، وبأية دولة مهما كانت قوية أو غنية أو فاعلة.



لبنان بحاجة إلى بنيه، كل بنيه، إلى أدمغتهم وسواعدهم، إلى نبوغهم وعلمهم وعملهم من أجل إعادة بنائه على أسس متينة تحفظ لجميع أبنائه من الشمال إلى الجنوب، ومن السهل إلى البحر، حقوقهم وأمنهم وحريتهم واستقرارهم ومستقبلهم. وعلى كل لبناني أن يحفظ طاقاته من أجل بلده، فلا يضحي بنفسه ولا يستهين بحياته من أجل قضية، مهما كانت عادلة، غير قضية وطنه.



ثم هل مات أحد من أجلنا عندما كنا في الأزمات والحروب وتحت نيران العدو وغير العدو؟ فلم على اللبنانيين، وأهل الجنوب بشكل خاص، تكبد الخسائر في الأرواح والممتلكات، ودفع أثمان هم بغنى عن دفعها، بالإضافة إلى النزوح والتشرد؟"



أضاف: "إذا بقي اللبنانيون منقسمين حول رؤيتهم للبنان وسيادته ودوره، متلهين بمصالحهم، وخدمة مطامع الآخرين ببلدهم، سوف يخسرون لبنان وأنفسهم ومستقبل أولادهم. عوض ذلك، عليهم تجميع طاقاتهم من أجل إنقاذ بلدهم الغارق في المشاكل وفي السيول، الرازح تحت عبء المواقف السياسية المتناقضة، والحالة الإقتصادية الصعبة، وتحت الإنهيارات المتنوعة، والإنزلاقات المختلفة، الطبيعية منها والسياسية".



وسأل: "هل كثير على أطفالنا أن يحلموا بمستقبل واعد؟ أن يذهبوا إلى المدارس وأن يلعبوا بسلام وأن يناموا ويحلموا دون خوف أو قلق؟ وكيف يتم ذلك وبلدنا بلا رئيس وبلا حكومة فاعلة ومع مجلس نيابي عاجز عن انتخاب رئيس؟ لقد مضى عام على وجود مستمر في مجلس النواب لنائب لا يطالب إلا بتطبيق الدستور وانتخاب رئيس، لكن لا نية لدى زملائه النواب، وذوي السلطة، للتأمل في موقفه، والإحتكام إلى الدستور وتطبيقه دون تأويل أو تشويه، وانتخاب رئيس. بهذا نخلص لبنان، في هذه الظروف، ويكون عندها قادرا على الدفاع عن قضاياه، وعلى مساندة كل ضعيف ومظلوم ومقهور".



وختم: "دعوتنا اليوم أن نتمثل بالسامري «الغريب»، وأن نرجع دوما ممجدين الله «بصوت عظيم»، بأقوالنا وأفعالنا وأفكارنا وكل كياننا المتجدد بالتوبة الحقيقية وبرحمة الله".

MISS 3