القوى التي تحرّك التطوّر ليست عشوائية

02 : 00

توحي طبيعة الطفرات الجينية العشوائية بأن مسار التطوّر غير متوقّع في معظمه. لكن يكشف بحث جديد أن هذه الفرضية ليست دقيقة بالكامل، إذ يبدو أن التفاعلات الحاصلة بين الجينات تلعب دوراً أكبر مما كنا نتوقع لتحديد طريقة تغيّر الجينوم. من المعروف أن بعض مناطق الجينوم تكون أكثر قابلية للتحوّل من غيرها، لكن تستنتج الدراسة الجديدة أن تاريخ الأجناس التطوّري قد يُسهّل توقّع الطفرات.

تمكّن الباحثون من اختبار التجربة الفكرية التي قام بها عالِم الأحياء التطوّري المعروف ستيفن ج. غولد: تؤدي إعادة تشغيل التاريخ التطوّري إلى نتائج مختلفة وغير متوقعة في كل مرة، لأنّ المسارات التطوّرية تتوقف على أحداث غير متوقّعة.

إذا صحّت هذه الفرضية، قد يتابع جينوم الجراثيم تطوّره عشوائياً بعد اكتساب جينة أفقية. لكن يكشف الذكاء الاصطناعي هذه المرة أنماطاً لتوقّع الأحداث في آلاف العمليات بعد اكتساب تلك الجينة.

توضح عالِمة الأحياء الدقيقة، ماريا روزا دومينغو سانانيس، من جامعة «نوتنغهام»: «اكتشفنا أن بعض العائلات الجينية لا يظهر مطلقاً في الجينوم عند وجود عائلة جينية معيّنة أخرى هناك. حتى أن بعض الجينات يتّكل بشدّة على وجود عائلة جينية مختلفة أحياناً».

بعبارة أخرى، قد يسمح تاريخ الجينوم بتحديد الجينات التي سيحملها أو يفتقر إليها مستقبلاً. شاهدنا لمحات من هذه الظاهرة سابقاً عبر الجينات التي تقع فوق الجزيئات الجينية المفقودة أو المكتسبة جماعياً، لكن تكرّرت هذه العملية أيضاً مع الجينات التي لا تحمل رابطاً وثيقاً مع جينومات الجراثيم.

هذا الاستنتاج لا يخالف قاعدة الطفرة العشوائية، بل إنه يثبت أن قوى الانتقاء الطبيعي تنشط على المستوى الجزيئي أيضاً، وهو أمر لم نتمكن من اكتشافه قبل استعمال قوة الحوسبة في الفترة الأخيرة. تُعتبر الجينومات بحدّ ذاتها انعكاساً لأنظمتها المجهرية التي تسمح للجينات بمساعدة أو تعطيل بعضها.

قد يسهم هذا البحث في استكشاف الجينات التي تدعم أي جينة مقاوِمة للمضادات الحيوية مثلاً. يحاول الباحثون إذاً التخلص من هذه المقاومة كي يتمكنوا من استهداف الجينة البؤرية وتحديد الجينات الداعمة لها أيضاً.

MISS 3