بشارة شربل

البطريرك الماروني يطلق معركة "الحياد والقرارات الدولية"

5 تموز 2020... الراعي بنكهة صفير

6 تموز 2020

02 : 00

إذا اعتقد البطريرك الراعي ان مناشدته فكَّ أسرِ الشرعية ستلقى آذاناً صاغية فَليعلمْ ان "لا حياة لمَن تُنادي" و"أنتَ تنفخُ في رمادِ"، لكن فليطمئن الى ان عظة الديمان دقت ناقوس مرحلة على درب جلجلة قيامة لبنان.

يتحمل رئيس الجمهورية ميشال عون شخصياً، بحكم موقعه، المسؤولية عن أي توتّر يحدث في البلاد بسبب الانقسام السياسي المتوقع حول دعوة غبطة البطريرك التاريخية الى "حياد لبنان" وحضِّه الشرعية الدولية على تطبيق قراراتها وخصوصاً القرار 1559.

فرئيس جمهورية "العهد القوي" أدار الظهر لهذه المواضيع الجوهرية الخلافية، وكان يستطيع تدارك طرحها بحدة وبظروف سياسية واجتماعية خطرة وعلى خلفية تضارب الخيارات الاستراتيجية بين اللبنانيين لو تصرف انطلاقاً من حجمه التمثيلي المسيحي والوطني والتحالفي الذي حمَلَه الى القصر الرئاسي، وبموجب صلاحياته وقَسَمه على تطبيق الدستور. لكنه بدل ان يُكمل من حيث انتهى "إعلان بعبدا" ويدعو بجدية الى "استراتيجية دفاع"، هي الشكل المخفف والبراغماتي لمطلب استعادة الدولة السيدة وتسليم السلاح غير الشرعي، إختار الكيد السياسي وهاجس التوريث معتمداً رؤية "حزب الله" والحوار العقيم ومتبنياً نظرية "الدولة العاجزة والجيش غير الجاهز"، فصار "تفاهم مار مخايل" بالنسبة اليه دليلاً للتوافق الوطني مع انه ليس سوى "مبازرة" عنوانها "خذ في السيادة واعطني حصصاً وكراسيَ"، وباتت "تسوية الدوحة" بديلاً من "اتفاق الطائف" فيما هي مسخ انقلاب ألغى عملياً تداول السلطة السلمي.

ليُسجِّل فخامة الرئيس وحلفاؤه في قوى 8 آذار تاريخ الأحد 5 تموز 2020 . فابتداء منه بات كلام البطريرك الماروني عن القرارات الدولية الواجبة التطبيق يحمل روح "نداء المطارنة" و"بطريرك الاستقلال الثاني"، والذي شكَّل اللُّبنة الأساس لاندحار الوصاية وانسحاب الجيش السوري. ومن تاريخ امس لم يعد رافعو شعار القرار 1559 حفنة مواطنين معزولين يسهل حشرهم في خانة "أحمد الأسير".

خطأ "حزب الله" وحليفه الرئيس مؤذِِ للبلاد وللجميع. ذلك ان التصرف بعنجهية واعتبار فرض الارادة معياراً للسياسة ضيَّقا المساحات المشتركة مع كل شريك في الوطن، ما حوَّل المناداة الطبيعية بالتزام الطائف ووحدانية السلاح تحدياََ موصوفاً ومَسَّاً بالوجود الشيعي بدل ان تكون موضوع حوار يراعي كل القناعات ويعتمد مسلَّمات قيام اي دولة طبيعية في العالم حيث لا جيش شرعياً يردفه "حشدٌ" قرارُه خارجي.

بلا مبالغة، نصف اللبنانيين، على الأقل وبالتأكيد، يريدون رؤية الجيش وحده مدافعاً عن الأمن والحدود. وهم، سواء عن ضعف أو تعقّل، راهنوا على التدرج في تطبيق "الحلم" ولم يدعوا مرة الى العنف أو التدخل الخارجي لنزع سلاح "حزب الله"، مثلما انهم لم يسلِّموا يوماً بأنه أبدي سرمدي ولم "يقبضوا" خطر الدواعش الداهم والدائم، أو يشعروا بواجب تحميل لبنان وحده عبء تحرير القدس لأن ما دفَعَه يكفيه.

يلقى "النداء المثلث" للبطريرك صداه اليوم لأن الانهيار يفتح كل جروح شعب أدرك ان سبب كارثته تحالف الطبقة السياسية الفاسدة مع النظام المصرفي والسلاح غير الشرعي... فتحَ اللبناني النافذة ليكتشف ان لا ودائع ولا قضاء ولا ادارة ولا دولة قانون تحميه، بل نهبٌ وسلبٌ وهيمنةٌ يتوّجها تدمير السلطة علاقاته العربية ومصادر رزقه وربط مصيره بمحور إقليمي مفلس واستبدادي.

من أجل ما تقدم، اقتضى "الحفر والتنزيل" في الكلام البطريركي الصريح، واستحقت إعادة التأسيس على تاريخ 5 تموز 2020.