رواد مسلم

أبرز القدرات الصاروخية للحوثيّين

31 كانون الثاني 2024

02 : 00

خلال نشاط حوثي في صنعاء أمس الأوّل (أ ف ب)

يبدو أنّ تحالف «حارس الازدهار» الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة بمشاركة كل من بريطانيا وكندا وهولندا وأستراليا والبحرين، لا يستخدم قدراته العسكرية الحقيقية من أجل تحرير مضيق باب المندب وممرّات الملاحة في المنطقة من تفرّد الحوثيين بمصيرها. فبالرغم من صعوبة تحقيق الهدف المُعلن بتدمير قدرات الحوثيين، إلّا أنّ ميزان القوّة يبيّن قابلية نجاحه، لكن بحرب واسعة وشاملة لتدمير كلّ البنى التحتية الحوثية في اليمن ولقطع طرق الإمدادات من إيران، وليس بضربات محدودة وغير متواصلة.



لقد نفّذت جماعة «أنصار الله» الحوثية، المدعومة مالياً وعسكرياً من إيران، أكثر من 31 هجوماً على سفن دولية وتجارية في البحر الأحمر منذ منتصف تشرين الثاني، ولا يلوح في الأفق أي مؤشّر إلى انتهاء هذه الهجمات، فهي جماعة مسلّحة بقدرات عالية يُمكنها أن تواجه جيش دولة ذات سيادة بفضل العتاد النوعي والحديث المقدّم من إيران، من مروحيات وصواريخ باليستية و»كروز» بعيدة المدى وطائرات مسيّرة استطلاعية وانتحارية وغيرها، فضلاً عن تميّز عناصر جماعة الحوثي بالروح القتالية الاستثنائية التي يصعب كسرها.



لذلك يبدو أنّ التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة يهدف إلى إضعاف القدرات البحرية للحوثيين بتعطيل قدرتهم على مهاجمة السفن بالصواريخ الباليستية والمسيّرات ومنعهم من تحدّي الشحن البحري العالمي في البحر الأحمر، وهو هدف عسكري يُمكن تحقيقه. وبحسب البنتاغون، فقد دمّرت أو عطّلت الضربات أكثر من 25 منشأة لإطلاق الصواريخ ونشرها، ودمّرت أجهزة رادار ساحلية وأجهزة مراقبة جوية، بالإضافة إلى مستودعات تخزين الأسلحة، منذ أن بدأت الولايات المتحدة وبريطانيا ضرب المواقع العسكرية للحوثيين في اليمن في 11 كانون الثاني.



يمتلك الحوثيون صواريخ مضادة للسفن من المخزون العسكري اليمني، منذ سيطرتهم على شمال البلاد، بما في ذلك العاصمة صنعاء، في أواخر عام 2014 وأوائل عام 2015، فقد حصلت على صواريخ مضادة للسفن على شكل صواريخ سوفياتية الصنع من طراز «بي 21» و»بي 22»، والتي تُحلّق على ارتفاع 100 متر لمدى 80 كلم، بالإضافة إلى الصاروخ الصيني الأكثر حداثة لكن بقدرات أقلّ من طراز «سي 801 ساردين» بمدى أقصى 42 كلم. وأخيراً، صاروخ أرض - جو من طراز «أس 75» السوفياتي.



كانت المساعدات الإيرانية أساسية في تحسين قدرة الحوثيين الصاروخية المضادة للسفن منذ عام 2015. ففي عام 2019، إعترضت المدمّرة الأميركية «يو أس أس شيرمان» سفينة في بحر العرب تُهرّب أسلحة إيرانية الصنع إلى اليمن، أبرزها صاروخ كروز «نور»، النسخة الإيرانية المعدّلة عن صاروخ «سي 801» الصيني، لكن بمدى أطول يصل إلى 120 كلم، فضلاً عن صواريخ «المندب 2» المعدّلة عن الصاروخ الصيني «سي 802» بمدى أطول يصل إلى 300 كلم، وذلك بعد صاروخ «غدير» الذي عدّل عن «سي 802» أيضاً لكن بمدى 200 كلم.



وفي العروض العسكرية التي جرت في عامي 2022 و2023، كشف الحوثيون عن صواريخ «كروز» إضافية مضادة للسفن، بما في ذلك ما يبدو أنه نسختان مضادتان للسفن من صاروخ «قدس» و»صياد» الإيرانيَّين المعدلين من الصاروخ الروسي «كي أتش 55»، واستناداً إلى مدى صاروخ «قدس» الأصلي وتصريحات الحوثيين، يُمكن أن يصل مدى كلا النظامين إلى 800 كيلومتر على الأقلّ.



وفي العرض العسكري ذاته، كشف الحوثيون عن صاروخ «آصف» الباليستي المضاد للسفن، الذي يبلغ مداه 450 كلم، وهو نسخة معدّلة عن صاروخ «فاتح 313» الإيراني الذي تفوق سرعته 5 مرّات سرعة الصوت. وصاروخ «تانكيل» الباليستي المضاد للسفن، النسخة المعدّلة عن صاروخ «رعد 500» الذي طوّره «الحرس الثوري» الإيراني ويبلغ مداه 500 كلم. ويُشكّل التصميمان أثقل الصواريخ الحوثية المضادة للسفن، وكلاهما مزوّد برؤوس حربية يزيد وزنها عن 300 كلغ، والصاروخان الإيرانيان يعتبران تعديلين مطوّرين عن الصاروخ الإيراني «فاتح 110» لعام 2002.



كما يملك الحوثيون صواريخ باليستية متوسطة المدى مضادة للسفن من طراز «فالق» و»مايون» و»البحر الأحمر»، جميعها بمدى أقلّ من 140 كلم، وتتطابق بدقة مع الأنظمة الإيرانية المعروفة، ويمكن أن تكون إمّا أنظمة إيرانية لم تُرصد من قبل وهُرّبت إلى اليمن، وإمّا صواريخ ينتجها الحوثيون باستخدام مجموعات التوجيه الإيرانية.



للحوثيين مصانع صاروخية، فقد تمكّنوا من صناعة الصاروخ الباليستي المضاد للسفن «محيط»، المشتقّ من صاروخ جو - أرض روسي عمره 60 عاماً «أس أي 2» (سام)، ويصل مداه إلى 180 كيلومتراً ويحمل رأساً يزن نحو 150 كلغ. كما تمكّنوا من صناعة صاروخ «فلق» المتوسط المدى، ويعتقد أنّه نسخة بحرية من الصاروخ الإيراني الموجه «فجر 4».



وعلى الرغم من تمكّن المدمّرات الأميركية من إعتراض كلّ الصواريخ الموجّهة ضدّها، إلّا أنّها تبقى تُشكّل خطراً على السفن التجارية. وبالتالي، لا بدّ من مثابرة التحالف على ضرب المنشآت الدفاعية الحوثية لتقليص قدراتها قدر الإمكان، ولكن من المستبعد تدمير كلّ القدرات الحوثية إلّا بحرب أرضية شاملة ستدخل المنطقة بحرب إقليمية لا تصبّ في مصلحة الولايات المتحدة المقبلة على انتخابات رئاسية. 

MISS 3