الدوار حالة شائعة على نحو مفاجئ... كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة؟
في صباح أحد الأيام من فصل الشتاء الماضي، كانت امرأة في عمر السادسة والخمسين تمارس مجموعة من تمارين التمطط السلسة خلال جلسة يوغا اعتيادية في غرفة المعيشة في منزلها، في محاولة منها لتخفيف التشنج في أسفل ظهرها. عندما نهضت تلك المرأة من وضعية الجلوس، شعرت ببعض الغرابة. هي تعترف بأنها بدأت تشعر بالدوار بطريقة لم تختبرها سابقاً. ثم راحت الغرفة تدور من حولها بعد إيوائها إلى الفراش في تلك الليلة نفسها. هي علمت لاحقاً أنها أصيبت بأول نوبة دوار حقيقية في حياتها.
غالباً ما يترافق الدوار مع شعور بتحرك المكان المحيط بالناس، لكنه أكثر تعقيداً من الدوخة البسيطة. تتعدد الأحاسيس الشائعة خلال هذه النوبة، منها طنين في الأذن، وفقدان التوازن، والرؤية المزدوجة، وصعوبة في البلع. يتوقف الوضع على أسباب الدوار. قد تدوم كل نوبة مماثلة بين دقائق معدودة وبضعة أيام.
قد يصيب الدوار الناس من جميع الأعمار، لكنه يتكرر بشكل عام بدءاً من منتصف العمر. يقول الدكتور تيري فايف، عالِم أعصاب وخبير في اضطرابات التوازن في معهد «بارو» العصبي في «فينيكس»، أريزونا، إن هذا الاضطراب يبقى أكثر شيوعاً لدى النساء، مع أن الخبراء لا يفهمون أسبابه بالكامل بعد. يتعرض حوالى 35% من الراشدين لنوبة دوار مرة واحدة في حياتهم على الأقل.
يجب أن يفهم الجميع أولاً أن الدوار ليس مرضاً بحد ذاته، بل إنه شكل من الأعراض. تتعدد الأسباب الكامنة وراءه، لكن يمكن تقسيم الحالة عموماً إلى نوعَين: الدوار المحيطي والدوار المركزي.
عند الإصابة بالدوار المحيطي، يتعلق السبب الأكثر شيوعاً بحالة اسمها «دوار الوضعة الانتيابي الحميد». ترتبط أسباب أقل شيوعاً بإصابات الرأس أو مرض مينيير الذي يشير إلى مشكلة نادرة في الأذن الداخلية. ينشأ دوار الوضعة الانتيابي الحميد حين تصبح جزيئات الكالسيوم الضئيلة والمشابهة للكريستال داخل الأذن رخوة وتتحرك على مستوى أعمق داخل القنوات في الأذن الداخلية. عندما تتحرك تلك الجزيئات في الداخل، قد تعطّل نقل المعلومات المتعلقة بالتوازن إلى الدماغ. في المرحلة اللاحقة، قد تزيد قوة النوبة الناجمة عن دوار الوضعة الانتيابي الحميد حين يرجع الفرد إلى الوراء للنظر إلى خزانة عالية في المطبخ مثلاً، أو عندما ينحني لربط حذائه، أو ينهض من وضعيات اليوغا.
في المقابل، يبقى الدوار المركزي أقل شيوعاً، وهو يستهدف المصابين بجلطات دماغية أو مشكلة في الجهاز العصبي المركزي، مثل الصداع النصفي الدهليزي (يترافق هذا النوع من الصداع مع دوخة قوية).
نظراً إلى تعدد أسباب الدوار، تبقى الخيارات العلاجية متنوعة. لهذا السبب، يعتبر فايف تشخيص الحالة بدقة من أهم العوامل في هذا المجال. قد يحيلك الطبيب العام إلى اختصاصي في أمراض الأذن والأنف والحنجرة، أو قد يقترح عليك طبيب أعصاب أو طبيب قلب.
غالباً ما يتلاشى دوار الوضعة الانتيابي الحميد خلال بضعة أسابيع أو أشهر. لكن بدل انتظار زوال المشكلة، يستطيع المرضى أن يجرّبوا بعض التمارين لتحريك قنوات أو بلورات الأذن وإخراجها من الأذن الداخلية. تُعتبر «مناورة إيبلي» الأكثر شهرة بينها. وفق دراسة نشرتها مجلة «ميدسين» في العام 2023، حسّنت هذه الطريقة الدوار لدى 98% من المرضى. كذلك، قد تسهم أدوية كتلك التي يصفها الأطباء لمعالجة دوار الحركة في كبح الأعراض عند ظهورها.
أخيراً، يوصي أطباء الأعصاب بتجنب الكحول، والسكر، والكافيين، لأنها قد تطلق نوبات الدوار. تبرز عوامل مؤثرة أخرى مثل الضغط النفسي واضطراب النوم.