سناء الجاك

من يضع ورقة لبنان في جيبه؟!

3 شباط 2024

02 : 00

البحث عن حلول سحرية لأزمة الشغور الرئاسي في لبنان عاد إلى نقطة الصفر، على ما يبدو. ربما لأنّ هناك من فكَّر بتجاوز القابضين على السلطة الذين يفرجون عن الحلول عندما يتوصلون إلى توافق ما، وإن على القطعة مع القوى الاقليمية والدولية، وتحديداً مع الولايات المتحدة الأميركية.

فالتعامل على القطعة بين إيران والإدارة الأميركية هو الأساس، مع حفظ مصالح الدول المؤثرة في لبنان، وإن كان لا يلغي تبادل الرسائل بالنار وبغيرها عندما تستدعي الحاجة، ولا يحول دون ترتيب الأوراق التي تؤمّن الجهوزية لاستثمارها في الوقت والزمان المناسبين لكل طرف.

وساحات الاستثمار وفيرة، ولا تقتصر على الحرب في غزة، فهي تتجاوزها فتشمل جبهة الجنوب اللبناني والأذرع العراقية التي تستهدف القواعد الأميركية، والتي لم توفر الأردن، لتضعه في عين العاصفة، والجهود الرامية إلى اختراق ساحته كان قد بدأ منذ محاولات التهريب عبر حدوده للكبتاغون ثم للسلاح، والسعي إلى زرع خلايا ممانِعة في مجتمعاته، ليصار إلى تحريكها عندما تتطلب مصلحة رأس المحور ذلك، وبحجة الدفاع عن فلسطين بنفس إسلامي متطرف، ما دامت موجة هذا التطرف هي الغالبة. هذا عدا ضربات الحوثيين في البحر الأحمر وتأثيرها على التجارة الدولية، ومدى الضرر اللاحق بمصر جرّاء شلّ حركة قناة السويس.

فالرسائل الإيرانية الموجّهة للولايات المتحدة الأميركية وإلى غيرها على خلفية حرب غزة، هي الأوراق اللازمة بغية العودة إلى طاولة المفاوضات بشأن الملف النووي والنفوذ الإيراني في الدول المصادرة سيادتها.

ولا يهم في هذا المقام ما ينتج من أضرار جانبية، كالاغتيالات والضربات المركزة على قيادات الحرس الثوري، ما دامت المسيرة باتجاه الهدف الأبعد على السكة المطلوبة. فالمتوافقان اللدودان ينشطان في هذه المرحلة الدقيقة مع تشابك مسارات البحث عن تسوية في المنطقة.

ولبنان ورقة تفاوض في خضم هذا التشابك، والصفقة ستكون متكاملة، ولكن بعد العثور على مساحات مشتركة بين الوصيّ الإيراني وبين دول اللجنة الخماسية، حينها فقط يصار إلى وضع بنود اتفاق دولي إقليمي. قبل ذلك لن يتراجع فريق الممانعة عن العرقلة، حتى تنضج مقومات هذه المساحات المشتركة ويتم توزيع المكاسب أينما يجب وكيفما يجب.

وواضح أنّ إيران ليست في وارد القلق، وتحديداً لأنّ تنسيقها مع «حزب الله» قائم على خبرات وتمرس مع درس الملفات بعمق، وعلى قدرة على قلب الهزائم إلى انتصارات، في حين أنّ خصوم «الحزب» لا يملكون ما يملك، ولن يحصلوا بعد اكتمال بنود التسوية إلا على حصص واهية، في حين سيحصل المحور على المكاسب التي تفرزها نهاية كل حرب.

ومن باب المكاسب التي تؤشر لها عمليات المد والجزر، نشهد تأرجحاً لعمل سفراء دول الخماسية. وكانت بعض الإشارات قد ومضت مع لقاء السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري بنظيره الإيراني مجتبى أماني، وما أعقبها من اجتماعات للخماسية، سرعان ما أجهِضت بعد زيارة عين التينة، على رغم الأجواء «الجيدة والمفيدة» التي تسربت، وكأنّ طاقة الفرج انفتحت، لتعود الأمور إلى غموضها مع تطورات المنطقة، وخصوصاً في الشق المتعلق بإيران والولايات المتحدة من جهة، وتربص الواحد بالآخر وإصرار الطرفين على عدم توسيع تبادل الرسائل الى مواجهة حقيقية. وأيضاً في الشق المتعلق بمباحثات كبار مسؤولي الاستخبارات الدولية والإقليمية لإرساء هدنة بين إسرائيل وحركة «حماس» وإبرام صفقة تبادل أسرى.

بالتالي، قبل التنبوء بحلول سحرية على يد الخماسية زائداً واحداً، يجب التفتيش عن مصالح من يضع ورقة لبنان في جيبه... حينها يبنى على الشيء مقتضاه!

MISS 3