الفيتامين D يُطيل حياة مرضى السرطان!

13 : 30

وفق تحليل جديد لمجموعة من التجارب العيادية، يبدو أنّ تناول الفيتامين D قد يطيل حياة المصابين بمرض السرطان.

حلّل باحثون في جامعة ولاية «ميشيغن» في «إيست لانسينغ» بيانات مأخوذة من تجارب ارتكزت على عيّنات عشوائية، وكانت قارنت بين أشخاصٍ أخذوا مكمّلات الفيتامين D وآخرين أخذوا دواءً وهمياً طوال 3 سنوات على الأقل.

إختار العلماء تجارب كانت قد حلّلت أثر استعمال مكملات الفيتامين D للوقاية من المرض خلال فترة 4 سنوات على الأقل، كما سجّلت أمراض السرطان وحالات الوفاة المرتبطة بها.

في المُحصّلة، شمل التحليل 10 تجارب شارك فيها 79055 شخصاً كان متوسّط أعمارهم 68 عاماً، وبلغت نسبة النساء فيه 78%.

إكتشف الباحثون رابطاً بارزاً بين أخذ مكملات الفيتامين D، وتراجع خطر الوفاة بسبب السرطان خلال فترة متابعة المشاركين.

وأثبت التحليل أنّ الأشخاص الذين أخذوا مكملات الفيتامين D كانوا أقلّ عرضة للوفاة بسبب السرطان بنسبة 13%، مقارنةً بمَن أخذوا دواء وهمياً خلال الفترة نفسها. لكن، لم يظهر أيّ رابط بارز بين استعمال الفيتامين D والوقاية من السرطان.

شمل العدد الجديد من «مجلة علم الأورام العيادي»، التي تصدرها «الجمعية الأميركية لعلم الأورام العيادي»، ملخّصاً عن الدراسة أيضاً. يقول طارق هيكل، وهو طبيب في قسم الطب الداخلي في جامعة ولاية «ميشيغن» وأحد المشرفين على الدراسة: «كان الفرق في معدلات الوفيات بين مستعملي الفيتامين D والدواء الوهمي بارزاً من الناحية الإحصائية، لدرجة أنه أثبت مدى أهمية الفيتامين بالنسبة إلى مرضى السرطان».

السرطان والفيتامين D

وفق إحصاءات «منظمة الصحة العالمية»، يُعتبر السرطان ثاني أبرز سبب للوفاة حول العالم. في عام 2018، إكتشف حوالى 18.1 مليون شخص إصابته بالسرطان، وتوفي 9.6 ملايين شخص بسبب هذا المرض.

ينشأ السرطان حين تتكاثر الخلايا بوتيرة غير طبيعية وتُشكّل ورماً قابلاً للانتشار، وتتعدد أشكاله وتتوقف على نوع الخلية والمنطقة التي يبدأ فيها المرض. في الظروف الطبيعية، تموت الخلايا حين تتضرر أو تشيخ، وتنشأ خلايا جديدة بدلاً منها. ينشأ السرطان عندما تتعطّل هذه العملية، ما يعني أنّ الخلايا المتضررة أو القديمة لا تموت، أو يمكن أن تتشكّل كمية فائقة من الخلايا الجديدة. وقد يؤدي هذا الخلل إلى نشوء فائض من الخلايا الخارجة عن السيطرة.

حين ينشأ الورم السرطاني، سيبدأ الانتشار في النسيج المجاور. في الوقت نفسه، يمكن أن تهرب الخلايا من الورم وتصل إلى مناطق أخرى من الجسم، عن طريق الجهاز اللمفاوي ومجرى الدم، فتبدأ هناك إنشاء أورام ثانوية جديدة.

ترتفع فرص النجاة من السرطان عند تشخيص المرض في مراحله الأولى، ويمكن تلقي العلاج قبل أن يبدأ المرض بالانتشار. لكن بعد انتشار السرطان، ستزيد صعوبة معالجة الحالة. يحصل معظم الناس على الفيتامين D عبر التعرّض لأشعة الشمس أو استهلاك أغذية محددة، ويأخذ بعضهم مكملات من هذا الفيتامين. يضطر الجسم الى تحويل الفيتامين D إلى شكل ناشط قبل أن يتمكن من استعماله، وتحصل هذه العملية على مرحلتين: أولاً في الكبد، ثانياً في الكلى. حين يتّخذ الفيتامين D شكله الناشط، سيساعد الأمعاء على امتصاص الكالسيوم خلال الهضم وسيحافظ على مستويات مستقرة في الدم لاستعماله في عملية تشكيل العظام. يسهم هذا الفيتامين أيضاً في حماية العظام السليمة. قد تنجم بعض المشاكل الصحية، مثل كساح الأطفال وهشاشة العظام لدى كبار السن، عن نقص في الفيتامين D.

بالإضافة إلى دور الفيتامين D في حماية صحة العظام، يسهم هذا العنصر أيضاً في السيطرة على نمو الخلايا والوظيفة المناعية والالتهابات. ويؤدي الفيتامين هذه الوظائف عبر تنظيم الجينات لإطلاق عملية تمايز الخلايا وانقسامها وموتها.

حاجة مُلحّة إلى إجراء أبحاث عمدت دراسات كثيرة إلى تحليل مدى قدرة مكملات الفيتامين D على الوقاية من هشاشة العظام، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والسكري، والسرطان وأمراض أخرى. قرّر هيكل وزملاؤه مراجعة الأدلة المرتبطة بالوقاية من السرطان، وتحديداً لأنّ استعمال الأسبرين كتدبير أوليّ للوقاية منه لا يزال مثيراً للجدل.

تبدو نتائج الدراسة واعدة، لكنّ هيكل يؤكد ضرورة استكشاف مسائل كثيرة بعد، بما في ذلك الجرعة المناسبة ومستويات الفيتامين D في الدم.

لا بد من إجراء أبحاث أيضاً عن عدد السنوات الإضافية التي يمكن أن يستفيد منها مرضى السرطان بفضل الفيتامين D وطريقة عمل الآلية الكامنة.

يؤكد هيكل ضرورة الإجابة عن أسئلة كثيرة وإجراء أبحاث إضافية، لكنه يعتبر النتائج الجديدة قوية الى حَدّ أمله في أن يَصف عدد إضافي من الأطباء الفيتامين D، وتحديداً لمرضى السرطان.

ختم هيكل قائلاً: «نعلم أنّ الفيتامين D يعطي المنافع مقابل حدّ أدنى من الآثار الجانبية. وتبدو قدراته واعدة جداً. أسهَم الفيتامين D في تخفيض خطر الوفاة ضمن فئة مرضى السرطان بشكل لافت، لكنه، للأسف، لم يثبت قدرته على الوقاية من السرطان».


MISS 3