ندوة

الزجل اللبناني على لائحة الأونيسكو للتراث العالمي

02 : 00

عقَد "مركز التراث اللبناني" في الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU ندوتَه التواصلية السادسة عن بُعد، حول موضوع "الزجل اللبناني على لائحة الأونيسكو للتراث العالمي"، إحياءً لقرار المنظَّمة الدولية رقم 9/10-25 سنة 2014 في جمعيتها العامة بدخول الزجل على تلك اللائحة كـ"نوع من الشعر الشعبي الـملقى أَو الـمؤَدَّى غناءً... تتجلَّى فيه جمالات لبنان وما فيه من قيم في السماح والحوار بين الأَديان والفئات اللبنانية والحقّ في الاختلاف" (كما ورد حرفيًّا في قرار الأُونيسكو).

أَعدَّ الندوة عن بُعد وأَدارها الشاعر هنري زغيب مدير "مركز التراث اللبناني"، واستضاف إِليها الدكتور عدنان حيدر، الشاعر جوزف أَبي ضاهر، الأستاذ حنا العميل (منسِّق الملف عامئذٍ في وزارة الثقافة) والشاعر الزجلي أَنطوان سعادة رئيس "جوقة المسرح" الزجلية.

بدايةً مهَّد زغيب للموضوع بأَن "خمسة مواقع من لبنان دخلَت منذ 1984 على لائحة الأونيسكو للتراث العالمي الثقافي الطبيعي، وبعد ثلاثين سنة دخَل لبنان مجدداً إِلى سجلّ الأونيسكو عبر الزجل على لائحة التراث الثقافي غير المادي". وأوضح أنّ هذا هو الدافع إِلى تنظيم هذه الندوة عن بُعد، لـ"إِحياء هذا الموضوع والعمل على تفعيله"، خصوصاً أنّ المنظمة رأَت في الزجل اللبناني "صمَّام أمان ذا دور رئيس في المساعدة على تمتين التماسك الاجتماعي في لبنان".

عدنان حيدر، وهو مؤَلِّف كتاب ضخمٍ بالإِنكليزية عن الزجل اللبناني يصدر قريباً، تحدّث عن بحور الشعر وموسيقاه، بادئاً بتعريف الزجل كما اعتمدتْه الأونيسكو. وشدَّد في مداخلته على نقطة "النَبْر" في الزجل، مقارَنةً بما هي عليه في الكلام العادي أَو في الشعر الفصيح. وأَوضح أَن في الزجل أُسلوبَين: المنفلت من الإِيقاع وهو "نثْر النغَمات" لا انضباطَ موسيقيًّا فيه ولا التزامَ بحدود الوزن وقواعده، و"نظْم النغمات" وهو يتْبعُ قواعدَ النظْم العادية وبُحُورَها وأُصولَها. وعدَّد بعض مَن كتبوا عن هذا الفن الأَدبي اللبناني الفريد من منير وهيبة الخازن إِلى مارون عبود وسواهما من الأُدباء والباحثين.



الندوة عن بُعد، من اليمين: أَنطوان سعادة، عدنان حيدر، هنري زغيب، جوزف أَبي ضاهر وحنا العميل



جوزف أَبي ضاهر، وهو صاحب موسوعة كاملة وسلسلة مؤَلفات عن الزجل وأَعلامه، ركَّز على "حضور المرأَة في هذا الفن التراثي منذ مطالعه بصوتها قبل صوت الرجل، حداءً أَو رثاءً أَو زلغطةً أَو نَدباً أَو هدهداتٍ لنَوم الأطفال. ثم أخذ هذا الفن يتبلور في طريقه منذ مار افرام السرياني ومطالع التركيز وصولًا إِلى شعراء أَسسوا له المنبر منذ شحرور الوادي". وأشار إلى أن "الزجل، قبل وسائل الإِعلام، كان وسيلة اتصال بين الحدث والمتلقّي، كما بين الوطن وأَبنائه في الخارج".

حنا العميل، وكان في تلك الفترة رئيس مصلحة الشؤون الثقافية والفنون الجميلة في وزارة الثقافة، تابع تهيئة الملفّ لمنظمة الأونسكو وعقَد حلقات دراسية واجتماعات واختبارات ميدانية. وسرد مراحل العمل منذ سنة 2003 عند إِقرار اتفاقية منظمة الأُونيسكو لــ"صَون التراث الثقافي غير المادي"، وإِنفاذ تلك الاتفاقية سنة 2009 بتمويل الاتحاد الأوروبي لإِطلاق الأونيسكو مشروع "التراث المتوسطي الحي"، ومساعدة أَربع دول للحفاظ على هذا التراث (مصر، الأردن، سوريا ولبنان). وإِذ اختار لبنان إِعداد دراسة مفصَّلة عن الشعر الشعبي الـمقول والمغنَّى ولا سيما الزجل، كان لبنان سنة 2013 وحده بين تلك الدول في تقديم ملفّ ترشيح الزجل اللبناني على "لائحة التراث الثقافي غير المادي"، حتى اعتمدته الأونيسكو رسميّاً في تشرين الثاني 2014 على "لائحة التراث الثقافي غير المادي". ولكنَّ إِحياء ذاك الفن توقَّف منذ ذاك التاريخ، فيما الأونيسكو أَكَّدت على ضرورة أَن تُتابع الدولة اللبنانية عملها بإِجراء مزيدٍ من الدراسات حول سائر عناصر "التراث الثقافي غير المادي" للحفاظ عليها، وتأمين استمراريتها وانتقالها إِلى الأَجيال المقبلة، وصيانة السجل الوطني للتراث اللبناني.

وبين فقرات الندوة كان الشاعر الزجلي أَنطوان سعادة يُعطي نماذجَ زجليةً مغنَّاةً لمعظم أَنواع الزجل وموسيقاها وبحورها، ومنها القرّادي، المعنَّى، القصيد (نوعان)، الموشَّح (على بحرين)، الشروقي، الميجانا، العتابا. وأَضاف أَن "من فرادة الزجل اللبناني كونه لغةً داخلَ اللغة، بكامل قاموسها ومفرداتها وتأثيرها البالغ في المجتمع اللبناني".


MISS 3