تحت وطأة أزمات تزيد لبنان غرقاً، أطلت أمس مرجعيتان روحيتان هما دار الفتوى ومجلس المطارنة الموارنة، لتطلقا مواقف تزيل الخواء السياسي الذي يحاصر هذا البلد. وتشاء الصدف أنّ هاتين الاطلالتين مرتبطتان بذكرى الإسراء والمعراج والعيد السنوي لمار مارون، ما أعطى المناسبتين البعد الوطني بكل اتجاهاته.
فمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة الى اللبنانيين، لمناسبة ذكرى الإسراء والمعراج، تناول ما سمّاه «حيلة جديدة للاستمرار في احتجاز أموال الناس وودائعهم وحجبها، فيما لا يزال الحاكمون ورجالات المصارف يأتمرون في كيفية إنكار حقوق الناس».
ومن «حيلة» الاستيلاء على ودائع اللبنانيين، الى «مئات الحيل القانونية وغير القانونية» من أجل «إبقاء المناصب خالية عندما تخلو من شاغليها»، وقال: «لا أعرف بلداً في العالم يتعذر فيه انتخاب رئيس للجمهورية، وكيف تقوم دولة بدون رئيس وحكومة عاملة؟»، وتساءل: «ما شأن أزمة الشرق الأوسط بانفجار المرفأ؟ وما شأن أزمة الشرق الأوسط بانهيار الليرة اللبنانية؟ وأخيراً ما شأن الأزمة المذكورة بعدم انتخاب رئيس للجمهورية؟».
بدورهم، أصدر المطارنة الموارنة بياناً بعد اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي برئاسة البطريرك بشارة الراعي، فأعلنوا «التأييد الكامل لما أعرب عنه صاحب الغبطة من رفض المتاجرة بحياة المواطنين في الجنوب اللبناني، الذين ضاقوا بالتصعيد الميداني المُهدِّد للأرواح والممتلكات»، ودانوا بشدة «محاولات التعريض بإعلان بكركي مُسانَدتها هؤلاء المواطنين». وأعربوا «عن ألمهم البالغ أمام الأوضاع المُزرِية التي دفعتهم إليها السياسات المتفرّدة، فيما كان المطلوب السهر على المنطقة الحدودية، من خلال تعزيز الأجواء السياسية والديبلوماسية لتنفيذ القرار الدولي 1701، لا التمادي في تفجير أيامها ولياليها». وحذّروا «من المحاولات الجارية، دولياً ومحلياً، لإمرار ترسيمٍ مشبوه للحدود بين لبنان وإسرائيل، خالٍ من أيِّ ضماناتٍ دولية واضحة وثابتة». ولفتوا إلى «أنّ التفاوض في هذا الشأن يبقى من اختصاص رئيس الجمهورية، وأنّ ما يتم خارج رعايته وإدارته وموافقته باطلٌ ولاغٍ».
وفي سياق متصل، عقدت لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين في مجلس النواب جلسة في حضور المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسكا. وتميزت الجلسة بطرح عضو اللجنة النائب في كتلة «القوات اللبنانية» بيار بو عاصي موضوع انسحاب «حزب الله» من منطقة القرار 1701، لكن، لم يذكر خلال الجلسة أي حل مرتقب في الجنوب. أما فرونتسكا، فركزت على العودة إلى الديبلوماسية لحلّ الإشكاليات الناجمة عن التوتر اللبناني الإسرائيلي، إضافة الى تطبيق الـ 1701 ومعالجة الخلافات على الحدود الجنوبية. كما ركّزت على ضرورة إعادة تفعيل اللجنة الثلاثية التي كانت تجتمع في الناقورة وتوقّفت اجتماعاتها بسبب جائحة «كورونا»، وما بعدها، حيث سيكون لها دور أساسي ومهم بعد نهاية حرب غزة سياسياً.
وعلم أنّ هذا الاهتمام بعمل اللجنة الثلاثية يرتبط بما أورده موقع «آكسيوس» الأميركي قبل يومين عن»تفاهمات» تأمل الولايات المتحدة مع أربعة من حلفائها الأوروبيين، «في إعلانها خلال الأسابيع القليلة المقبلة لإعادة الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية».
وفي هذا الإطار، قال مصدر مقرّب من وزير خارجية فرنسا ستيفان سيجورنيه لـ «فرانس برس» إنه جاء الى بيروت بعد جولة في المنطقة شملت إسرائيل «حاملاً مبادرات ديبلوماسية لتجنّب التصعيد» بين البلدين.
وعلى المستوى الميداني، قتل أمس مدني وأصيب آخران في قصف إسرائيلي على بلدة الخيام الجنوبية التي تعرضت للمرة الأولى منذ اندلاع المواجهات لسلسلة غارات. وأعلن «حزب الله» في المقابل استهداف موقع وأجهزة مراقبة إسرائيلية، في وقت شيّعت حركة «أمل» ثلاثة من مقاتليها قضوا الإثنين بقصف إسرائيلي.