باتريسيا جلاد

تجنّبت رصد أموال لمصاريف قد لا تستحقّ

الحكومة تأخذ "كَسرة" الإعتمادات والإنفاق خارج الموازنة

8 شباط 2024

11 : 51

 سرت العادة خلال العامين الماضيين، على إقدام الحكومة على الإنفاق من خارج الموازنة من خلال فتح اعتمادات. وهكذا أخذت الحكومة "كسرة" وانسحبت تلك العادة على إدراج تلك النفقات والواردات في موازنة 2024 على الأساسية والضرورية منها، أما الحجّة فهي تجنّب رصد أموال لنفقات ممكن ان "تستحقّ" وقد لا تستحقّ.



فهل يعتبر ذلك هو السبب الأساسي في عدم إدراج بعض النفقات مثل الهبات والقروض وفوائد خدمات الدين والسندات وعدم إدراج الزيادات المطلوبة من موظفي القطاع العام، وحاجات مؤسسة كهرباء لبنان الإنفاقية ... في الموازنة؟ أم هناك أسباب أخرى أدّت الى عدم إدراج بعض النفقات ضمن بنود الموازنة والخروج بعجز بنسبة 0%؟



في الكلمة التي ألقاها النائب ابراهيم كنعان خلال اجتماع مجلس النواب للتصويت على قانون الموازنة، قال إن وزارة المال أرسلت كتاباً الى اللجنة أعلن فيه أن العجز جاء صفراً في الموازنة وذلك بعد زيادة واردات بقيمة 25 ألف مليار ليرة من 295 ألف مليار ليرة الى 320 ألف مليار ليرة. واثارت ولا تزال، تلك المسألة تساؤلات حول أسباب التبدّلات التي حصلت في الأرقام. وقتها قال كنعان إن السبب هو عدم وجود موظّفين لإدخال الداتا الى النظام الإلكتروني.



وتبيّن لـ "نداء الوطن" حول سبب تحقيق فائض في الإيرادات، وعدم دقّة الأرقام الخارجة من وزارة المالية، أولاً، وجود موظَفين فقط يزاولان عملهما يومين أسبوعياً، ما يحول دون تمكّنهما من إدخال الـ"داتا" الكترونياً لأن كل فاتورة ضريبية للأملاك المبنية والـTVA ... تسجّل واحدة تلو الأخرى.



ثانياً، طلب لجنة المال من وزارة المالية تحديث أرقام لغاية شهر 11 من العام 2023، علماً انه منذ شهر أيّار يتمّ تقاضي إيرادات جمركية على اساس سعر 89500 ليرة، لذلك شهدت الأرقام ارتفاعاً. الى ذلك، أزيل بند الضريبة على أرباح الأفراد، فالإيرادات الضريبية غير المباشرة تمثّل نسبة 90% من الضرائب في لبنان.



لماذا لم ترصد في الحكومة ايرادات في الموازنة؟



بداية مع سلفات الخزينة للدولة من العام 2020 الى العام 2023، فهي تبلغ نحو 81 ألف مليار ليرة، استخدم منها في العام 2023 وبداية 2024 ما قيمته 31500 مليار ليرة، وتتوزّع السلفات بين سلف خزينة الجامعة اللبنانية وصندوق تعاضد القضاة ووزارة التربية. وتصل قيمة السلفات الى هذا الحدّ لأن سقف الإنفاق في موازنة 2023 لا يتعدّى 2 مليار دولار.



نفقات مؤسسة الكهرباء



بالنسبة الى النفقات التي يجدر إدراجها في الموازنة ولم ترد، أفاد مصدر مالي "نداء الوطن" بأن "لا مبالغ مرصودة للإنفاق على الكهرباء، باعتبار أن شراء الفيول من العراق هو عقد تجاري اولاً، وثانياً لأن مؤسسة كهرباء لبنان تقوم بشراء الفيول من الأموال التي تودع في حسابها في مصرف لبنان والتي هي الأموال المحصّلة من الجباية. ولكن هناك مبلغ 108 ملايين دولار تمّ رصده في نفقات الموازنة وهي فواتير الكهرباء المترتّب على الإدارات العامة تسديدها".



ايرادات الهبات صفر



أما الهبات التي تقدّم عن طريق مساعدات شهرية بالدولار من قطر والولايات المتحدة الأميركية، كتلك الخاصة بالجيش، وكانت قيمتها 100 دولار، فهي تدرج عادة في الموازنة ضمن الواردات الإستثنائية والتي جاءت صفراً في موزانة 2024.



وفي السياق، معلوم أن الواردات في الموازنة تقسم الى جزئين:



1-الواردات العادية التي هي عبارة عن ضرائب الأملاك المبنية والكازينو وبدلات تأجير أملاك الدولة والضريبة على القيمة المضافة.



2- الواردات الإستثنائية وتتضمن القروض والهبات التي ترد الى الدولة وتصدر بمرسوم في مجلس الوزراء. وأرقام الهبات ليست محدّدة بل هي متغيّرة وتدخل ضمنها الهبات التي ترد الى المجتمع المدني .



ويعتبر المصدر المالي نفسه أنه "كان من الضروري أو بالأحرى من الأفضل إدراج الهبات بكافة أنواعها ضمن إيرادات الموازنة وأن تخرج بالإنفاق، ولكن لم يحصل هذا الأمر في قانون الموازنة المرتقب ان يصدرقريباً جدّاً في الجريدة الرسمية.



أما بالنسبة الى القروض فتُقبل عادة بقوانين صادرة عن مجلس النواب وليس مجلس الوزراء، وهذا الأمر أثير في قرض البنك الدولي البالغ 32 مليون دولار، باعتبار أن الحكومة لا يمكنها الإقتراض.



خفض نفقات الإحتياطي واعتماد الحرب!



الى ذلك وحول خفض الإحتياطي في الموازنة المعروف بـreserve وهو يستخدم عند الضرورة، والذي كان يبلغ 87 ألف مليار ليرة لبنانية ممثلاًّ نحو 33,4% من مجموع الموازنة، اعتبر المحامي كريم ضاهر أن "الإبقاء على قيمة الإحتياطي على ما هو عليه هو إنفاق غير مجدي، وتمّ خفضه للجم الهدر والإنفاق العشوائي غير المدروس في الموازنة".



لكن ماذا عن عدم رصد مبالغ من شأن الحكومة التصرّف بها في حال توسّع رقعة الحرب في الجنوب اللبناني مع إسرائيل على سبيل المثال؟



حول ذلك اعتبر المصدر المالي أن هذا البند كان ملحّاً ومن الضروري إدراجه في الإحتياطي. وهكذا لو أدرجت بعض البنود الضرورية والأساسية، لما كانت الموازنة خرجت من دون عجز، لكن الحكومة اعتادت، ولا تألو جهداً في فتح اعتمادات مُعتمدةً على قاعدة عدم إدراج بنود لنفقات من غير المؤكّد أنها ستنفق بالتالي تلافي إمكانية "ضياع كيفية صرفها"؟

MISS 3