"ظروف مشبوهة" تُحيط بالانتخابات الباكستانية

02 : 00

خلال عملية فرز الأصوات داخل أحد المراكز في إسلام آباد أمس (أ ف ب)

بعدما خرق الصمت الانتخابي انفجاران انتحاريان راح ضحيّتهما 28 شخصاً الأربعاء، شهدت باكستان أمس انتخابات تشريعية لم تخلُ من العنف وشبهات التلاعب، خصوصاً بعد قرار الحكومة قطع خدمة الهواتف النقالة طوال اليوم، فيما توقّعت الاستطلاعات أن تكون نسب المشاركة منخفضة بعد حملة انتخابية باهتة خيّم عليها سجن رئيس الوزراء السابق عمران خان والسجالات بين حزبه «حركة إنصاف» والمؤسّسة العسكرية.

ودعي نحو 128 مليون ناخب مسجّل إلى صناديق الاقتراع لاختيار 336 نائباً في البرلمان الفدرالي وتجديد المجالس الإقليمية. ويُتوقع أن يفوز حزب «الرابطة الإسلامية الباكستانية - جناح نواز» بمعظم المقاعد، مع إشارة محلّلين إلى أن مؤسّس الحزب نواز شريف نال رضا المؤسّسة العسكرية في البلاد، لكنّه نفى خلال الإدلاء بصوته في ولاية لاهور أن يكون قد عقد أي اتفاق مع الجيش ليعود إلى السلطة، مؤكداً أنه «في الواقع لم أواجه أبداً أي مشكلات مع الجيش».

ولسخرية القدر، ذكّرت انتخابات أمس باقتراع 2018، لكن مع انقلاب الحال. فحينذاك، استُبعد شريف من الترشّح بسبب إدانته بالفساد في قضايا عدّة، بينما وصل خان إلى السلطة بفضل دعم الجيش له وتمتّعه بتأييد شعبي. وأكد المدير التنفيذي لمجموعة «غالوب باكستان» للاستطلاعات بلال غيلاني أن «تاريخ الانتخابات الباكستانية مليء باتهامات التزوير، لكن أيضاً بمحاباة حزب سياسي معيّن وشهد عام 2018 ظروفاً مشابهة جدّاً»، مؤكداً أن الديموقراطية في باكستان «موجّهة ويُديرها الجيش».

لكن بخلاف الانتخابات الأخيرة، حُذف اسم حزب المعارضة من بطاقات الاقتراع، ما أجبر مرشّحي «حركة إنصاف» الذي أسّسه خان على الترشّح كمستقلّين، فيما حُكم على خان بالسجن لفترات طويلة بتُهم الخيانة والفساد إلى جانب زواج غير شرعي. ويشير محلّلون إلى أن مساعي تشويه سمعة خان تُعدّ دليلاً على حجم القلق في أوساط الجيش من احتمال تحقيق المرشّحين الذين اختارتهم «حركة إنصاف» مفاجأة في الانتخابات.

في الأثناء، نُشر أكثر من 650 ألف عنصر من الجيش والقوات شبه العسكرية والشرطة لضمان الأمن إثر مقتل عناصر أمن في هجومين منفصلَين أمس، بينما أفاد مسؤولون عن سلسلة من الإنفجارات الصغيرة في إقليم بلوشستان جنوب غرب البلاد، أسفرت عن إصابة شخصين بجروح. ولاحقاً، كشف الجيش في بيان حصول 51 هجوماً أمس، أسفرت عن مقتل 12 شخصاً، بينهم 10 من عناصر قوات الأمن.

بالتوازي، أعلنت وزارة الداخلية مساء أمس بدء عودة خدمة الهواتف النقالة بعدما قطعت رسميّاً في كلّ أنحاء البلاد منذ الصباح لدواع أمنية. كذلك، قطعت شبكة الإنترنت على الهواتف، بحسب منظمة «نيتبلوكس» التي ترصد الأمن الإلكتروني وإدارة الإنترنت. وأكد مدير «نتيبلوكس» أن «القطع الراهن للإنترنت هو بين الأكثر شدّة واتساعاً الذي لاحظناه في أي بلد»، مندّداً بـ»ممارسة مناهضة للديموقراطية». كما دانت المحامية نيغات داد التي تُدير منظمة الحقوق الرقمية في باكستان ما اعتبرته «هجوماً على الحقوق الديموقراطية للباكستانيين».

أمام هذا الواقع، اعتمد الناخبون الباكستانيون على خدمة الرسائل النصية للتأكد من مراكز الاقتراع التي سجّلوا فيها. وأكد المواطن عبد الجبار لوكالة «فرانس برس» أن انقطاع الإنترنت منعه هو وزوجته من ايجاد مركز الاقتراع الذي كان يفترض أن يقترعوا فيه، فيما قال عامل البناء سيد تصوّر إنّ «مصدر قلقي الوحيد هو إن كان سيُحسب صوتي للحزب الذي صوّت له»، مشيراً إلى أنه «لا فرق في من يحكم بالنسبة للفقراء، فنحتاج فقط إلى حكومة يُمكنها السيطرة على التضخم» الذي بلغ نحو 30 في المئة. وأشارت الاستطلاعات إلى أن الانتخابات تركت لدى السكان شعوراً بـ»الإحباط» إلى حدّ غير مسبوق منذ سنوات.

MISS 3