إسرائيل تُحرّر رهينتَين بـ"اليد الذهبية" المُلطّخة بالدماء!

من آثار الضربات الإسرائيلية على رفح أمس (أ ف ب)

تحدّث أهالي مخيّم الشابورة في قلب مدينة رفح في أقصى جنوب قطاع غزة أمس، عن «ليلة مُرعبة» بكلّ المقاييس وكأنّها «نهاية الأزمنة»، أثناء تنفيذ إسرائيل عمليّتها النوعية التي أطلقت عليها اسم «اليد الذهبية» وحرّرت خلالها رهينتين فوق بحر من دماء الفلسطينيين الذين سقطوا كـ»أضرار جانبية» تحت لهيب «التغطية النارية» الكثيفة بعشرات الضربات، فيما أفادت وزارة الصحة في حكومة «حماس» بأن العملية أدّت إلى سقوط نحو 100 قتيل.

وذكرت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيلية أنّه خلال عمليّة ليليّة مشتركة بين الجيش والشين بيت (الأمن الداخلي) والشرطة الإسرائيليّة في رفح، تمّت استعادة الرهينتَين الإسرائيليَّين فرناندو سيمون مارمان (60 عاماً) ولويس هار (70 عاماً) اللذين خطفتهما «حماس» في 7 تشرين الأوّل من كيبوتس نير يتسحاق، ويحملان الجنسيّتَين الإسرائيلية والأرجنتينية.

وبناء على معلومات استخباراتية، استخدمت قوات الكوماندوس الإسرائيلية المتفجّرات لاقتحام مبنى كان يُحتجز فيه مارمان وهار، حيث كانا تحديداً في الطابق الثاني من المبنى، فأخرجتهما الوحدة المُهاجمة وأجلتهما. وأشار الجيش إلى أن قواته خاضت «معركة جريئة وسط تبادل كثيف لإطلاق النار» مع خاطفيهما. ونُقل الرهينتان جوّاً إلى مستشفى شيبا في رمات غان بالقرب من تل أبيب، الذي أصبح «مَحجّاً» لأهل الرهينتين والصحافيين.

وأشرف على العملية قادة من الجيش والشرطة و»الشين بيت»، حيث كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يُتابع ووزير الدفاع يوآف غالانت مجريات العملية في مقرّه. وأثنى نتنياهو على العملية، معتبراً أنها «مثالية... ومن أنجح العمليات في تاريخ» إسرائيل. وأكد مجدّداً تصميمه على مواصلة «الضغط العسكري» حتّى القضاء على «حماس» التي قال إنّ رفح هي «آخر معقل لها»، إلى أن يعود جميع الرهائن، في حين اعتبر غالانت أن عملية إنقاذ الرهينتَين هي «نقطة تحوّل في الحملة» ضدّ «حماس»، وقال: «حماس ضعيفة وقابلة للاختراق»، مؤكداً أنّه «من المُمكن الذهاب إلى أي مكان، وفعل أي شيء»، في وقت كشفت فيه «كتائب القسّام» مقتل 3 رهائن إسرائيليين خلال قصف إسرائيلي.

وفيما تتزايد المخاوف من التداعيات الكارثية المحتملة لعملية عسكرية إسرائيلية في رفح، أعرب المدّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان عن قلقه إزاء أنباء عن هجوم قد يُنفّذه الجيش الإسرائيلي على رفح، متوعّداً بملاحقة أي طرف ينتهك القوانين الدولية. ولفت إلى أن التحقيق الذي يُجريه مكتبه في شأن غزة «يمضي قدماً بصفته مسألة شديدة الإلحاح».

في الغضون، أكدت مصر التزامها «اتفاقية السلام» الموقّعة مع إسرائيل. وقال وزير الخارجية سامح شكري تعليقاً على أنباء تهديد بلاده بتجميد الاتفاقية ردّاً على عملية إسرائيلية عسكرية مرتقبة في رفح: «هي سارية على مدار الـ40 عاماً الماضية، وسوف تستمرّ»، مشيراً إلى أن بلاده «ستواصل مساعيها مع الطرفين من أجل الوصول إلى اتفاق يقود إلى إطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار... وضمان دخول المساعدات إلى القطاع».

كما جدّد شكري تأكيد موقف القاهرة «الرافض لأي تهجير قسري لسكان» غزة، محذّراً من العواقب الوخيمة لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنوب القطاع، فيما وصف المتحدّث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبو زيد تصريحات وزير المال الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بـ»غير المقبولة» و»التحريضية». وكان سموتريتش قد حمّل مصر مسؤولية كبيرة عمّا حدث في هجوم 7 تشرين الأوّل، زاعماً أن إمدادات «حماس» من الذخيرة تمرّ عبر مصر إلى حدّ كبير.

أميركيّاً، عبّر المتحدّث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر عن اعتقاده بأنّ إتمام اتفاق هدنة لتبادل أسرى ورهائن بين «حماس» وإسرائيل «أمر ممكن» وستكون فوائده هائلة، مؤكداً أن واشنطن «ستواصل السعي إلى تحقيقه»، فيما أكد البيت الأبيض أن الولايات المتحدة لا تزال تؤيّد التوصّل إلى هدنة إنسانية مطوّلة في القطاع. ويصل مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة اليوم لعقد جولة جديدة من المحادثات حول اتفاق بوساطة قطرية.

وكان لافتاً كلام مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي حضّ خلاله حلفاء إسرائيل، خصوصاً الولايات المتحدة، على وقف تزويدها بالأسلحة في ظلّ مقتل «عدد كبير جدّاً من الأشخاص» في غزة، متسائلاً بخصوص ترتيب إسرائيل لإجلاء سكّان رفح: «سيتمّ إجلاؤهم إلى أين؟ إلى القمر؟ إلى أين سيجلون هؤلاء الناس؟». بالتزامن، قضت محكمة الاستئناف في لاهاي بأنه يتعيّن على هولندا وقف تسليم قطع غيار مقاتلات «أف 35» التي تستخدمها إسرائيل في القطاع.

توازياً، حذت لندن حذو واشنطن وفرضت وزارة الخارجية البريطانية عقوبات على 4 «مستوطنين متطرّفين» إسرائيليين «هاجموا بعنف» فلسطينيين في الضفة الغربية، فيما اعتبر وزير الخارجية ديفيد كاميرون أن «على إسرائيل اتخاذ إجراءات أكثر حزماً وأن تضع حدّاً لعنف المستوطنين».

إقليميّاً، أكد الاتحاد الأوروبي في قرار نشره في جريدته الرسمية أن أسطولاً أوروبّياً سيتحرّك في المنطقة الممتدّة من مضيق هرمز إلى باب المندب والبحر الأحمر في إطار عملية لضمان حرّية الملاحة، مؤكداً أن مهمّة الأسطول ستتمثل في حماية السفن التجارية من الاعتداءات المحتملة في نطاق القانون الدولي، في وقت زعم فيه المتمرّدون الحوثيون استهداف سفينة أميركية في البحر الأحمر، في أعقاب تقارير من وكالتَين بريطانيّتَين للأمن البحري بأنّ سفينة أبلغت عن استهدافها بصاروخين أثناء مرورها في مضيق باب المندب.