حبيب باشا

حزب الله ومعنى الوطنية الزائفة

12 تموز 2020

14 : 41

لم تعد التضحية من أجل الوطن موجودة في قاموس ميليشيا حزب الله، وبات الحس الوطني مجرد مبدأ قابل للتجزئة وللتوظيف حسب ما يمليه مسؤول التواصل مع الحزب في طهران.

إن الانتقائية والتلّون في التعاطي مع القضايا الوطنية للشعب اللبناني لا تتجانس على الإطلاق مع الصورة الذهنية التي يحاول زعيم ميليشيا حزب الله حسن نصرالله رسمها من خلال خطاباته الرنانة، والتي يكاد المرء أن يصدق محتواها ويتبع مغازيها لولا الواقع المرير الذي يعيشه المواطن اللبناني بمختلف انتماءاته السياسية أو الطائفية بما فيها منتسبي الحزب من إخواننا في الوطن والمغلوب على أمرهم.

لا يتوقف الخطاب الإعلامي للحزب، ولو لساعة، عن تذكيرنا بتضحياته في سبيل مقاومة الأعداء التي كلفتنا بناء الدولة وبنيتها لأكثر من مرة، ولكنه يتهرب من الوقوف للحظة عند الضرر الذي يسببه سلاحه المهترئ وغير الشرعي لكل المواطنين في لبنان.

لا نعلم ما الذي ينتظره قادة هذا الكيان المشوه والهجين للعودة إلى رشدهم، ومحاولة استيعاب هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها النظام السياسي والاقتصادي للدولة، ومتى ستتحرك إنسانيتهم لتشعر بمعاناة الآخرين الناجمة عن مغامراتهم البائسة.

ألم يحن الوقت لهذه الزمرة أن تفهم بأن أهم استحقاقات المرحلة هو التخلي عن سلاحهم غير المسؤول، والذي تُدفع فواتيره من دماء أبناء الوطن، أم علينا التخاطب مباشرة مع مسؤول التواصل مع الحزب المختبئ خلف مكتب منسي في إحدى حارات طهران المهملة.

لقد أصبح من المنطقي للمواطن اللبناني التساؤل: هل نحن أمام مشروع استعماري ينفذه ثلة من العملاء المتنفعين من عمالتهم للدول الأجنبية؟ أليس جلياً أن هنالك ظل اقتصاد مواز لاقتصاد الدولة الشرعي، يشاركه في المصادر والبنية والأدوات، مما يضاعف التكلفة مرات ومرات على جيب المواطن الذي بالكاد يوفر قوت عياله.

أليس من المنصف تقديم قادة هذا الحزب، وعلى رأسهم نصرالله للمحاكمة بتهمة الخيانة الوطنية؟ كما تفعل الدول في العالم الحر أو العالم المستبد، أما أننا نعيش في عالم آخر يصعب تحديد اتجاه الرياح فيه!!

منذ متى أصبح إنشاء دويلة على حساب الدولة الأم شرعياً؟ وبأي مشيئة يجرؤ مواطن على بناء قوة عسكرية واقتصادية وخدماتية لتمرير مصالح الدول الداعمة لتنظيمه على حساب مصالح وطنه. إن لم تكن هذه الأفعال خيانة عظمى وتمرد سافر على قانون الدولة ودستورها واستهزاء بغيض بكل العقود الاجتماعية والأعراف التي ربطت المجتمع اللبناني منذ استقلاله. فبماذا نسميها؟

إن التهم التي نوجهها لحزب الله ممثلاً بزعيمه ووكيل النظام الإيراني المقيم على أرضنا لا يمكن حصرها في مقالة واحدة، ولا حتى كتاب واحد، فكم من فصل يحتاج شرح حجم الرعب الذي بثته قرارات وسلوكيات الحزب الطائشة في نفوس اللبنانيين، وكم من عائلة دفنها الظلام والجوع والخوف لأيام بسببه!!

ألا يكفي إضعاف سلطة الدولة والتدخل في قراراتها لإدخال الحزب ومنتسبيه قفص الاتهام؟ ألا يكفي نشر الفوضى وتنظيم الجرائم على إيداعهم السجون!!

أليس من الوقاحة أن ينتصب العميل أمام الشاشات متشدقاً بالوطنية ويداه ملطختان بالدماء البريئة... وجيوبه ممتلئة بمال قذر جمعه من إفشاء أسرار بلده لدول أجنبية تارة، ومن تجارته بالممنوعات بأشكالها المختلفة تارة أخرى!!

لقد طفح الكيل بلبنان واللبنانيين وما زال الكيان الخبيث الجشع لم يشبع حروباً ومالاً وسلطةً، ولم ولن يرتوي دماً بعد أن أوصله سكوتنا عن الحق، مراحلاً متقدمة من إدمان الغطرسة على الآخرين، وبات مؤمناً بشرعية وجوده ومنطقية سلوكه وعدالة قضاياه.