ريتا ابراهيم فريد

Wine rally paper 2024... رسالة تجذّرٍ في أرض لبنان

19 شباط 2024

02 : 01

خلال إطلاق رالي النبيذ 2024

أُطلق Wine Rally Paper 2024 برعاية مدير عام وزارة الزراعة المهندس لويس لحود وبالتعاون مع المعهد الوطني للكرمة والنبيذ، بهدف تسليط الضوء على قطاع النبيذ اللبناني ومراحل إنتاجه، عبر «رالي» تتنافس فيه فرق شبابية تتنقّل على مدى ثمانية أشهر بين مناطق لبنانية مختلفة. «نداء الوطن» تواصلت مع الصحافي جوستان إسحق صاحب فكرة «رالي بايبر النبيذ» والمدير التنفيذي للمشروع، الذي شرح بشكل مفصّل أبعاده، مشدّداً على أهمية التجذّر والصمود في هذه الأرض.



هناك مهرجانات دائمة للتذوّق، لكنّها المرة الأولى التي يقام فيها «رالي للنبيذ». كيف استطعت أن تدمج بين فكرة «الرالي بايبر» والنبيذ؟

بحكم عملي في الصحافة والإعلام، لا بدّ من الإشارة الى أنّ الإعلاميين يقومون اليوم بإطلاق المبادرات. فالإعلام اللبناني تلقى ضربة قاسية إثر هيمنة مواقع التواصل الإجتماعي التي شكّلت منبراً إعلامياً لأيّ كان، بغضّ النظر إذا كان بالفعل صحافياً أم لا. كما أنّ هناك كمّاً هائلاً من المعلومات باتت بمتناول الجميع، بغضّ النظر عن دقّتها. أقول ذلك لأنّني كنتُ أشارك دوماً بتنظيم «الرالي بايبر» أثناء دراستي الجامعية حيث كنا نبحث عن المعرفة بطرق مختلفة. إضافة الى أنني شاركتُ في إعداد وتصوير عدد من الوثائقيات حول النبيذ، الذي لطالما أبديتُ اهتماماً بكل المعلومات حوله. فالنبيذ هو ثقافة بحدّ ذاته. من هُنا خلقنا هذه التوليفة التي تشمل العودة الى الأساليب القديمة في طلب المعرفة والحصول على المعلومات الدقيقة عبر «الرالي بايبر». فهذه العودة الى الماضي في جماليّتها تشبه الى حدّ كبير النبيذ المعتّق.

إذاً من خلال هذها النشاط، نقول للشباب إنه ليس من الضروري أن تقودوا السيارة بسرعة، بل الهدف هو حلّ الألغاز بسرعة للفوز باللقب. إضافة الى تسليط الضوء على أهمية قطاع النبيذ، لا سيما أنّنا نشهد ارتفاعاً في عدد المنتجين الشباب للنبيذ في لبنان.

من أسرار النبيذ الى القصة التي تقف خلف كل زجاجة، هناك تحدّيات ومسابقات وحلّ ألغاز. ماذا يختبر المشاركون في هذه المسابقة؟

النبيذ اللبناني تبدأ قصّته مع حبّة التراب، ثم تنتقل الى البيئة والمناخ. مع التشديد على أنّ هناك أبعاداً متنوعّة للمشروع، فهناك هدف زراعي لأنّ المشترك سيختبر كيف تعيش الكرمة، والفرق بين الكروم الموجودة في البقاع وبين تلك الموجودة في جبيل أو بشرّي مثلاً. سيتعرّف الى الفرق بين ألوان الأتربة وكيف ينعكس ذلك على نوعية النبيذ بالتزامن مع أسلوب تخميره. هناك الهدف الثقافي أيضاً، فرحلة النبيذ بدأت من لبنان مع الفينيقيين الذين صدّروه الى العالم، وهذا يظهر من خلال خوابي النبيذ التي نراها في الأماكن الأثرية. إضافة الى مسألة الإقتران الغذائي التي تتمحور حول نوع النبيذ الذي يقّدم بحسب نوع الطعام. من دون أن ننسى الهدف الإجتماعي، فهناك ما لا يقلّ عن 250 شاباً وصبية من مختلف المناطق اللبنانية، سيتفاعلون ويسيرون سوياً خلال الرالي. هذا التبادل الإجتماعي مهمّ جداً. وهناك أيضاً هدف إقتصادي وسياحي يكمن في تسليط الضوء على أهمية وجودة النبيذ المحلي.

وصفتَ النبيذ بأنه «نفط لبنان الأحمر». برأيك كيف يمكن لهذا النفط أن يصنع فرقاً في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة؟

النبيذ الوطني أعطى في مكانٍ ما هوية للبنان. فحين نتذوّقه في الخارج، ندرك تلقائياً أنّ هذا المنتج لبناني. وحيث أنّ مذاقه مميّز وجودته عالية، فهو يدرّ مردوداً كبيراً خلال تسويقه في العالم. هُنا لا بدّ من الإشارة الى أنّ عدد المنتجين اللبنانيين للنبيذ لم يكن يتجاوز الـ7 في العام 2000. أما اليوم فهناك أكثر من 52 منتجاً، بحسب ما أخبرني الأستاذ ظافر شاوي رئيس المعهد الوطني للكرمة والنبيذ. بالعودة الى مسألة النفط الذي ننتظر التنقيب عنه في البحر، والى جانب البحث عن الثروات الطبيعية تحت الأرض، هناك ثروات فوق الأرض يمكننا تعزيزها كي تكون بالفعل نفط لبنان الأحمر، الذي بإمكانه تأمين العملة الصعبة للبنان. فالنبيذ اللبناني بات منتشراً في مختلف أنحاء العالم، لأنّ جودته تضاهي الجودة العالمية، وهذا بالفعل يشرّفنا.

يمتدّ الرالي من 29 شباط حتى 28 أيلول 2024. كيف ستجولون بين المناطق؟

سيكون هناك Route du vin، أي طريق النبيذ التي نتنقّل فيها بين مختلف المناطق اللبنانية، على أن نزور منطقة في كلّ شهر. مثلاً، حين يكون طريقنا الى جزين - مرجعيون، يتّجه كلّ المشتركين الى الجنوب كي يعاينوا الخمّارات الموجودة في هذه المناطق. بعد شهر، سنزور المتن مثلاً، وسيتّجه الجميع الى هناك. وبعد شهر نزور منطقة أخرى، علماً أنّ المشروع سيجول بين كلّ المناطق اللبنانية.

التحضيرات لهذا الحدث الضخم استغرقت وقتاً. كيف اتخذتم قرار المضيّ في المشروع رغم القلق نتيجة الأحداث الأمنية والتخوّف من اندلاع حرب واسعة؟

بالفعل، التحضيرات استغرقت حوالي 6 أشهر. وحين وقّعنا مع وزارة الزراعة وأنهينا الإجراءات اللازمة، وقبل إطلاقنا للمشروع بثلاثة أيام، بدأت أحداث غزة، فتوقّف. عشنا أوقاتاً صعبة جداً طوال هذه الفترة وصراعاً كبيراً. لكن كون المشروع لا يقتصر على يوم واحد بل يمتدّ على مدى أشهر، أعدنا إطلاقه منذ أسبوعين، في ظلّ إيماننا بأنّ الحياة يجب أن تستمرّ طالما أننا ما زلنا نتنفّس. كما نسعى لكي يكون هذا الحدث سنوياً. فالأرض هي الأمل، ولولا ثقة المزارع بأرضه لتوقّف عن الإهتمام بها حين يلمح فيها يباساً.


كيف يمكن لهذا الحدث أن يكون بحدّ ذاته رسالة صمود وتجذّر في هذه الأرض؟


حين يقوم الشباب اللبناني بزيارة مناطق لم يزوروها في السابق، ويعاينون الكروم والتربة عن قرب ويختبرون التطبيق العملي لصناعة النبيذ، سيعيدون تشكيل نظرتهم لأمور كثيرة بطريقة مختلفة. سيحترمون الكرّامين أكثر، وسيعشقون الأرض أكثر. وهذا يزرع في نفوسهم روح التجذّر، تماماً كما تُزرع الحبوب في الأرض. من دون أن ننسى أنّهم يختبرون ذلك من خلال مسابقات وتسلية وجوائز.



الصحافي جوستان إسحق



MISS 3