جاد حداد

The Old Guard... مغامرات مميّزة لفريق من الأبطال الخارقين

15 تموز 2020

02 : 00

تقدّم المخرجة جينا برينس بايذيوود فيلمها The Old Guard (الحرس القديم) عن مجموعة من الأبطال الخارقين بأسلوبها الخاص. هي معروفة بأفلام مثل Love and Basketball (الحب وكرة السلة) وThe Secret Life of Bees (حياة النحل السرية) وBeyond the Light (ما وراء الأضواء)، لكنّ فيلمها الجديد يُعرَض على شبكة "نتفلكس". يشمل العمل مشاهد حيث تغرق الشخصيات في مشاعرها، وتدعو المخرجة المشاهدين إلى الغوص في تلك التجارب المؤثرة. هذه الشخصيات عميقة لأنها نتاج حياة امتدت على مئات أو حتى آلاف السنين. تُركّز الكاميرا في لحظات كثيرة على وجوه أبطال القصة حين يفكرون بحجم حزنهم عند خسارة المقربين منهم أو يسترجعون الذكريات. يطيل الفيلم التركيز على هذه اللحظات ويعطي الأهمية نفسها للشخصيات وعواطفها ومشاهد الحركة.

"أندي" (تشارليز ثيرون) هي أكبر عضو في فريق مؤلف من أشخاص خالدين. يعرض المشهد الأول لقطة من المستقبل حيث تظهر جثثهم المليئة بالرصاص. بعد وقت قصير، نشاهدهم وهم ينهضون بعد شفائهم بالكامل رغم تعرّضهم لإطلاق النار، فيقذفون الرصاص الذي اخترق وجوههم فيما يسحقون خصومهم. هذا الفريق الرباعي يوشك على استقبال عضو خامس: إنها "نيل" (كيكي لاين)، جندية في سلاح البحرية الأميركية كانت تؤدي خدمتها في أفغانستان، فيُشفى عنقها المذبوح من تلقاء نفسه فجأةً. لكنها تشاهد كوابيس عن أعضاء آخرين في فريقها. يخبرها "بوكر" (ماتياس شوناترس) بأن هذه الرؤى لها طابع نفسي ولن تختفي ما لم يلتقِ جميع أعضاء الفريق مجدداً. حتى ظهور "نيل"، كان "بوكر" أصغر عضو في فريق "الحرس" وقد انضم إليه في العام 1812.





بعدما كشف فيلم Mad Max: Fury Road (ماد ماكس: طريق الغضب) عن قدرة ثيرون على تطويع مهاراتها التمثيلية التي أكسبتها جائزة أوسكار وتسخيرها لأداء دور محاربة شرسة تستطيع مواجهة أقوى الأعداء، جاء The Old Guard ليعرض أمامنا مشهد قتال مدهش بين "نيل" و"أندي". تثبت المرأتان مهاراتهما في ساحة المعركة وتشاهد "أندي" حجم القدرات الشفائية لدى "نيل". بين تسريحة "نيل" وضفائرها الطبيعية الطويلة وتسريحة "أندي" القصيرة، تبدو معركتهما أشبه بمحاولة انتقامية غير مقصودة من الفيديوات الغاضبة التي يتم تداولها اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي. لكن كان اختيار مجموعة متنوعة من الشخصيات الخالدة مقصوداً في المقابل، ويتّضح هذا التنوع في لقطات الماضي وفي الإطار الزمني الحاضر. يجسّد ممثلون من انتماءات عرقية مختلفة هذه الشخصيات، لكننا لن نشعر في أي لحظة بأن هذا الاختيار في غير محله.

يسلّط الفيلم الضوء على النواحي الإنسانية في شخصيات أبطاله، كما أنه يستعمل نزعة المخرجة إلى عرض مشاهد ميلودرامية كبرى في مراحل عدة من القصة. يُفترض ألا تتماشى هذه المشاهد مع منحى العمل ككل، لكنها تعطي مفعولاً مدهشاً. تحصل اللحظة الميلودرامية هذه المرة بين رفيقَي "أندي": "نيكولو" (لوكا مارينيلي) و"جو" (مروان كنزاري). لم يفترق الرجلان منذ مئات السنين لأنهما خالدان.

اقتبس الكاتب غريغ روكا العمل من رواية مصوّرة كتبها مع لياندرو فيرنانديز، وهو يستعمل جميع الجوانب المألوفة في هذا النوع من الأعمال. ثمة استثناء واضح في قاعدة الخلود، وهو يظهر في شخصية مُساعِد البطل الشرير (شيويتل إيجيوفور) الذي يحمل قصة حزينة جداً تُعذّب "أندي" وتشمل الخيانة ومهمة إنقاذية ومشهداً يوضح تتمة القصة. لكن يدعم روكا وبرينس بايذيوود هذه الجوانب المألوفة دوماً عبر إبراز قدرة الممثلين على تجسيد قوة الترابط بين مختلف الشخصيات. في عدد من المشاهد، يكتفي الناس بالتكلم مع بعضهم للكشف عن الحقائق أو تطوير مسار القصة. يسهل أن نشعر بأننا نعرف تلك الشخصيات عن قرب بعد هذا النوع من الأحداث. وعندما يحين وقت مشاهد التعذيب في منتصف الفيلم، سنشعر بالقلق على سلامة أبطال القصة.

يشمل The Old Guard مشاهد درامية أكثر من معظم أفلام الأبطال الخارقين، لكنه لا يخلو من مظاهر العنف المتقنة والتقليدية. صُوّرت مشاهد القتال بدقة عالية ويسمح المونتاج بعرض تفاصيل المجازر بأعلى درجات الإتقان بفضل مديرة المونتاج تيريلين أ. شروبشاير التي اعتادت على التعاون مع برينس بايذيوود. شروبشاير هي الخيار المفضّل لدى عدد كبير من المخرجين، على غرار كاسي ليمونز، ويتّضح في الحلقة الأولى من مسلسل When They See Us (حين يروننا) للمخرجة آفا دوفيرناي أنها تجيد التنقل بين الدراما المؤثرة ومشاهد الحركة المكثفة وتبرع في الحفاظ على التوازن المطلوب في سرعة عرض المشاهد. على صعيد آخر، يقدم مديرا التصوير باري أكرويد وتامي رايكر أداءً ممتازاً أيضاً، وتبدو المشاهد التي يصوّرانها ليلاً وداخل الغرف واضحة بقدر المشاهد الخارجية الساطعة في فرنسا والصحراء.

أخيراً، يتميز الفيلم عن غيره من الأعمال الخيالية لأنه لا يشمل الجوانب الصارمة التي يفرضها المعجبون في حالات كثيرة على إنتاجات "مارفل" و"دي سي كومكس". نتيجةً لذلك، قد لا يحصد العمل الانتباه الذي يستحقه. في مطلق الأحوال، يبقى الفيلم نموذجاً ممتازاً عن المنحى المختلف الذي يمكن أن يتخذه هذا النوع من الأعمال، على أمل أن يخضع للدراسة وتتأثر به الأفلام الرائجة التي تتكل على ميزانية ضخمة.